روح آيزينهاور تتقمص أوباما
أتراه أدرك باراك أوباما أجندة أولئك الذين صنعوا سيرته السياسية؟ و هل كان آيزينهاور الذي بداخله هو من يتحدث عند خطابه أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة؟ و هل انتبه المستمعون للقائد العام المضطرب و هو يسعى لتجاهل الكونغرس و يطلب مباشرة من المجتمع الدولي احتواء أهداف إسرائيل التوسعية؟
عام 1948 حذر المسؤولون الرئيس الأميركي هاري ترومان من الأفكار التعصبية لنخبة الصهيونيين اليهود الساعين لنيل الاعتراف بهم كدولة شرعية. و قد نبه القادة العسكريون في الولايات المتحدة ترومان من أن هذه النخبة تتوق لهيمنة عسكرية و اقتصادية على كل الشرق الأوسط.
و كان ألبيرت أينشتاين و يهود آخرون بارزون أكثر انتقادا، فحذروا الأميركيين من الحزب السياسي الصهيوني الذي خرج منه مناحيم بيغن و آرييل شارون و بينامين نيتينياهو، و أسموه "حزبا إرهابيا يحمل سمات الحزب الفاشي"
و بعد ثمان سنوات ، شهد الرئيس آيزينهاور كيف كانوا يسيرون قدما في أجندتهم و ذلك خلال الأيام الأخيرة لحملته الرئاسية عام 1965،حين سعت إسرائيل و فرنسا و بريطانيا إلى حرب مع مصر حول قناة السويس.
ورغم أن آيزينهاور كان لا يزال مرتبكا من السياسات الرئاسية ، فان لندن و باريس اقتنعتا سريعا بفكرة التخلي عن محاولتهما ، و لكن لم يكن هذا حال تل أبيب، فوقتها كما الآن ، لم يكن اليهود المتعصبون مستعدين للإنصات للقائد العام للولايات المتحدة بغض النظر عن تأثير تصرفهم على مصالحنا الوطنية.
و عندما ناشد ذاك القائد الجمهوري العظيم دعم الكونغرس لمواجهة الأجندة الصهيونية ، لم يلق جوابا. فلجأ بكل يأس إلى خطاب متلفز لمواجهة التأثير الإسرائيلي على الكونغرس و الذي أضحى أقوى بكثير عبر السنوات الأربع و الخمسين الماضية.
في نيسان 2010 أعرب 363 عضوا في الكونغرس من الحزبين عن التزامهم بروابط وثيقة مع إسرائيل، بغض النظر عن تصرفاتها. وأحد لم يجرؤ حتى على الهمس بكلمة "خيانة عظمى". فهل يمكن أن يكون هذا وراء مناشدة أوباما المجتمع الدولي إيقاف توسع إسرائيل؟و هل أدرك كما آيزينهاور حقيقة السيطرة الإسرائيلية على الكونغرس؟و هل أجبر هذا الرئيس الشاب المفتقد للخبرة العسكرية على مواجهة حقيقة وجود عدو في الداخل؟إن كان الأمر كذلك ربما لا نزال نملك فرصة شفاء الحكومة المنتخبة، و ربما تتم محاسبة من ضللوا الولايات المتحدة لغزو العراق لأجل أجندة صهيونية.
و لكن منذ أسابيع شهدنا عضو الكونغرس بارني فرانك ينضم لآخرين في عريضة تطالب بإطلاق سراح الجاسوس الإسرائيلي جوناثان بولارد، الذي سبب أضرارا لأمننا القومي أكثر مما فعل أي شخص في تاريخ الولايات المتحدة حين سرق أكثر من مليون وثيقة محظورة و قامت تل أبيب ببيعها إلى موسكو ، و بهذا سببت "صديقتنا المميزة" خرقا في دفاعات الحرب الباردة التي أنفق عليها دافعو الضرائب الأميركيون أكثر من عشرين تريليون دولار بين عامي 1948 و 1989 .
أكان بارني فرانك يرتكب خيانة؟أم أنه كان يتداول هذه العريضة بحيث يمتلك جهاز أمننا القومي قائمة بأسماء أولئك المتورطين في خيانة تحريضنا على حرب في الشرق الأوسط بذرائع زائفة؟ و هل كان خطاب أوباما في الأمم المتحدة صرخة استنجاد من رئيس يقع فيلق مستشاريه تحت سيطرة مؤيدي إسرائيل و الأميركيين الإسرائيليين ؟هل أدرك لتوه أن نجاحه السياسي صنيعة سليلي الجرائم المنظمة و أولئك الموالين لدولة أجنبية؟
ترى أميركا نفسها منقسمة بين تيارين ، الأول لا يزال مخلصا لمبادئنا الأساسية دفاعا عن حرياتنا الجوهرية. و الثاني يدرك بأن من حثنا على حرب وفقا لمعلومات زائفة أساء استخدام هذه الحريات لمصلحة أجندته. و كيف يفضح قائدنا العام أولئك الذين أعلنوا ولاءهم لنا لأجل أن يغدروا بنا؟ و مع التأثير الكبير للكونغرس الواقع تحت سيطرة الصهيونية اليهودية و الصهيونية المسيحية ماذا يمكن للقائد العام القيام به؟ فهل كان هذا سبب لجوء باراك أوباما إلى التلفاز لطلب المساعدة من المجتمع الدولي؟ أم أن هذا ما أتمناه في أفكاري؟
طالما كان الأميركيون غافلين عن النفوذ الصهيوني فهل استيقظ أوباما من سباته و تذكر أولئك الذين أقسم على الالتزام بهم؟ ربما.
منذ أيام حاكى القائد الفلسطيني محمود عباس كلمات أينشتاين التحذيرية عندما وصف عقلية إسرائيل التوسعية و المسيطرة، و قد تغير القليل عبر ستة عقود باستثناء وجوه هذه الفاشية الخطيرة. ربما يكون أوباما جزءا من الحل. أو ربما، خلافا لآيزينهاور ، سيخضع لضغوطات انتخابات منتصف الولاية و سيدعم ثانية التعصب المتمثل الآن بعبارة صراع الحضارات.
بقلم الكاتب الأميركي جيف غيتس.
ترجمة رنده القاسم
عن موقع Dissident Voice
إضافة تعليق جديد