نصف مليون مسكن شاغر وأزمة السكن ما زالت مستمرة
يعتبر اقتصاديون أن الأزمة الموجودة في سوق العقارات ليست أزمة سكن وإنما أزمة تسكين ويعتقد هؤلاء أن المساكن المتوافرة تزيد على حاجات السكان البالغ عددهم حالياً نحو 21 مليون نسمة ولبضع سنوات مقبلة اذ تقدر هذه الجهات عدد المساكن الخالية بأكثر من نصف مليون منزل جاهز للسكن ومغلق بينما تقدر الأموال المجمدة في هذه المساكن بأكثر من 600 مليار ليرة سورية.
ولم تسهم كل عروض الأقراض التي تتسابق البنوك الخاصة والعامة على تقديمها في مجال التمويل السكني في خفض أسعار العقارات وتحريك السوق الراكدة وبقيت الاستفادة محصورة بفئة ذوي الدخول المرتفعة اذ أن شروط التقسيط والمبالغ المتاحة للأقراض لاتناسب أغلبية ذوي الدخل المحدود.
كما أظهرت الدراسات أن إجمالي حجم القروض العقارية المقدمة في السوق لعام 2008 لا يغطي سوى 42ر26 بالمئة من حجم الإنفاق على العقارات السكنية.
وفي الوقت الذي تولي فيه الحكومة خلال الخطة الخمسية الحادية عشرة التي يجري إعدادها حالياً اهتماما لتوفير السكن لذوي الدخل المحدود والمتوسط بأسعار مناسبة وضمن فترة تنفيذ محدودة يشهد هذا القطاع حراكا لجهة اصدار التشريعات المتوالية التي تؤسس لبنية تشريعية جديدة وتضمن للقطاع الخاص مساهمة جادة وفاعلة للمشاركة في عملية التنمية الشاملة من خلال شركات ومؤسسات تطوير عقاري مؤهلة فنياً ومالياً وإدارياً وضمن إشراف حكومي يضمن حقوق هذه الشركات ومصالحها وحماية حقوق المستفيدين من المواطنين بجميع شرائحهم وخاصة شريحة محدودي ومتوسطي الدخل بالحصول على المسكن الصحي المناسب ضمن شروط تمويلية مناسبة.
ويسلط المؤتمر الدولي الاول للتطوير والاستثمار العقاري الذي يعقد الإثنين المقبل بحضور فعاليات حكومية وأهلية من سورية والدول العربية والأجنبية الضوء على التشريعات الجديدة وخصوصاً القانون رقم 15 لعام 2008 الذي أحدثت بموجبه الهيئة العامة للتطوير والاستثمار العقاري والتي باشرت أعمالها بالترخيص لمؤسسات وشركات المطورين العقاريين.
كما بدأت بإعداد خارطة للاستثمار والتطوير العقاري بالتعاون والتنسيق مع الوزارات والجهات المعنية على أن يتم الانتهاء منها قريباً حيث سيتم التركيز فيها على معالجة مناطق السكن العشوائي والفرص الاستثمارية في المدن الصناعية وبناء التجمعات العمرانية الجديدة والمتكاملة والقانون 39 لعام 2009 الذي أحدثت بموجبه هيئة الإشراف على التمويل العقاري التي تهتم بتوفير طلب أكبر على المساكن من خلال الترخيص لشركات التمويل العقاري.
ومن المفترض أن يساعد هذا المؤتمر المستثمرين والمهتمين بالتعرف على الفرص المتاحة والكامنة في هذا القطاع وأفضل الطرق وأيسرها للوصول الى استثمار فاعل وامن إضافة إلى التعرف على عدد ونوعية الشركات والمؤسسات والأفراد الحاصلين على تراخيص مزاولة مهنة التطوير العقاري والاستئناس بالتجارب العربية والعالمية في هذا المجال وذلك بمشاركة نحو 500 شخصية تمثل المطورين والوسطاء والممولين العقاريين والمصممين والمهندسين وغيرهم.
ويعتبر اقتصاديون أن الاستثمار في قطاع الإسكان والاعمار يفتح الباب واسعاً لباقي الاستثمارات الأخرى ويؤدي إلى إصلاح الخلل في معادلة العرض والطلب في هذه السوق ويسهم في بناء الاقتصاد الوطني من خلال توفيره فرص عمل في أكثر من قطاع.
ويرجع هؤلاء ارتفاع أسعار العقارات خلال العقود الأخيرة إلى توجه السوريين إلى استثمار أموالهم في العقارات وآملا في مزيد من الارتفاع في الأسعار من أجل ضمان أرباح كبيرة ما أدى إلى ركود هذا القطاع.
ويربط صاحب أحد المكاتب العقارية في منطقة المزة في دمشق بين ارتفاع أسعار العقارات وارتفاع أسعار الأراضي التي تضاعف سعرها عشرات المرات وخصوصاً في ريف دمشق نتيجة قلة الاراضي المخصصة للبناء ودخول الشركات العقارية الكبيرة للاستثمار في السوق المحلية وحيازتها على مساحات كبيرة من الأراضي إضافة إلى ارتفاع أسعار المواد الأولية للبناء.
ووفقاً لتقديرات اقتصادية فإن عدد الأسر السورية يصل إلى خمسة ملايين أسرة تضم 21 مليون نسمة وبمعدل تزايد 23 بالمئة ما يتطلب بناء نحو 150 ألف منزل سنوياً علماً أن الخطة الخمسية العاشرة رصدت لوزارة الإسكان والتعمير نحو 143 مليار ليرة كان نصيب القطاع السكني منها 45 ملياراً وقدرت مساهمة قطاع البناء والتشييد في النمو الاقتصادي خلال 2008 بنحو 17 بالمئة.
سمر ازمشلي
المصدر: سانا
إضافة تعليق جديد