«الحرب السورية» تستبيح كل لبنان، البقاع الشمالي بعد صيدا وبيروت والضاحية وطرابلس
غداة الاعتداء المزدوج على الجيش اللبناني في صيدا، ضرب الإرهاب المتنقل في البقاع هذه المرة، في رسالة واضحة بأن شظايا الأزمة السورية بدأت تصيب كل الجغرافيا اللبنانية، لا سيما أن ما حصل في البقاع الشمالي سبقته مجموعة اعتداءات شملت الضاحية الجنوبية وطرابلس والسفارة الإيرانية في بيروت والهرمل وصيدا حتى يكاد البلد من أقصاه الى أقصاه يتحول الى «ساحة جهاد»، لا تميز في أهدافها بين المدنيين والجيش اللبناني و«حزب الله».
ويؤشر تلاحق العمليات الإرهابية وتوزعها الجغرافي خلال الأيام القليلة الماضية الى أن المجموعات التكفيرية والمتطرفة، بمسمّياتها المتعددة، آخذة في تصعيد اعتداءاتها وتنويع أساليبها التي تتوزع بين السيارات المفخخة والعمليات الانتحارية والقصف الصاروخي، ما يستدعي تفعيل التدابير الاحترازية وتنشيط الأمن الوقائي من قبل الجيش والأجهزة الأمنية لمواجهة هذه الموجة من العنف، أو أقله للحد من امتداداتها وتداعياتها.
ولا يمكن بطبيعة الحال تجاهل أثر الانكشاف السياسي على الواقع الأمني الذي يزداد اهتراءً وتحللاً، بفعل الصراع الداخلي المحتدم والفراغ المؤسساتي المتمادي، ما يشكل بيئة مثالية لكل أنواع الفوضى.
ولعل «التكفير السياسي» المتبادل بين الأطراف الداخلية هو أسوأ رد على التهديدات الأمنية الناتجة من نشاط القوى التكفيرية التي تستفيد من مناخ التحريض السياسي والاحتقان المذهبي للتمدد في العمق اللبناني واستقطاب المزيد من المتعاطفين ــ الضحايا.
وفي جديد الإرهاب الجوال، تفجير سيارة مفخخة في محيط اللبوة في البقاع الشمالي استهدف نقطة تبديل لعناصر من «حزب الله»، وقصف الهرمل بستة صواريخ أصاب أحدها ثكنة للجيش اللبناني.
ووفق المعلومات، رُكنت ليل أمس الأول سيارة مفخخة بكمية من المتفجرات تزن ما بين 60 و80 كيلوغراماً، على مقربة من نقطة تبديل لمقاتلي حزب الله تقع في منطقة خالية من السكان، على الطريق المؤدية الى بلدة صبوبا.
وعند الثالثة فجر الاثنين - الثلاثاء ولدى اقتراب ثماني سيارات تابعة للحزب من المكان، اشتبه العناصر الذين يستقلون السيارات الأمامية بوجود سيارة مشبوهة متوقفة الى جانب الطريق الترابية، على مسافة نحو ثلاثة كيلومترات من مركز التبديل، فطلبوا من رفاقهم في الموكب التمهل وعدم استكمال المسير، وفي هذه اللحظة جرى تفجير السيارة المفخخة عن بُعد ما أدى الى إصابة عدد من عناصر الحزب بجروح، أحدهم بحالة الخطر.
وتبيّن أن السيارة المفخخة هي من نوع «كيا» رباعية الدفع كانت قد سُرقت من منطقة برج حمود سابقاً، وتم الإبلاغ عنها.
ولاحقا، تبنّت مجموعة تحمل اسم «أبناء كتائب جيش التوحيد» الاعتداء.
وقالت مصادر أمنية واسعة الاطلاع لـ«السفير» إن النقطة المستهدفة لا تتضمن أي مواقع حراسة أو انتشار عسكري للحزب، بل هي مجرد بقعة جغرافية يتم فيها التبديل بين العناصر، وبعد إتمام المهمة يصبح المكان خالياً من أي وجود للحزب.
ورجحت المصادر أن يكون التحكم بالتفجير قد تم من مشارف بلدة عرسال القريبة، مشيرة الى أن المنطقة التي شهدت الحادث جردية ومكشوفة.
وأفادت المصادر أن هناك فرضيتين لآلية تفجير السيارة المفخخة، الأولى، استخدام جهاز التفجير عن بُعد، والثانية الاتصال بخط خلوي مثبت بالعبوة الناسفة.
واعتبرت المصادر أن «الخرق» الذي يمكن أن يكون قد حصل، يتمثل في تمكن المخططين للاعتداء من اكتشاف نقطة التبديل العائدة للحزب ومراقبتها، لافتة الانتباه الى أن ما جرى يعكس تطوراً في الصراع الأمني، يستدعي المزيد من الإجراءات المضادة.
وأكدت المصادر أن المجموعات التكفيرية السورية هي المسؤولة عن هجوم اللبوة، سواء استعانت بأدوات لبنانية أم لا.
وفي سياق متصل، استأنفت مجموعات المعارضة السورية المتمركزة في جرود السلسلة الشرقية استهداف منطقة الهرمل التي سقطت عليها 6 صواريخ من طراز «غراد»، بعد توقف دام حوالي الشهرين.
وقد سقط الصاروخ الأول داخل سور ثكنة الجيش اللبناني في شارع الدورة، ما أدى إلى إصابة عسكريين بجروح طفيفة. أما الصاروخ الثاني، فسقط في ساحة سرايا الهرمل الحكومية بالقرب من أحد المقاهي وأسفر عن إصابة مواطن بجروح طفيفة، إضافة الى بعض الأضرار المادية. فيما سقطت الصواريخ الأربعة الاخرى في خراج المدينة قرب منطقة رأس المال.
وأعلنت «سرايا مروان حديد» و«جبهة النصرة في لبنان» عن استهداف «معاقل حزب إيران في منطقة الهرمل بعشرة صواريخ غراد، ردا على دخول الحزب الإيراني الى سوريا واستمرار قتل واعتقال الشباب السنّي في لبنان».
أما على صعيد آخر المستجدات المتعلقة بالهجوم المزدوج على الجيش في صيدا، فقد قال مصدر أمني رفيع المستوى لـ«السفير» إن الإرهابيين كانوا يخططون لتنفيذ عمل إجرامي في المنطقة، وفق المعلومات التي توافرت للجيش والتي تقاطعت مع معطيات أخرى كانت بحوزته منذ مدة، وتفيد أن الجهات التكفيرية تعد للقيام بأعمال إرهابية في منطقة صيدا، تستهدف بالدرجة الاولى الجيش.
ورجح المصدر أن يكون الشخص المسلح الذي قُتل عند حاجز الأولي غير لبناني، وقد عُثر معه على دولارات وعملة سورية، ما يؤشر الى احتمال ان يكون قد أتى تهريباً من سوريا الى لبنان.
وأفادت بعض المعلومات ان الشخص الرابع المجهول الهوية الذي قُتل على حاجز الجيش يدعى أبو أيوب البغدادي، وينتمي الى تنظيم القاعدة.
وعلى مقربة من صيدا، يثير الوضع في مخيم عين الحلوة قلقاً متفاقماً، في ظل اتساع الخلايا الأصولية المسلحة، علماً أن مراجع أمنية مطلعة حذرت من أن هناك جهات فلسطينية، خارجة عن سيطرة سلطة محمود عباس، عمدت مؤخراً الى توزيع مبالغ ضخمة داخل المخيم، في إطار السعي الى إيجاد بؤر للفوضى.
وقال الرئيس نبيه بري إن الخطير في هذه المرحلة هو الانكشاف الأمني والأخطر هو الاستهداف المنهجي للجيش، وكأن هناك من يحاول ضرب خط الدفاع الأخير عن الاستقرار، حتى يسهل تعميم الفوضى، مشيراً الى أن الوضع السياسي يبدو مقفلاً، بعد رفض العودة الى طاولة الحوار وتشكيل حكومة توافقية على أساس 9-9-6.
وأبلغ وزير الداخلية مروان شربل «السفير» أن الساحة اللبنانية باتت مكشوفة، ونحن نمر في مرحلة صعبة، متوقعا أن تكون الأشهر الثلاثة المقبلة شديدة الحساسية والصعوبة، بفعل المعطيات المتحركة في سوريا والمنطقة.
ولفت الانتباه الى أن الأمور لا تزال تحت السيطرة حتى الآن، ونحن ننجح لغاية اليوم في احتواء الحوادث التي تحصل، لكن ليس في كل مرة تسلم الجرة، وإذا لم يحصل وفاق سياسي فإن المتربصين بنا شراً سيجدون ما يكفي من الفجوات للتسلل الى الداخل اللبناني والعبث به.
وشدد شربل على وجوب المسارعة الى تحصين الوضع الأمني بمعالجات سياسية، عبر تشكيل الحكومة وانتحاب رئيس الجمهورية بالتوافق، لان لبنان محكوم بالتوافق، وأي خلل في هذه المعادلة ينعكس سلباً على الاستقرار الداخلي.
المصدر: السفير
إضافة تعليق جديد