المالية تدشن مرحلة جديدة في مع كبار المكلفين
دشنت وزارة المالية مرحلة جديدة في مضمار العلاقة مع دافعي الضرائب ولا سيما الكبار منهم، عبر افتتاح وحدة متخصصة بمعالجة كافة الشؤون الضريبية لكبار المكلفين، والعناية بهم واعطائهم مزايا خاصة ضمن اجراءات بسيطة وواضحة، وباستخدام تكنولوجيا حديثة ومتطورة حرصاً على توفير وقت وجهد هؤلاء المكلفين الكبار.
خطوة وزارة المالية هذه، بل الخطوة الحكومية، يمكن تصنيفها كشكل من اشكال المصافحة الذهبية وفتح صفحة جديدة مع مكلفين، يمكن القول «مجازاً» انهم كبار المتهربين-لسبب او لاخر-وهذا ليس ذماًً لهؤلاء، ففي زحمة التهرب الضريبي الذي اعترفت به الجهات الممثلة للقطاع الخاص كما اعترفت به وزارة المالية يصبح الافتراض ان اكبر المكلفين هم اكبر المتهربين، وهذا استنتاج وليس حكماً.
الواقع ان شكلاً من اشكال التفاؤل الاولي، هو ما اصبح شبه التزام على الجميع الان، مع الالية الجديدة في التعاطي مع شريحة كبار المكلفين، الذين يعدون-بحكم ضخامة ارقام اعمالهم- بعائدات هي الاوفر في متحصلات وزارة المالية.
ولعله من غير الموضوعية الآن التنبؤ بنجاح أو فشل التجربة، لكن علينا التفاؤل بمؤشرات قريبة للنجاح، بالاعتماد على جرعات الثقة التي ضختها الحكومة ممثلة بوزارة المالية في مسارات العلاقة مع المكلفين.
فالمهندس محمد ناجي عطري رئيس الحكومة يؤكد أن افتتاح وحدة كبار المكلفين في وزارة المالية يأتي ضمن عمليات الاصلاح التي تقوم بها الحكومة وقد بادرت وزارة المالية لاجراء عمليات تغيير بنيوية متكاملة ضمن الاطار الكلي.
واهم هذه التغييرات هي اعادة الثقة بين المواطن والمالية خاصة ان الاخير كان يتذرع بوجود آليات متخلفة وشكاوى اخرى كثيرة.
اكثر من ذلك تأتي تصريحات الدكتور محمد الحسين وزير المالية، لتؤكد ان ثمة توجهاً حكومياً جديداً لاعادة بناء جسور الثقة بين المالية والمكلف وان هذا التوجه لا يقتصر في قوامه العملي على وحدة كبار المكلفين التي سيصار الى تعميمها كتجربة على كافة المحافظات السورية، بل سيترافق ذلك مع حزمة تشريعات جديدة، مرشحة التبلور والصدور قبل نهاية العام الجاري، وهي تتعلق بالسياسات المالية والضريبية، وستشمل اعادة نظر واسعة بالقانون 24 «قانون الاستعلام ومكافحة التهرب الضريبي» الذي لم يمض على صدوره سوى فترة لا تزيد عن العامين!!
من جانبهم ابدى ممثلو القطاع الخاص «المكلف» رضاً عن اجراءات الثقة المعززة من وزارة المالية، فالدكتور راتب الشلاح رئيس اتحاد غرف التجارة السورية، دعا كافة المكلفين كباراً وغير كبار لتقديم بيانات دقيقة وحقيقية، والانتهاء من محاولات التهرب الضريبي.
ووصل الامر ببعض حضور حفل افتتاح من ممثلي القطاع الخاص وحدة كبار المكلفين الى القول ان رجل الاعمال المحترم الذي يحترم نفسه وبلده يجب الا يتهرب ضريبياً، واصفاً الخطوات التي قامت بها المالية في اطار التحديث بانها كبيرة من خلال تبسيط الاجراءات وضخ التسهيلات على اكثر من مسار.
إذاً، مبررات التفاؤل-نظرياً على الأقل-بان حداً سيوضع ولو جزئياً لحمى التهرب الضريبي الذي حول سورية عنوة الى ما يشبه الجنة الضريبية، والتفاؤل هذا يمكن اسناده ليس للتوجهات الحكومية فقط بل أيضاً لما اعلنه رجال اعمال هم إما كبار مكلفين او ممثلون عن فعاليات تجارية او صناعية.
ويبقى الحكم على الترجمة العملية لفعالية جرعات الثقة، رهناً بالقراءة القادمة لارقام وزارة المالية، وهذا ما نطمح لان تقوم «المالية» بدراسته وتحليله، ومقارنة بيانات كبار المكلفين وارقامهم فيما قبل افتتاح وحدة كبار المكلفين وما بعده، فالارقام لن تخفي نفسها والفروقات ان حصلت ستكون جلية وواضحة، ونحن بانتظار ارقام جديدة على هذا الصعيد، وان لم يحصل ذلك سنصاب جميعاً وليس فقط وزارة المالية، بخيبة امل، تساوي حجم التفاؤل والامل بان ثقافة ضريبية جديدة ستنتعش كحصيلة لـ «الزرع» الحكومي عبر وزارة المالية.
ناظم عيد
المصدر: البعث
إضافة تعليق جديد