الليل كما يقول العامة (ستّار العيوب) وعمالة الليل تدفعهم إلى غريزة البحث عن أرزاقهم وتختلف هنا الطرق والسبل في تحصيله. يتقاذفهم الليل على الطرقات أحياناً أو في الزوايا أو في أقبية وشقق أعدت في النهاية لجمع المال الذي يسد أفواهاً كثيرة في أغلب الأحيان أو يرضي طموحات لدى فئة قليلة. ودمشق قلما تلمس فارقاً بين حركة الليل والنهار، ليلها كنهارها ومليء بالقصص والحكايات.
الحصول على المال شعارهم، مبدؤهم في العمل: (الحاوية) أمامكم والصندوق من خلفكم، والدراجة من تحتكم، ومن الشرطة المفر؟! هذا هو حال جامعي القمامة في دمشق وريفها أو ما يعرف (بالنقابين) التي أخذت تزدهر وتتحول (المهنة) لمن لا عمل له ولتشكيل مصدر (دخل) لا يستهان به لشريحة واسعة من المجتمع السوري
كارثة إنسانية حلت بأهالي المحافظات الشمالية (الرقة، دير الزور، الحسكة، وحلب) حين بدأت مياه الفرات بغمر أراضيهم وبيوتهم في السبعينات، تلتها عدة غمرات في الثمانينات والتسعينيات، فوجد سكان مناطق الغمر أنفسهم فجأة دون بيت يحضنهم، ودون أرض يزرعونها ويأكلون من خيراتها. فرحلوا على أثرها إلى مناطق مجاورة، حيث عوض البعض منهم بأراض بعلية لا يمكن استصلاحها، مساحتها لا تكفي لبناء منزل، والبعض الآخر لم يعوض. فما كان أمامهم سوى خيار الهجرة إلى المحافظات المجاورة وإلى ريف دمشق للعمل.
لعل صورة المرأة في الريف أكثر مأساوية في شريط معاناة المرأة السورية لاسيما في المناطق النائية منه، فقد يكون الحديث عن الجهل والتخلف السائد، والعادات والتقاليد المجحفة بحق الفتيات هي أول صورة في هذا الشريط التي ستتبعها صور كثيرة لا تنتهي، كالتعليم والتسرب الحاصل في المدارس، وواقع عملها المجهد في الأرض والزراعة، والذي يضاف إلى واجباتها الأساسية ضمن المنزل كامرأة.