القاهرة وواشنطن تنتقدان تصريحات أردوغان عن«30 حزيران» وتوقيف بديع يهزّ التنظيم «الإخواني»

21-08-2013

القاهرة وواشنطن تنتقدان تصريحات أردوغان عن«30 حزيران» وتوقيف بديع يهزّ التنظيم «الإخواني»

تعرّضت جماعة «الإخوان المسلمين»، يوم أمس، لضربة قاصمة، بعدما تمكنت أجهزة الأمن من القاء القبض على المرشد العام محمد بديع، على مقربة من مكان الاعتصام السابق في منطقة رابعة العدوية في مدينة نصر، في خطوة أعادت التذكير بالضربات الموجعة التي تلقتها الجماعة خلال العهدين الملكي غداة اغتيال النقراشي باشا في نهاية الأربعينيات، والناصري غداة الصدام مع مجلس قيادة «ثورة 23 تموز» في نهاية الخمسينيات ومطلع الستينيات، وعكست مدى الوهن الذي أصاب «التنظيم القوي» لـ«الإخوان» بعد سقوط نظام الرئيس المعزول محمد مرسي، ومن شأنها أن تترك اثرها البالغة على بنية الجماعة ونشاطها خلال المرحلة المقبلة.
في هذا الوقت، ما زال العهد الجديد المنبثق من الموجة الثورية في «30 حزيران» يخوض معركته الديبلوماسية، في مواجهة الضغوط الأجنبية، التي باتت تتخذ أشكالاً عدّة، أبزرها التلويح الأميركي بقطع المساعدات العسكرية، واستعداد الأوروبيين لمراجعة سياستهم تجاه القاهرة، والحرب الإعلامية التي يشنها الحليف الأول للنظام «الإخواني» السابق، رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان ضد الثورة المصرية، والذي انحدر في خطابه يوم امس لدرجة الزعم بامتلاكه «أدلة» حول تورّط إسرائيل في إطاحة مرسي، ما استوجب رداً حاداً من قبل السلطات المصرية وتنديداً مباشراً من الإدارة الأميركية. محمد بديع خلال القاء القبض عليه في مدينة نصر، فجر أمس (أ ف ب)
وفي موازاة الحرب على «الإرهاب» في الداخل، والمعركة الديبلوماسية مع الخارج، يبدو ان ثمة محاولات جديدة، لم تتبلور ملامحها بعد، لوساطات دولية لحل الأزمة السياسية في مصر، وفقاً للمعطيات الجديدة التي تكوّنت بعد الضربات المتتالية التي تعرّض لها «الإخوان»، حيث وصل إلى القاهرة يوم امس الأمين العام المساعد للأمم المتحدة جيفري فيلتمان، بينما اعربت وزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي كاثرين آشتون عن استعدادها لزيارة العاصمة المصرية مجدداً حين يستدعي الأمر ذلك.
وقضى المرشد العام لـ«الإخوان» محمد بديع، أمس، ليلته الأولى داخل سجن مزرعة طرة، بعد تمكن القوات الأمنية من القاء القبض عليه فجراً في شقة سكنية مجاورة لمسجد رابعة العدوية في مدينة نصر.
وأمرت النيابة العامة بحبس بديع 15 يوماً على ذمة التحقيق، بعد اتهامه بالتحريض على قتل المتظاهرين في أحداث المقطم، والاتحادية، وبالتحريض على اقتحام دار الحرس الجمهوري.
ويتواجد بديع في السجن ذاته الذي يقيم فيه الرئيس المخلوع حسني مبارك، الذي ينتظر جلسة محاكمة جديدة يوم الاحد المقبل، بعدما قررت محكمة مصرية أمس الأول اخلاء سبيله في قضية فساد ليبقى محبوسا على ذمة قضية واحدة فقط. وفي هذا السياق، تنظر نيابة الأموال العامة العليا اليوم في التظلم المقدم من فريد الديب، محامي مبارك، في أمر حبسه 15 يوما على ذمة التحقيقات فى قضية «هدايا الأهرام» وهي القضية الوحيدة التي يستمر مبارك محبوسا على ذمتها. وقال مصدر قضائي انه «يجوز للنيابة العامة في بعض القضايا ان تتصالح مع بعض المتهمين»، مضيفا انه «في قضية الاهرام فانه منذ المتهم الاول في القضية وحتى مبارك قررت النيابة التصالح سواء برد الهدايا او برد قيمتها».
وأثار القاء القبض على بديع تساؤلات عدّة حول انهيار البناء التنظيمي لـ«الإخوان»، خصوصاً بعدما رشحت معلومات عن تخبط داخل صفوف الجماعة بشأن اختيار المرشد الجديد، وهو ما تبدّى في اسراع «الإخوان» في الإعلان عن تعيين محمود عزت مرشداً عاماً موقتاً، وهو من «الصقور»، ومن ثم نفي هذا الخبر، والحديث عن إمكان ترشيح القيادي «الإصلاحي» و«البراغماتي» محمد علي بشر، الذي مثل «الإخوان» في المفاوضات التي جرت خلال الاسابيع الماضية مع الوسطاء الدوليين.
كما أثار توقيف بديع تساؤلات حول رد الفعل «الإخواني» وسط توقعات تفيد باحتمال لجوئهم - أو بعض فئاتهم إلى العنف الانتقامي، أو إلى العودة إلى العمل السري، وأخرى تشير إلى احتمال ضلوع شباب الجماعة في جهد تنظيمي يستهدف إعادة البناء ولم الشمل.
يأتي ذلك، في وقت اعلنت الامم المتحدة ان مساعد الامين العام للمنظمة الدولية للشؤون السياسية جيفري فيلتمان قد وصل الى القاهرة لاجراء محادثات حتى الجمعة مع السلطات المصرية ومع مسؤولين في جماعة الاخوان المسلمين.
وقال المتحدث باسم الامم المتحدة مارتن نيسيركي ان هذه الزيارة تهدف الى محاولة «تحديد كيفية قيام الامم المتحدة بدعم مبادرات بهدف استعادة السلم والعمل على (تحقيق) مصالحة في مصر». واوضح ان فيلتمان سيجتمع بـ«السلطات الموقتة والاخوان المسلمين»، وأن زيارته تهدف الى «الاستماع وايضا الى نقل قلق الامم المتحدة ودعمها للحوار ولحل سلمي لهذه الازمة».
بدورها، قالت وزيرة خارجية الاتحاد الاوروبي كاثرين اشتون انها مستعدة للعودة الى مصر للمساعدة في التوسط لايجاد مخرج للازمة التي تشهدها البلاد. وصرحت اشتون للصحافيين عشية الاجتماع الاستثنائي لوزراء خارجية الاتحاد الاوروبي الخاص بالاحداث في مصر «لقد عرضت العودة. واخبرت رئيس الوزراء المصري خلال عطلة نهاية الاسبوع انني على استعداد تام للعودة الى مصر اذا رغبوا في عودتي».
يأتي ذلك، في وقت قال متحدث باسم البيت الابيض إن التقارير الاعلامية التي تشير الى ان الولايات المتحدة خفضت المساعدات لمصر غير دقيقة وان ادارة الرئيس باراك اوباما ما زالت تراجع خياراتها. وقال المتحدث جوش ايرنست للصحافيين «هذه المراجعة لم تنته... والتقارير المنشورة التي تفيد بعكس ذلك وان المساعدة لمصر خفضت، غير دقيقة».
في هذا الوقت اتهم رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان إسرائيل بأن لها دورا في إطاحة الجيش المصري بالرئيس محمد مرسي في تصريحات قد تؤدي لمزيد من التقويض لجهود تحسين العلاقات المتوترة بين أنقرة وإسرائيل. وقال «لدينا أدلة في أيدينا: خلال منتدى في فرنسا قبل انتخابات العام 2012 (التي أوصلت مرسي للحكم) استخدمت وزيرة العدل الإسرائيلية (تسيبي ليفني) ومثقف يهودي (برنار هنري ليفي) هذه العبارة: حتى وان فاز الإخوان المسلمون في الانتخابات فلن يخرجوا منها منتصرين، لان الديموقراطية لا تقوم على صناديق الاقتراع. وهذا ما حصل».
وانتقد اردوغان «عدم اعتراف الغرب بأن ما حدث في مصر هو عبارة عن انقلاب عسكري... وبعض الدول العربية التي تغدق الدعم لأنظمة ديكتاتورية».
وسارع البيت الأبيض إلى انتقاد تصريحات اردوغان. وقال المتحدث باسم البيت الأبيض جون ايرنست «ندين بقوة التصريحات التي أدلى بها اردوغان. الإشارة إلى أن إسرائيل مسؤولة بشكل ما عن الأحداث الأخيرة في مصر أمر مهين ولا أساس له وخاطئ».
وانتقدت رئاسة الوزراء المصرية بحدة تصريح اردوغان معتبرة أن هدفه «ضرب وحدة المصريين». وأكدت، في بيان، أن هذه الاتهامات «لا أساس لها من الصحة، ولا يقبلها أي عاقل أو منصف، والهدف منها ضرب وحدة المصريين والنيل من مؤسساتهم الوطنية».
واكدت أن «رصيد مصر من الصبر قد قارب على النفاد»، مشيرة إلى أن «مصر لا تبادل أحدا العداء، وليست بصدد البحث عن هوية جديدة لها فعروبتها وإسلاميتها واضحتان جليتان، وعلى الحكومة التركية أن تدرك أن الأولوية الوحيدة في مصر الآن هي تنفيذ إرادة الشعب المصري وخريطة المستقبل، لتستأنف البلاد طريقها نحو الديموقراطية».

المصدر: السفير+ وكالات

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...