إله العاصفة يظهر في حلب
في مطلع العشرينات من القرن الماضي نفد المال من عالم الآثار الفرنسي جورج بلوا دو روترو وهو ينقب عن كنوز اعتقد أنها أسفل قلعة سورية، لكن القدر لم يمهله ليرى آخرين ينهون ما بدأ. وبعد 12 سنة من وفاته عام 1994، اكتشف فريق الماني الأمجاد الكاملة لمعبد إله العاصفة البالغة مساحته 500 متر مربع أسفل القلعة الشاسعة في حلب.
باشر بلوا دو روترو المسؤول عن الآثار في السلطة الفرنسية التي كانت منتدبة على سوريا أعمال التنقيب تحت الآثار الاسلامية وآثار العصور الوسطى في القلعة عام 1929. واكتشف مخلوقين بجناحين منحوتين على لوح من البازلت يعود تاريخه الى حقبة الحثيين في الألفية الثانية قبل الميلاد، مما زاده اقتناعا بأنه مقبل على شيء مذهل. لكن المال نفد منه وتوقف عن العمل ولم يعرف ما قام به فريق ألماني انطلق من جامعة برلين للعلوم التطبيقية لإعادة التنقيب في الموقع ذاته مستفيدا من أبحاثه لأنه توفي قبل سنتين من معاودة أعمال التنقيب.
وانهى الفريق الالماني عمله الأسبوع الماضي بعدما عثر على منحوتات فريدة، بينها منحوتات أسود ومنحوتات نصفها رجال ونصفها الآخر ثيران ومنحوتة نصف رجل ونصف سمكة بيدين نحيلتين. وتظهر قطعة رئيسية اله العاصفة ممسكا بهراوة في يده وهو يركب عجلة حربية يجرها ثور قوي. وعثر على مذبح المعبد من دون أن يمسه سوء تقريبا.
وورد في بحث عن كيفية حماية الموقع نشرته وزارة الثقافة السورية والصندوق العالمي للآثار ان المعبد يمثل أول استخدام معروف للألواح الحجرية المزخرفة في الشرق الأدنى. ويقول علماء آثار إن المعبد ساعد في إلقاء الضوء على الحثيين والممالك الارامية واللوفية.
وجاء في البحث أن أحد الألواح يظهر ملكا يقدم قربانا لاله العاصفة الذي سمته الكتابات اللوفية الملك تايتاس ملك باداساتيني، وهي مملكة لم تكن معروفة من قبل حكمت جنوب تركيا وسوريا.
وقال الاستاذ الجامعي كاي كولماير الذي رأس البعثة الألمانية في حلب، إن الذوق الرفيع الراقي الذي بني به معبد اله العاصفة يساهم في توضيح أن سوريا القديمة لم تكن مجرد منطقة راكدة ثقافيا. وأضاف: "هذه النقوش من عصر الامبراطورية الحثية لا يضاهيها شيء. ويكمن التحدي الآن في كيفية الحفاظ على المعبد"، لأنه من المعروف عن البازلت أنه يضعف لدى تعرضه للشمس والمطر خصوصاً اذا كان مدفونا لفترة طويلة.
وتبذل جهود لحماية قلعة حلب التي ترجع الى العصور الوسطى، لكن المنحوتة الأصلية التي عثر عليها بلوا دو روترو في مأمن حيث نقلها عالم الآثار الفرنسي الى متحف حلب الذي بناه عام 1926.
المصدر : رويترز
إضافة تعليق جديد