أميركا مضطرة لخفض نفقات الدفاع
تسعى الولايات المتحدة إلى إنهاء المهمات القتالية لقواتها المسلحة في العراق, وقد يزيد ذلك الضغوط على وزارة الدفاع الأميركية لخفض الإنفاق العسكري مما يعطي بالتالي الذريعة لمشرعين طالما انتقدوا تعاظم الإنفاق الدفاعي الأميركي.
وستوقف الولايات المتحدة المهمات القتالية لقواتها بالعراق ابتداء من يوم الثلاثاء القادم قبل الموعد المحدد لانسحاب جميع قواتها من هناك في العام القادم. كما يعتزم الرئيس باراك أوباما البدء في سحب القوات الأميركية من أفغانستان في يوليو/تموز من العام القادم.
وكان أوباما طلب زيادة في موازنة الدفاع بنسبة 1.8% في العام المالي القادم إلى 548.9 مليار دولار.
وتمثل وزارة الدفاع 19% من الإنفاق الاتحادي للولايات المتحدة.
ومع زيادة القلق إزاء تعاظم موازنة الدفاع فإن انسحاب القوات الأميركية من العراق وأفغانستان قد يمثل مادة خصبة للجدل لمؤيدي خفض نفقات الدفاع كجزء من خفض عام في نفقات الحكومة الاتحادية.
وقد كانت مثل هذه الفكرة غير مطروحة للنقاش من الناحية السياسية منذ هجمات 11 سبتمبر/أيلول 2001 على أهداف أميركية.
ويقول محللون إن الوضع الآن قد تغير. ويقول مدير مشروع شتراوس للإصلاح العسكري بمركز معلومات الدفاع وينسلو ويلر إن الولايات المتحدة بصدد الدخول في تحول كبير بشأن حجم الإنفاق الدفاعي كما أن الحروب لم تعد تمثل حماية منيعة لمؤيدي زيادة الإنفاق الدفاعي.
وتعارض وزارة الدفاع بقوة أي خفض في نفقات الدفاع بل تطالب بزيادة تصل إلى 1% في السنوات القادمة.
وبينما تنخفض نفقات الدفاع في حرب العراق تزداد من الناحية الأخرى في أفغانستان حيث وصلت إلى أرقام قياسية.
وقد استبق وزير الدفاع الأميركي روبرت غيتس الأحداث وأعلن عن خفض في الوظائف العسكرية وعن إغلاق مركز كبير للقيادة العسكرية مع توقعاته أن الكونغرس سيحاول خفض الإنفاق الدفاعي. لكنه سيوجه التوفير الناتج عن ذلك إلى جهات أخرى في موازنة الدفاع.
ومن ضمن المؤيدين لخفض النفقات الدفاعية أعضاء من الحزب الديمقراطي الذين يشعرون بالقلق إزاء ارتفاع تكلفة حرب أفغانستان والذين يؤيدون سحب القوات من العراق.
وحتى بعض الجمهوريين المعنيين بخفض عجز الموازنة يتابعون عن كثب الإنفاق الدفاعي الذي زاد إلى الضعف بالتقديرات الواقعية منذ هجمات 11 سبتمبر/أيلول 2001.
وقد خصص الكونغرس أكثر من تريليون دولار لحربي العراق وأفغانستان منذ 2001. ويضاف هذا المبلغ إلى الإنفاق المتعاظم لمجالات أخرى أساسية في موازنة الدفاع.
ونقلت رويترز عن السيناتور الديمقراطي توم كوبيرن قوله إن من الخطأ أن تعتقد وزارة الدفاع أنها منيعة ضد إجراءات موسعة لخفض الإنفاق الاتحادي ومعالجة العجز المتعاظم، مشيرا إلى أن مثل هذه الخطوات ضرورية بغض النظر عن الانسحاب من العراق.
وأضاف كوبيرن أنه يجب على وزارة الدفاع أن تكون مستعدة لمثل هذه الإجراءات التي ستتخذ آجلا أم عاجلا.
وتعتبر مسألة خفض موازنة الدفاع ذات أبعاد كبيرة خاصة للمؤسسات الصناعية الكبرى التي تزود البنتاغون بالأسلحة مثل لوكهيد مارتن كورب وبوينغ ونورثروب غرومان وبي أي آي سيستمز وجنرال داينامكس وريثيون كو.
كما يعتبر الأمر قنبلة سياسية للرئيس أوباما حيث سيتعرض إما للاتهام بأنه أغفل مسائل الدفاع في حال تقليص الإنفاق، أو بعدم المسؤولية في إنفاق أموال دافعي الضرائب في حال عدم اتخاذ أي إجراءات لخفض الإنفاق الدفاعي.
ومن المتوقع أن توصي لجنة رئاسية شكلت لدراسة كيفية خفض الإنفاق الدفاعي بخفض بعض الإنفاق في ديسمبر/كانون الأول القادم بعد الانتخابات التشريعية التي أصبح فيها عجز الموازنة والدين الحكومي مسائل رئيسية.
ووصف رئيس هيئة الأركان المشتركة الأدميرال مايك مولين الدين العام الذي يثقل كاهل الحكومة الأميركية ويصل إلى أكثر من 13 تريليون دولار بأنه "أكبر تهديد لأمننا القومي".
وأوضح في تصريحات في الأسبوع الماضي أن خدمة الدين الحكومي في العام 2012 ستصل إلى 600 مليار دولار، وهو ما يوازي موازنة الدفاع كلها.
ويحذر المسؤولون بوزارة الدفاع من أن الوضع في أفغانستان والعراق لا يزال ساخنا وقد يتطلب التزاما أميركيا عسكريا أطول بعد الوقت المحدد لانسحاب القوات وهو نهاية 2012.
كما أن الانسحاب من أفغانستان، وإن حدث في يوليو/تموز القادم، فإنه سيكون محدودا جدا.
وحذر وزير الدفاع روبرت غيتس أكثر من مرة من أنه لا يجب استخدام نهاية الحملات الأميركية العسكرية كفرصة لتقليص الإنفاق الدفاعي حتى في الأوقات العصيبة.
وقال "إن أكثر ما أخشاه هو أن الناس سيرون الموازنة الدفاعية في الأوقات الاقتصادية الصعبة كمكان لحل مشكلات العجز الذي تعاني منه البلاد".
المصدر: رويترز
إضافة تعليق جديد