تفاصيل المحادثات السرية بين تركيا وإسرائيل (الصفـقـة التـي لـم تتـم)
كشفت صحيفة «ميللييت» التركية أمس، عن تفاصيل المحادثات السرية بين تركيا وإسرائيل والتي لم تنجح في انتزاع اعتذار اسرائيلي عن قتل تسعة ناشطين أتراك كانوا على متن اسطول الحرية في نهاية أيار 2010.
ومما نشرته الصحيفة يتبين حجم التنازلات التي كانت تركيا ستقدمها الى اسرائيل مقابل الاعتذار ومنها تعزيز التعاون الاقتصادي والعسكري بين البلدين. وذكرت الصحيفة ان المحادثات السرية بدأت قبل تسعة أشهر والبروتوكول الذي كان سيوقع بين البلدين له صفة الاتفاقية الدولية وليس مجرد تصريح أو اعلان بالاعتذار.
وقال مصدر دبلوماسي تركي رفيع المستوى لـ«ميللييت» وتبعا ايضا لمصادر وزارة الخارجية ان المحادثات السرية بدأت في الخامس من كانون الأول الماضي في جنيف بين المدير العام للخارجية التركية فريد سينيرلي اوغلو والمبعوث الاسرائيلي لدى الأمم المتحدة يوسف سيشانوفر، واستؤنفت في نيويورك حيث توصل الطرفان الى اتفاقية ذات طابع دولي من قسمين حول «التعويضات» و«التطبيع».
وتتضمن الوثيقة اعتذارا اسرائيليا مقابل تعزيز العلاقات العسكرية والاقتصادية. ومقابل دفع تعويضات للضحايا الأتراك، يمتنع اهالي هؤلاء عن رفع اية دعوى ضد الجنود الاسرائيليين على الصعيد الدولي.
وقد تضمن قسم «التطبيع» الجملة التي تعتبرها تركيا مفتاحا لحل المشكلة وهي «ان اسرائيل وبسبب الأخطاء اثناء العمليات العسكرية التي فتحت الطريق امام مقتل تسعة أشخاص تعتذر من الشعب التركي».
لكن رئيس الحكومة الاسرائيلية بنيامين نتنياهو لم يستطع إقناع اعضاء حكومته بصيغة الاعتذار هذه فتم تجميدها.
وأعادت الصحيفة التذكير باللقاءات السرية بين أحمد داود اوغلو وزير الخارجية ووزير التجارة الاسرائيلية بنيامين بن اليعازر في نهاية حزيران 2010. ومن بعد ذلك كان ارسال تركيا طائرات لإخماد حرائق في شمال فلسطين المحتلة الذي خلق ارتياحا لدى الرأي العام الاسرائيلي. وأضافت الصحيفة ان المحادثات السرية استؤنفت في الشتاء الماضي ولا سيما بعدما تزايد التنسيق بين تركيا والولايات المتحدة حول الأزمة في ليبيا وسوريا حيث نصحت واشنطن تل ابيب بالاعتذار من تركيا. وفي هذا الوقت تجاوب رئيس الحكومة التركية رجب طيب اردوغان مع طلب الرئيس الأميركي باراك أوباما منع سفينة مرمرة من المشاركة في اسطول الحرية 2.
وبين 6 و8 تموز الماضي استؤنفت المحادثات بين سينيرلي اوغلو ومساعد رئيس الحكومة الاسرائيلية موشيه يعلون في نيويورك حيث أعطى نتنياهو من جديد اشارة الموافقة على الاعتذار وأبلغت انقرة واشنطن بالصيغة. لكن الصيغة عارضها من جديد وزيران في حكومة نتنياهو التي اجتمعت وفشلت في اتخاذ قرار الاعتذار. واقترح نتنياهو على انقرة تأجيل اصدار لجنة التحقيق قرارها ستة أشهر لأن 78 في المئة من الرأي العام الاسرائيلي يعارض الاعتذار.
ويوم الخميس الماضي التقت وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون بنظيرها التركي داود اوغلو واقترحت تأجيل نشر تقرير لجنة التحقيق الى نهاية ايلول الحالي. ووافق داود اوغلو لكن في اليوم نفسه كانت صحيفة الـ«نيويورك تايمز» تنشر النص الحرفي للتقرير وأصبح البروتوكول المعد للتوقيع طي التاريخ.
ومن جهة أخرى ذكرت الصحف التركية أمس ان تركيا ستزيد وجودها العسكري في شرقي المتوسط من فرقاطة الى 3 أو 4 فرقاطات.
وتقول هذه الصحف ان تركيا لن تترك شرق المتوسط بعد الآن للقراصنة الاسرائيليين لأن لتركيا أطول حدود بحرية على المتوسط وهي تتنطح للقيام بدور كبير إقليمي ودولي ولا يمكن لها تبعا لذلك أن تكون تحت رحمة الهيمنة الاسرائيلية. ولن تكون السياسة التي تطبقها تركيا في شرق المتوسط مختلفة كثيرا عن السياسة التي تطبقها في المجال الجوي في بحر ايجه مع اليونان. والأمر نفسه سيطبق على البحرية الاسرائيلية حيث ستكون البحرية التركية «مرئية» في كل مكان ولن تسمح لأي قطعة حربية اسرائيلية بالاقتراب من السفن التركية اكثر من مئة متر.
محمد نور الدين
المصدر: السفير
إضافة تعليق جديد