«تشرين» تنشر أخطاء الانتخابات السابقة ليتعظ بها مرشحو اليوم
«تلاعب وغش وتزوير، الاقتراع أكثر من مرّة، الاقتراع عن الأموات، عرقلة حرية الناخبين، عدم استعمال الغرفة السريّة..».
لم تكد نتائج انتخابات مجلس الشعب في دورته السابقة تُعلن، حتى انهالت الطعون من عدد من المرشحين، الذين اعتبروا أن رسوبهم في الانتخابات، جاء بسبب من: «اللجان الانتخابية أو من مرشّحين منافسين»و لقد كانت الكلمات التي استفتحنا بها، نقلاً حرفياً عن بعض مبررات بعض الطعون المقدمة إلى المحكمة الدستورية ولجنة الطعون في مجلس الشعب.
لأول مرة ينشر مسحاً لهذه الطعون، بتفاصيله، مع مناقشة جوانب ما نسميه (أخطاء الانتخابات( مع بعض الأطراف المعنية، لتكون كدليل للمرشحين الجدد:
- (27)اعتراضاً قدم في مختلف المحافظات، قبلت منها المحكمة الدستورية اثنان: )في إدلب والقنيطرة( وأسقطت العضوية عن فائزين اثنين في الانتخابات، وطالبت بإعادتها مع منافسيهم. فيما لم تقبل لجنة الطعون أياً من هذه الاعتراضات.
على أن الطعون الأخرى لم تكن مرفوضة كلية، وإنما كان العديد منها مرفوضاً "ربما لأسباب شكلية، تتعلّق بمدى استكمال عناصر الطعن أو توجيهه ضد شخص بعينه" كما يقول المحامي الدكتور محمد الحلاق ـ عضو لجنة الطعون في تصريح لتشرين، وكان رئيس اللجنة الدكتور فيصل كلثوم، قد أوضح هذه النقطة، حين أشار أثناء مناقشة الطعون السابقة، إلى أن «المادة 62 من الدستور والمادة 29 من النظام الداخلي لمجلس الشعب، تطلب أن يكون الطعن موجهاً ضدّ مرشح منافس بعينه»و كان رئيس اللجنة يعلّق على رفض المحكمة الدستورية عدداً من الطعون، لأنها كانت موجهة للجنة الانتخابية أو للمحافظ أو لجهات أخرى".
ويقول العميد حسن الجلالي معاون وزير الداخلية للشؤون المدنية: «في الحالات التي يشك فيها المرشّح أو مندوبه بتدخّل من أية سلطة أو جهة، فعليه مراجعة اللجنة المركزية العليا للانتخابات في محافظته على الفور، لأن الانتظار إلى ما بعد صدور النتائج، قد يفوّت فرصة وضع اليد على الخطأ حال وقوعه»
- ولدى الرجوع إلى سجلات الطعون يتبيّن أن: محافظة حمص تصدّرت المحافظات الأخرى في أكبر عدد من الطعون، فقد كانت ((8)طعون، تلتها طرطوس ((6)طعون، ثم حماة (4)تلتها القنيطرة ((2)فيما تساوت محافظات: دمشق، ريف دمشق، اللاذقية، السويداء، إدلب، درعا، ريف حلب، لكل منها طعن واحد، لتبقى فقط محافظتا دير الزور والحسكة، خاليتين من أية اعتراضات أو طعون.
مدير المجالس المحلية في وزارة الإدارة المحلية خالد كامل، واثق من أنّ «التعديلات التي طرأت على قانون الانتخابات هذا العام والتعليمات التنفيذية الناتجة عنها، ستفرض صرامة وشفافية في آن معاً هذا العام»، وهي ـ برأيه ـ ستجعل كل محافظ مسؤولاً عن تطبيقها في محافظته بصفته رئيساً للجنة المركزية للانتخابات لأنه سيكون مسؤولاً".
ويشرح هذه المسؤولية العميد الجلالي، بأنها تعني أن «كل محافظ مسؤول عن ضبط الأمور ضمن محافظة وتسييرها ضمن المعايير التي نصّ عليها القانون»، ويضيف: «نحن في وزارة الداخلية، هيأنا كل الظروف لنجاح هذه العملية الانتخابية، فقد قدمنا كل ما يلزم من صناديق وستائر للغرف السريّة، كما سرّعنا عملية التواصل مع كل محافظة لتلبية احتياجاتهم...وفي النهاية، يعلم الجميع أن القوانين ستحاسب اللجان المسيئة للانتخابات، كما ستحاسب الناخبين والمرشحين المتلاعبين».
- الطعن الأول الذي أخذت به المحكمة الدستورية، كان في إدلب: حيث أعلن المحافظ الذي كان رئيساً للجنة الانتخابية أسماء الفائزين والأصوات التي حصل عليها كل مرشّح. وفوجئ أحد الفائزين بعد أن تلقى برقية المحافظ، بأن اسمه استبدل بآخر، بعد «حصول تلاعب..وإهمال اعتراض الطاعن من قبل السيد المحافظ..المطعون ضده عضو في المكتب التنفيذي للمحافظة»كما ورد في مبررات الطعن.
المحكمة الدستورية بدورها، «استجوبت المعنيين بالأمر»كما ذكرت، واكتشفت بعد التحقيق أنّ: «ضبوط ومحاضر اللجان الانتخابية، لم تكن محفوظة في مكان أمين، ولم تكن مشمعة ومختومة في مغلفاتها ما سهّل فتحها والاطلاع عليها دون معرفة اللجنة». كذلك، فقد أثبت التحقيق أن «البطاقات الانتخابية، نقلت من صناديقها إلى أكياس فارغة، دون معرفة اللجان المختصة»إضافة إلى ذلك، فقد كشف التحقيق أنّ اللجنة المركزية في المحافظة، أصدرت محضراً لاحقاً رغم انتهاء صلاحيتها". لجنة الطعون اعتبرت ما حصل «خطأ شكلياً ومادياً، لا يرقى إلى إبطال عضوية المطعون ضده، وأنّ هذا الخطأ هو من الأخطاء الإدارية غير المقصودة». وقد كان الخطأ ـ بحسب اللجنة وتأييد الأعضاء ـ هو أنّ موظف الكمبيوتر لقّن الجهاز أحد الأرقام خطأ، فبدلاً من أن يلقنه الرقم (4162) أعطاه (462).
- «مخالفة قانون الانتخاب المتضمن أن أبناء محافظة القنيطرة، هم حصراً من يحق لهم الاقتراع لمرشحي محافظتهم، وعد جواز استقدام مقترعين من خارج المحافظة للاقتراع في صناديق محافظة القنيطرة، وهذا ما تمّت مخالفته في (26)مركزاً انتخابياً». كان هذا أول سبب من أسباب اعتراض أحد المرشحين ضد مرشّح آخر.
كما جاء في الطعن ذاته «إقدام بعض المقترعين على الاقتراع أكثر من مرّة لمصلحة المطعون ضده، وكذلك عدم تسجيل عدد كبير من الأصوات للطاعن في صندوق المدرسة الإعدادية..».
المحكمة الدستورية قبلت هذا الطعن شكلاً ومضموناً، وقررت إلغاء نتيجة انتخاب العضو المطعون ضده، حيث راجعت المحكمة سجلات الاقتراع لعدد من المراكز الانتخابية في القنيطرة، فوجدت في خمسة مراكز أنّ: «عدداً كبيراً من أبناء محافظات دمشق وريف دمشق وحمص وحماه والحسكة واللاذقية ودرعا، انتخبوا مرشحي محافظة القنيطرة..». كما جاء في قرار المحكمة الدستورية.
لجنة الطعون كما سبق وذكرنا، لم تأخذ بقرار المحكمة الدستورية، بعد استئناس العديد من الآراء التي أشارت إلى أنّ «النازحين من محافظة القنيطرة، حصلوا على بطاقات انتخابية من الأماكن التي يقيمون فيها، ولم يدوّن في هذه البطاقة، أن القيد المدني للمقترع هو محافظة القنيطرة، كما أنّ المطعون ضده لم يثبت أنّه جلب أو أحضر أي مقترع من خارج المحافظة لانتخابه، كما أن الصناديق الخمسة المذكورة لا تشكّل ترجيحاً في فوز أو عدم فوز الطاعن باعتبارها تشكّل نسبة ضئيلة». وهكذا انتهت اللجنة إلى رفض الطعن مخالفة بذلك رأي المحكمة الدستورية.
و «لقد كان مأمولاً في هذه الدورة ـ يقول أحد مرشحي القنيطرة ـ أن تؤدي هذه القضيّة إلى صدور توضيحات محددة، تزيل الالتباس بشأن أبناء المحافظة الذين حصلوا على بطاقات من محافظات ثانية، وكيفية تمييزهم عن أبناء هذه المحافظات..».
حمص: ضد ((39)عضواً حمص، سجّلت ثمانية طعون ضد (39)عضواً فائزاً في مجلس الشعب، وقد كانت أهم الأسباب الواردة في تلك الطعون: «تمديد الانتخابات من قبل المحافظ خلافاً للقانون..جمع البطاقات من الريف والمدينة والاقتراع بها بالجملة لصالح المطعون ضدهم...جمع صور طلاب من المعاهد والجامعات، لإصدار بطاقات لهم من قبل اتحاد الشبيبة، الأمر الذي لم يحصل وحال دون انتخاب أي منهم..إصدار تعميم بمقاطعة بعض المرشحين والعمل على إسقاطهم..جلب لوائح اسمية من النفوس والاقتراع بها، عدم المساواة والحياد وبالدعاية الانتخابية، حرمان أكثر من 6000 طالب جامعي حق الانتخاب...».
ولم تجد المحكمة الدستورية واللجنة، ما يثبت الادعاءات المخالفة، فقبلت الطعن شكلاً ورفضته مضموناً.
ويقول العميد حسن الجلالي معاون وزير الداخلية معلقاً: "الفرصة متاحة الآن وأثناء العملية الانتخابية، لتلافي مشكلة البطاقة الانتخابية، حيث ستكون متاحة بسهولة ويسر وبشكل فوري لكل من يراجع دائرة نفوسه«. كذلك فإن العميد الجلالي، يؤكد أن استخدام الحبر السرّي لإثبات بصمة كل ناخب، سيحول هذا العام دون الانتخاب عن الآخرين، مهما كانت صلة القرابة معهم».
-أما ما اشتكى منه بعض الطاعنين، من «عدم المساواة في الدعاية الانتخابية»فإن أقدم رجال الأعمال في مجلس الشعب بهاء الدين حسن، يوضح أن «مرسوم تعديل القانون الانتخابي، بتحديد سقف للدعاية الانتخابية لا يتجاوز ثلاثة ملايين ليرة سورية، سيكون حلاً حقيقياً لهذه المشكلة» مضيفاً: وهذا إجراء ناجح طبقته العديد من دول العالم، لضبط الدعاية الانتخابية وإن كان عضو لجنة الطعون الدكتور محمد الحلاق، يشكك في أن بعض أصحاب المال، قد يتلاعبون بفواتير الدعاية الانتخابية كما يتلاعبون بفواتير الضرائب..».
طرطوس: ضد اللجنة في طرطوس ((6)طعون، ضد ((2)من الأعضاء الفائزين وكذلك ضد لجنة الانتخابات برئاسة المحافظ. وكانت أهم أسباب الطعون: «تم التشهير ببعض المرشحين، عدم استعمال الغرفة السرية، عرقلة حرية الناخبين بالطلب منهم فتح ورقة الاقتراع قبل طيها، تجميع بطاقات للغير والتصويت بموجبها في مراكز مختلفة، ترقيم مغلفات بعض المراكز لمعرفة اسم صاحب كل ورقة مخالفة للتوجيه، عدم حياد اللجنة، تلف الأوراق الانتخابية في بعض المراكز، تم التصويت ببطاقات تعود لأشخاص خارج القطر وآخرين متوفين، لم يسمح لوكلاء الطاعن بحضور عمليات الفرز، عمل الحاسوب لم يكن دقيقاً..".
أقرت المحكمة الدستورية ولجنة الطعون: «أحقية أي حزب أو مؤسسة سياسية، أن توجّه أعضاءها لانتخاب من تشاء وأن تحجبها عمن تشاء، طبقاً لتوجهاتها السياسية. وليس في ذلك مخالفة لقانون الانتخابات»فيما لم تر كلاهما ما يثبت الشكاوى الأخرى.
- "إخبار وكلاء الطاعن بأن نسبة الانتخاب لصالحه أكثر من النتيجة التي ظهرت بعد الفرز، اللجنة تواطأت مع المرشحين فلان وفلان، هناك عملية تزوير، وقد تقدم الطاعن بطلب إعادة الفرز ولم يستجب لطلبه". هذه بعض مبررات الطعون الأربعة في محافظة حماه.
واللافت في طعون حماة، أنّ المحكمة الدستورية ولجنة الطعون، رفضتها دون التحقيق في تفاصيلها. بسبب خطأ ارتكبه المشتكون الذين لم يوجهوا طعونهم ضد مرشح فائز في الانتخابات، بل وجهوها ضد اللجنة الانتخابية، كما جاء في مبررات المحكمة ولجنة الطعون.
و «من هذا الدرس، ينبغي أن يتعلّم كل مرشح شروط وأصول الطعن في الخصم المنافس، لأنه قد يفوّت فرصة استرجاع حقّه، بسبب خطأ شكلي من هذا القبيل» بحسب ما يوضح المحامي الدكتور محمد الحلاق ـ عضو لجنة الطعون.
- في دمشق، طعن واحد ضد محافظ دمشق، بسبب « خلل مطبعي في طباعة القوائم، طلب إعادة الفرز...».
في ريف دمشق اعترض أحد المرشحين مؤكداً: «وجود تلاعب وغش وتزوير من المشرفين على الاقتراع، لصالح بعض المرشحين المستقلين..».
في الرقة، اعتراض واحد ادعى وجود: «تلاعب وتزوير من قبل بعض المرشحين المستقلين، بحصولهم على آلاف البطاقات الانتخابية واستخدامها، وجود أسماء ناخبين متوفين ومنهم خارج القطر..».
ـ السويداء، مرشح طعن بـ«عدم وجود غرفة سرية، منع بعض اللجان لممثلي بعض المرشحين من حضور ومراقبة عمليات الفرز، أحد الصناديق غير مختوم بالشمع الأحمر...».
ـ درعا، أحد المرشحين طعن في شرعية منافسه بسبب: «الاقتراع لصالح المطعون ضده ببطاقات دون حضور أصحابها، الاقتراع أكثر من مرّة، طرد مندوب الطاعن وجرى تزوير، وجود تناقض بين عدد الأصوات وشاشة الكمبيوتر..».
اللاذقية، وجّه أحد المرشحين طعنه ضد وزير الداخلية والمحافظ، لوجود مخالفات لم يسمها، ولذلك لم تأخذ بها كلا الجهتين.
في ريف حلب طعن مرشّح بآخر، بأن ترشيح منافسه مخالف للقانون بسبب «عدم إجادته القراءة والكتابة» وأن «عملية الاستكتاب ـ أي فحص القراءة والكتابة ـ كان شكلياً من قبل اللجنة».
- أقسم رئيس لجنة الطعون حينها فيصل كلثوم بشرفه، أن اللجنة كانت جديّة في إلغاء عضوية من تثبت مخالفتهم، وذلك «لنؤسس لحالة جديدة»حسب قوله، وقد كانت اللجنة ـ قال ـ عازمة على تأييد كل ما تراه المحكمة الدستورية لولا بعض الخلافات القانونية.
لكن هل هنالك ما يمنع من أن تسقط عضوية أي مرشّح، يثبت تورطه من المرشحين؟ يجيب عضو لجنة الطعون محمد الحلاق: «بالتأكيد لا. و أعتقد من خلال عملي في اللجنة أن الطعون تؤخذ كلها على محمل الجد، لكنها تحتاج لإجراءات قانونية صحيحة وإثباتات».
بدوره معاون وزير الداخلية العميد حسن الجلالي، يؤكّد أن الإجراءات الرسمية تزداد يوماً بعد يوم لضمان الشفافية في العملية الانتخابية، ويضيف: «وبالتوازي فإن العقوبات ستكون صارمة لكل من يخترقها أو يساهم في ذلك».
الطعون حسب المحافظات ـ دورة مجلس الشعب الثامنة
المحافظة عدد الطعون ضد
حمص (8) 39عضواً منافساً
طرطوس (6) عضوان+ اللجنة الانتخابية
حماة (4) اللجنة الانتخابية
القنيطرة (2) مرشحان منافسان
دمشق (1) محافظ دمشق
ريف دمشق (1)لا يوجد
اللاذقية (1)وزير الداخلية+اللجنة الانتخابية
السويداء (1)مرشح منافس
إدلب (1)مرشح منافس
درعا (1)مرشح منافس
ريف حلب (1) مرشح منافس
دير الزور لا يوجد
الحسكة لا يوجد
المجموع 27
حمود المحمود
المصدر: تشرين
إضافة تعليق جديد