فضيحة تسلّح نيجيرية تكشف عن دور إسرائيلي
حيثما تسمع عن صفقات سلاح مشبوهة هنا وهناك، عليك أن تبحث عن البعد الإسرائيلي فيها. هذا ليس استخلاصاً عمومياً ولا معادياً، وإنما هو استخلاص محرر الشؤون الأمنية في صحيفة «هآرتس» يوسي ميلمان. ومناسبة الكلام، مقالته عن إقالة الرئيس النيجيري غودلاك جونتان لكل من رئيس الأركان وقادة الأسلحة الجوية والبحرية والبرية في بلاده، بعد افتضاح أمر مشاركتهم في فضيحة فساد تتعلق بصفقات سلاح.
والحديث، وفق ميلمان، يتعلق بالاشتباه بأن هؤلاء منحوا شركات عقوداً لتزويد الجيش بأسلحة وأعتدة بقيمة تتجاوز مليار دولار، وأن لإسرائيل ولتاجر سلاح إسرائيلي دوراً في ذلك. ونشرت الصحف النيجيرية في حينه أن قسماً من الصفقات كانت وهمية، وأنه تم إبرام عقود لشراء عتاد لا حاجة له، أو قطع غيار لمعدات لا تتوفر أصلاً للجيش النيجيري. وهناك إشارات بأنه تم شراء معدات فاسدة وبأسعار مبالغ بها، كمروحيات لا تطير أو أعتدة قديمة تعرض كأنها جديدة.
وقد توجه الاتهام أساساً في هذه القضية للرئيس النيجيري السابق الجنرال إبراهيم بابيجندا، ولسكرتير الحكومة أحمد يلي، الذي كان في الماضي وزيراً للدفاع، واللذان أرادا التنافس على منصبي الرئاسة وحاكم إحدى الولايات. وهذا ما حدا بالبعض للاعتقاد بأن الاتهامات مرتبطة بالانتخابات التي ينوي الرئيس الحالي خوضها في مطلع العام المقبل.
والقضية المثارة في نيجيريا تعتبر بابيجندا ويلي المزودين الرئيسيين للسلاح والعتاد للجيش النيجيري. وجاء في التقارير أن بابينجدا هو المالك الخفي لشركة «سنكرافت» التي يرأسها ظاهرياً تاجر سلاح من أصل لبناني. وهناك شركة أخرى مذكورة في التقارير وهي «دوايتك كومينيكيشن» التي يملكها تاجر السلاح الإسرائيلي عميت سديه، والذي يعمل في نيجيريا ويعتبر مقرباً من قادة الدولة.
وسديه معروف بعلاقته المميزة مع يلي. وجاء في أحد التقرير الصحافية أن سديه يخدم كـ«رجل اتصال» ليلي. وجاء في تقرير آخر أن «دوايتك» تتكون فعلياً من سبع شركات، ليلي شراكة فيها جميعاً أو في بعضها، وأن سديه ويلي، حملا في طائرتيهما الخاصتين مسؤولين حكوميين إلى دول مختلفة في العالم، من بينها البرتغال، لفحص أعتدة تم شراؤها للجيش النيجيري.
ويملك سديه جنسية إسرائيلية وأخرى ألمانية ويعيش في نيجيريا. وهو في الأربعين من عمره ويعتبر رجل الأسرار الذي يحرص على إحاطة نفسه بسرية. وهو ويتجنب الانكشاف، بل ويقلل من العلاقات مع الإسرائيليين. وبعد خدمته في الجيش الإسرائيلي عمل في أنغولا كمدرب على إطلاق النار لدى شركة استشارات أمنية إسرائيلية، قدمت خدمات تدريب لحماية منشآت نفطية. ومن هناك انتقل إلى نيجيريا. وكان قبل عقد من الزمان مجرد رجل أعمال صغير في مجال الاستشارات الأمنية، لكنه شارك في إنشاء مجمع تجاري في لاغوس مع إسرائيلي آخر اسمه ألون نلكين.
وبحسب ميلمان فإن التحول الأكبر في حياة سديه وقع قبل ست سنوات، عندما توسط مع نلكين في صفقة هائلة بقيمة ربع مليار دولار شملت طائرات صغيرة من دون طيار وزوارق غير مأهولة لشركة «أيروناوتيكس ديفنس سيستمز» الإسرائيلية. وفي حينه كشفت «هآرتس» عن هذه الصفقة، وبعدها بدأت الورطة. فقد فتحت السلطات النيجيرية تحقيقاً في القضية اثر الاشتباه بأن الرئيس حينها، اولسجون أوبسانجو، الذي صادق على الصفقة بشكل متكتم قبيل الانتخابات، تلقى رشوة. وبعد ذلك ادعى جنرال نيجيري على شركة «دوايتك»، وعلى المدير العام شركة «أيروناوتيكس» آفي ليئومي أمام محكمة نيجيرية بدعوى عدم دفع عمولة وساطة بقيمة 2.6 مليون يورو.
وقادت الصفقة المشبوهة هذه إلى خلاف بين ليئومي وشريكه تاجر السلاح الهندي تشاودري، ما قاد إلى دعاوى مختلفة بينهما في المحاكم. وانتهى النزاع بتحكيم وسطاء. وتشاودري هو الذي يوفر المجال لمعظم صفقات السلاح الإسرائيلية في الهند.
ومنذ ذلك الحين زاد سديه من نشاطاته في نيجيريا خصوصاً في صفقات السلاح مع إسرائيل. وحالياً يجري إخفاء العديد من مظاهر التعامل السابقة بين الشركات الإسرائيلية وتجار سلاح بسبب القواعد المتشددة لمنظمة التعاون الاقتصادي الدولي التي انضمت إليها إسرائيل لاحقاً.
المصدر: السفير
إضافة تعليق جديد