تفاعلات قضائية في عقود إكساء مبنى السورية للنفط
دخلت قضية إكساء المبنى البرجي الإداري للشركة السورية للنفط في مشروع دمر أروقة المحاكم ما بين طرفين، الأول المتمثل بالشركة السورية للنفط وبعض العاملين بها والطرف الثاني الذي تمثل بالمتعهد السيد محمد.خ.س،.
وتفاعلت القضية بعد رفض لجنة الاستلام النهائي، الاستلام ووضع بعض ملاحظاتها على أعمال المتعهد وتغريمه لمخالفة المواصفات الفنية وسوء التنفيذ لأعمال العقد رقم 7/2002 وملاحقه ،حيث أبرم العقد بالأساس بين الشركة السورية للنفط كفريق أول والمتعهد السيد محمد.خ.س كفريق ثان، وكان أمر تاريخ المباشرة في 26/5/2002 وتاريخ الانتهاء 4/7/2007 ومدة التنفيذ 24 شهراً ومع الملاحق 36 شهراً، وبلغت قيمة العقد حوالي 230 مليون ليرة سورية وقيمته مع الملاحق وصلت إلى حدود 362 مليون ليرة، والبناء عبارة عن 14 طابقاً وقبوين بمساحة طابقية 1600م 2.
جوهر الخلاف
لم تكن بداية الخلاف ما بين الشركة والمتعهد مع الاستلام النهائي للبناء، بل أثناء فترات التنفيذ كانت اللجان الفنية في الشركة قد وضعت العديد من الملاحظات على أعمال التنفيذ ومطالبة المتعهد بعمليات الإصلاح، وبقي الأمر بين مد وجزر من قبل الطرفين حتى تاريخ 15/2/2010، موعد محضر الاستلام النهائي برقم 2418/ ق حيث تضمن هذا المحضر قوائم ملاحظات من قبل كل مجموعة في لجنة الاستلام حسب الاختصاص التي وضعت عدداً من الملاحظات حول سوء تنفيذ الأعمال للمواصفات الفنية ووثائق العقد والتي وصل مجموع تغريم اللجنة للمتعهد 15.8 مليون ليرة والتي شملت الأعمال المدنية والمعمارية والميكانيكية ونظام التكييف والأعمال الكهربائية والمصاعد وأعمال الاتصالات والتيار الضعيف والتحكم كما شملت أعمال المعلوماتية وأجهزة ups وتبين من ملخص أعمال لجنة الاستلام النهائي أن الحسميات وصلت إلى حدود 5% من قيمة الكشف النهائي نتيجة سوء التنفيذ في بعض الأعمال لإكساء مبنى الشركة السورية للنفط الجديد.
اللجوء إلى القضاء
هذه النتائج التي توصلت إليها لجنة الاستلام لم تلق ترحيباً من المتعهد فلجأ إلى القضاء ورفع دعوى على الشركة ودعوى شخصية لدى محكمة بداية الجزاء الأولى برقم أساس 750 للعام 2010 بحق بعض العاملين في الشركة السورية للنفط وادعى فيها المتعهد إساءة استعمال السلطة والإخلال بواجبات الوظيفة ما تسبب له حسب إدعائه بأضرار مادية لحقت به بسبب التأخير بالاستلام النهائي، وأورد المتعهد السيد محمد.خ.س في الكتاب الذي وجهه إلى الشركة السورية للنفط بتاريخ 17/12/2009 بأنّه مضى أكثر من ثمانية عشر شهراً على موعد الاستلام النهائي ولم يتم تنظيم محضر الاستلام حتى تاريخه، وكذلك مضى أكثر من ثلاثين شهراً على موعد استرداد التأمينات النهائية البالغة أكثر من 17 مليون ليرة سورية وحتى تاريخه لم يتم استرجاع هذه التأمينات ما أدى إلى تكبده خسائر باهظة حسب كتاب المتعهد الذي أشار فيه إلى إرسال الشركة أكثر من خمسين كتاباً يتضمن طلبات إصلاح للأعمال المدنية والكهربائية والميكانيكية الناتجة عن سوء استثمار لا علاقة للمتعهد بها، وختم المتعهد كتابه بعقد اجتماع قبل نهاية العام الماضي لحل هذه القضية والتي تؤدي إلى خسائر كبيرة مع تحفظه بكافة حقوقه القانونية من جراء ذلك.
ولم يمض شهران على كتاب المتعهد حتى خرجت اللجنة بتقريرها كما اشرنا في إطار تغريم المتعهد نتيجة بعض التجاوزات في أعمال إكساء المبنى، ما حذا بالمتعهد إلى رفع دعوتين الأولى إلى القضاء الإداري برقم 830 للعام 2010 بحق الشركة السورية للنفط ودعوى شخصية على بعض موظفي الشركة برقم أساس 750 للعام 2010 ووصل الفاصل الزمني بين الدعويين أقل من شهر.
نتائج الجهاز المركزي للرقابة المالية
وكان الجهاز المركزي للرقابة المالية بتاريخ 20/6/2010 قد وجه كتاباً إلى وزارة النفط والثروة المعدنية أشار فيه إلى التقرير التحقيقي بموضوع العقد رقم 7/2002 المبرم بين الشركة السورية للنفط والمتعهد السيد محمد.خ.س، ونتيجة تشكيل لجنة خبرة فنية بإشراف البعثة التفتيشية لبيان صحة التعديلات التي طرأت على أعمال الميكانيك والكهرباء والأعمال المدنية ومستوى الجودة للأجهزة المقدمة وتحديد الفوارق المالية إن وجدت، فقد توصلت اللجنة إلى مبلغ وقدره /4544748/ل.س نتيجة فرق المواصفات الفنية كما توصلت اللجنة إلى عدم قبول بعض المواد الأخرى المخالفة للشروط المطلوبة كما أوضح التقرير مسؤولية لجان الإشراف والاستلام عن ذلك، وبالنتيجة فقد انتهى التقرير إلى عدد من المقترحات أبرزها:
1- فرض عقوبة حجب الترفيع بحق لجنتي الإشراف والاستلام المؤقت للأعمال الميكانيكة للعقد.
2- فرض عقوبة الحسم 2%من الأجر الشهري لمدة ثلاثة أشهر بحق أعضاء لجنتي الإشراف والاستلام المؤقت للأعمال المدنية والأعمال الكهربائية.
3- إبعاد رؤساء لجان الإشراف والاستلام عن الأعمال المكلفين بها.
4- فرض عقوبة حجب الترفيع بحق رئيسة شعبة العقود الداخلية بالشركة وإعفاؤها من المهام الموكلة إليها.
5- الطلب من الشركة السورية للنفط: أ- تحويل مبلغ /4544748/ل.س من مستحقات المتعهد للعقد 7/2002 إلى مديرية الخزينة العامة.
ب- اعتماد نسب حسم الشركة بالنسبة للمعدات المخالفة للمواصفات الفنية المتعلقة بوحدات معالجة الهواء وفانكويلات ماركة يورك.
ج- زيادة مبلغ التوقيفات بند المعايرة للألمنيوم من 15 ألف ليرة إلى مبلغ 150 ألف ل.س وحسم المبلغ بحال عدم تنفيذ أعمال المعايرة.
د- التقيد بأحكام نظام العقود وتعليماته التنفيذية.
استنجادهم بالنقابة
في الدعوى الشخصية المرفوعة من قبل المتعهد بحق عدد من موظفي الشركة السورية للنفط والمنظورة أمام محكمة بداية الجزاء الأولى، أرسل العمال كتاباً إلى نقابة عمال دمشق يطلبون فيه المساعدة في الدفاع عنهم ورد اعتبارهم تجاه هذه الدعوى الكيدية، وفي مضمون كتاب العمال فقد اعتبروا ان هذه الدعوى غير صحيحة كون المدعى عليهم يعملون في ظل الإدارة العامة للشركة السورية للنفط ووفق نظامها الداخلي والتشريعات القانونية ودفاتر الشروط الفنية الخاصة بالعقد، ويرى العمال أن أي خلاف ينشأ عن تنفيذ العقد فيما بين الإدارة والمتعهد هو من اختصاص القضاء الإداري وإن إقامة المدعي لدعواه عبارة عن ادعاء كيدي يريد به المتعهد إرباك الإدارة وعامليها.. وأضاف العاملون: كان الأجدر بالمتعهد في حال عدم اقتناعه بنتيجة أعمال الاستلام النهائي أن يلجأ إلى تقديم اعتراض على ما تم إقراره من قبل لجنة الاستلام النهائي إلى إدارة الشركة المتعاقد معها والتي بدورها تقوم بالنظر في اعتراضه أو باللجوء إلى القضاء الإداري المختص لحل الخلاف مع الشركة وليس بالادعاء على أشخاص لا علاقة لهم والدليل على ادعائه الكيدي هو أن المتعهد قام برفع دعوى على الشركة السورية للنفط (تضمنت مرحلة الإشراف على التنفيذ ومرحلة الاستلام المؤقت) إلى إدارة قضايا الدولة، بينما قام المتعهد برفع دعوى شخصية على بعض أعضاء لجنة الاستلام النهائي وبعض موظفي الشركة وللعقد نفسه وبفاصل زمني أقل من شهر.
ويجد العمال أن ما تضمنه الادعاء عبارة عن أقوال واتهامات جاءت خالية من أي دليل وجميع ما ورد في الادعاء يتعلق بالعقد وهو ذو طبيعة إدارية ولا يصح أن يأخذ صفة شخصية جزائية، علماً ان المتعهد قام بالادعاء على رئيس وبعض أعضاء هذه اللجنة فقط واستثنى بعضهم الآخر منوهين أن اللجنة تقوم بعملها كفريق عمل متكامل مشترك.
تأييد لقرارات اللجنة
واستكمالاً لقضية العمال المدعى عليهم وبتاريخ 14/7/2010 أرسل المدير العام للشركة السورية للنفط المهندس عمر الحمد كتاباً إلى رئيس إدارة قضايا الدولة حول الدعوى الشخصية المرفوعة من قبل المتعهد على بعض العاملين في الشركة السورية للنفط، شرح مدير عام الشركة حيثيات العقد وتأييد الشركة لما توصلت إليه اللجنة من نتائج، وطالب الحمد بإمكانية التدخل بالدعوى الشخصية المذكورة لحماية العاملين في الشركة السورية للنفط، ولاسيما أن الادعاء كان ناتجاً عن سبب عقدي يخص الشركة كشخصية اعتبارية، والموافقة للشركة على توكيل محامٍ خاص للتدخل كطرف في هذه الدعوى إلى جانب العاملين المدعى عليهم.
إعادة الاعتبار لهم
بدوره رئيس نقابة عمال النفط في دمشق السيد علي مرعي قال: علمت بقضية هؤلاء العمال أثناء قيام النقابة بجولاتها التفقدية إلى شركات النفط ولمست النقابة الظلم الذي وقع على عدد من العاملين في الشركة السورية للنفط برفع دعوى شخصية بحقهم نتيجة ما توصلوا إليه من نتائج في العقد رقم 7/2002 الخاص بإكساء بناء الشركة في دمر وتغريم المتعهد بحوالي 15 مليون ليرة سورية لسوء في التنفيذ، لذلك كنقابة هدفها الدفاع عن حقوق العمال فقد سارعنا بتوكيل محامٍ للدفاع عنهم وعلى نفقة مكتب النقابة ونتمنى ان نكسب القضية ونعيد الاعتبار لعمالنا.
رأي قانونـي
وطلب المحامي الموكل من النقابة في القضية من محكمة بداية الجزاء الأولى بدمشق من خلال المذكرة التي قدمها إلى المحكمة رد الدعوى شكلاً وإعلان عدم الاختصاص في محكمة الجزاء مادامت القضية منظورة أمام مرجعها المختص المتمثل بالقضاء الإداري وإعلان براءة الموكلين وعدم مسؤوليتهم الجزائية عما نسب إليهم في معرض قيامهم بعملهم وبواجبهم الوظيفي.
محمد مصطفى عيد
المصدر: تشرين
إضافة تعليق جديد