تقرير يكشف تواطؤاً غربياً لطمس آثار قتلة المبحوح
نشرت صحيفة “وول ستريت جورنال” الأمريكية، أمس، تحقيقاً موسعاً بشأن ما وصلت إليه جهود التحقيقات حول جريمة اغتيال القيادي في حماس محمود المبحوح في دبي في 20 يناير/ كانون الثاني الماضي .
أشار تحقيق الصحيفة إلى أن كل المشتبه فيهم في الجريمة يحملون جوازات سفر أوروبية مزورة ما عدا بريطاني يحمل جواز سفر صحيحاً باسم كريستوفر لوكود (62 سنة) . وذكرت أن الهاتف الخليوي للوكود فتح مؤخراً في فرنسا، وعثرت السلطات الأمنية على عنوانه في لندن، واكتشفت انه في عام 1994 غيّر الرجل اسمه من ايهودا لستغ الذي ولد في اسكتلندا من أبوين يهوديين من فلسطين أيام الانتداب البريطاني، ليصبح اسمه كريستوفر لوكود .
هذه الخيوط التي توصل إليها المحققون أثارت الأمل في العثور على واحد من الذين نسقوا عملية اغتيال المبحوح، أو على الأقل العثور على دليل يثبت اتهامات بتورط الموساد “الإسرائيلي” . لكن هذه الخيوط تلاشت حسبما ذكرت الصحيفة، التي أشارت إلى أن شرطة لندن راقبت مقر اقامة لوكود في العاصمة البريطانية من دون أن يظهر . كما لم يعثر على ما يقود إليه في فرنسا .
واكتشف المحققون أن ايهودا لستغ الجندي في الجيش “الإسرائيلي” قتل في حرب أكتوبر/ تشرين الأول ،1973 طبقاً لنعي وزارة الحرب له، الأمر الذي ضاعف من الغموض حول شخصية لوكود .
وذكرت الصحيفة أنه بعد 8 أشهر من العمل الأمني المضني والغضب الدبلوماسي على استخدام الجوازات المزورة، وصلت الخيوط إلى نهايات ميتة . وقالت إن المحققين الدوليين ينتابهم الإحباط . وباتوا على شك في احتمال اعتقال أي مشتبه أو العثور على دليل قاطع يؤكد تورط “الموساد” .
ونقلت الصحيفة عن محققين قولهم إنه رغم الكلمات الحادة التي صدرت من حكومات عدة تعرضت جوازاتها للتزوير، فإن السياسة ربما عرقلت التعاون المطلوب من حكومات تدعم “إسرائيل” . ويعتقد المحققون الدوليون الذين يعملون على فرضية “إسرائيل” وراء الجريمة، أن المشتبه فيهم ربما يكونون قد عادوا إلى الكيان حيث سيكونون في مأمن من أي دعوى لاستردادهم على خلفية الجريمة .
وقال نك داي رجل الاستخبارات السابق في جهاز “إم آي 5” البريطاني إنه كلما طال الأمد بالتحقيقات، يقل الحماس، وسيتاح الوقت الكافي لجهاز المخابرات المعني (الموساد في هذه الحالة) للعمل على سد المسارات وردم الهوات .
وقال مصدر قريب من التحقيقات إن شرطة دبي تعول على أن التحقيق سيكون عملية طويلة . وأشار إلى أن شرطة دبي أنفقت 10 آلاف ساعة عمل لمراجعة أشرطة مصورة من 1500 كاميرا موزعة على أنحاء الإمارة، كما استخدمت برامج التعرف إلى الوجوه، وفحص سجلات الدفع الإلكتروني، وراجعت ايصالات الدفع واستخلصت معلومات من مقابلة سائقي سيارات الأجرة وطواقم الفنادق .
وذكرت الصحيفة أن المحققين البريطانيين لم يعثروا على أي سجلات صحية أو معلومات ضريبية للمشتبه فيه لوكود . كما أنه لم يدفع رسوم رخصة تلفاز، وهي مبلغ مالي إجباري يجب أن يدفعه أي بريطاني يملك جهازاً لاستقبال البث التلفزيوني .
وعثر المحققون البريطانيون على خيط مثير . فقبل عامين استخدم لوكود عنوانه البريطاني ليشحن سيارة مرسيدس زرقاء من إحدى إمارات الدولة إلى إيران . ومن هناك شحن شخص آخر المركبة إلى بريطانيا . والغريب أن تسجيل المركبة لم يعثر عليه، وكان من المستحيل تحديد مكان السيارة .
وذكرت الصحيفة أن المحققين يعتقدون الآن أن لوكود كان يعمل مديراً للشبكة الاستخبارية في أوروبا والشرق الأوسط لسنوات طويلة، وأنه عمل لتسهيل مهمة فريق القتلة الذين اغتالوا المبحوح .
وعندما اكتشف المحققون لوكود، الذي كان يعرف سابقاً باسم ايهودا، بدأ الغموض حوله يزيد . فشهادة ميلاد ايهودا تشير إلى أنه ولد في جلاسجو في 23 فبراير/ شباط ،1948 وفي ذلك الوقت كان والد ايهودا طالب بيطرة في فلسطين تحت الانتداب .
ويشير تاريخ الخدمة العسكرية لإيهودا إلى أنه كرّم ست مرات، وهناك تأبين رسمي له على موقع جيش الحرب “الإسرائيلي”، والإشارة إلى مصرعه في حرب اكتوبر في شبه جزيرة سيناء المصرية .
يذكر أن هناك مشتبهين آخرين سافرا بجوازي سفر مزورين يبدو أنهما فرّا إلى الولايات المتحدة بعد وقت قصير من ارتكاب جريمة اغتيال المبحوح . وظهرت تفاصيل جوازي سفرهما في نظام بيانات إدارة الحدود والهجرة الأمريكية، خاصة أن النظام يحتفظ بقوائم مسبقة لركاب الرحلات الدولية ويقارنها بقوائم المطلوبين . وقد أمّل المحققون العثور على هذين الشخصين، لكن وزارة الأمن الداخلي الأمريكي قالت إنها لم تعثر على أي سجلات للمشتبه فيهما الاثنين في أنظمتها وقواعد بياناتها .
وفي ألمانيا اتهم المدعون في كولونيا “إسرائيلياً” بتهمة التجسس والاشتراك في القتل . واستردت النيابة الألمانية الرجل من بولندا على خلفية تهمة أدنى وهي تزوير مستند رسمي . وفي أغسطس/ آب الماضي أمرت محكمة ألمانية بإطلاق سراح المتهم بالكفالة، وطار على الفور إلى “إسرائيل”، ما سيجعل من الصعوبة استرداده من الكيان على خلفية اتهامات بالتجسس .
المصدر: الخليج
إضافة تعليق جديد