50 مليار ليرة استهلاك قطاع التربية والتعليم سنوياً
باحصائيات تقديرية يمكننا القول ان اجمالي الانفاق على التربية والتعليم من حجم الناتج المحلي الاجمالي المتوقع العام الحالي يبلغ نحو 3.7% بحيث ان الموازنة العامة خصصت اكثر من 50 مليار ليرة لقطاع التربية والتعليم فيما الناتج المحلي الاجمالي قدر حسب هيئة تخطيط الدولة بنحو 1334 مليار ليرة لعام 2006.. اضافة الى ما ينفقه القطاع الخاص وهذا ما زال متواضعا مقارنة بالانفاق العام..
وما حرضني على اجراء هذه المقارنة الاحصائيات المتعلقة بانفاق بعض الدول على هذا القطاع، فدول الاتحاد الاوروبي ومنظمة التعاون الاقتصادي مجتمعة لا يتجاوز فيها الانفاق 2.5% من الناتج المحلي، في حين ان دولا مثل الصين لا يتجاوز فيها الانفاق على التعليم 2.1%، اندونيسيا 0.8%، الهند 3.2%، بيرو 3.3%، الفلبين 4.2%، الارجنتين 4.5%، البرغواي 4.8%، تايلند 4.8%، الاردن 5.0%، جمايكا 6.3%، الكويت 6.3%..
بمعنى ان نسبة الانفاق لدينا تعتبر جيدة مقارنة بتلك النسب او في موقع الوسط، انما لو اخذنا بعين الاعتبار وضع المؤسسات التربوية والتعليمية في بلدنا والحاجة لتطوير هذا النظام بشكل كامل فإن هذه النسبة تعتبر قليلة وبحاجة الى دعم اضافي... دون ان ننفي ان هذه النسبة ترتفع سنويا لكن هذا الارتفاع يجب الا يكون مرتبطا بزيادة اعداد الطلاب والحاجة الى مزيد من المؤسسات التربوية والتعليمية وانما زيادة تفرضها الحاجة الى تطوير هذا القطاع واصلاحه بطريقة تعطي نتائج ايجابية على باقي المجتمع، فالتطوير لا يمكن ان يتم ويستمر الا باصلاح كامل لنظام التربية والتعليم وهذا امر نعتقد ان الجميع متفق عليه...
هناك مدارس تفتقر لأدنى متطلبات الدراسة من مبنى وتجهيزات... وهناك اقسام وكليات تدرس مناهج قديمة شكلت على عجل ولم تطور الى الآن.. واخرى لا تتوفر فيها مستلزمات التعليم الاساسية..!!
واذا كان القطاع الخاص قد خطا خطوات جيدة خلال السنوات السابقة لجهة الاستثمار في التعليم والتربية فلا بد من الاشارة الى ان هذا الاستثمار موجه نحو شريحة واحدة هي التي تستطيع ان تتحمل العبء المادي له.. وبالتالي اسهامه محدد باطار مسبق وبشريحة خاصة، اي ان الدولة ستظل هي الحامل الاساسي لمتطلبات تطوير هذا القطاع والذي لن يحدث دون زيادة الاعتمادات المالية لاسيما ما يتعلق بالشق الاستثماري فالتربية والتعليم يحتلان المرتبة السادسة في قائمة القطاعات لجهة توزيع نسب الانفاق الاستثماري بعد المواصلات والكهرباء والادارة والقضاء... الخ.
منذ قرابة العامين.. اكد احد معاوني وزير التعليم العالي ان عدد الاساتذة المعارين الى جامعات عربية يزيد عن 800 استاذ جامعي.. وللدقة ايضا نضيف استاذاً مساعداً..
رقم يبدو للوهلة الاولى مرعبا لكنه يتحول الى كابوس مخيف فيما لو تم الوقوف بدقة على عدد اساتذة الجامعة في سورية وعدد الطلاب وبالتالي حصة الطلاب من الاساتذة..
وفق احصائيات وزارة التعليم العالي للعام الماضي فإن عدد اساتذة الجامعات السورية العامة يبلغ نحو 1186 استاذاً و1454 استاذاً مساعدا و2156 مدرسا.. فيما كان عدد الطلاب في مختلف الجامعات والمعاهد حوالي 252172 طالبا وطالبة.
وهكذا فإنه مقابل كل 95.51 طالبا هناك استاذ واستاذ مساعد ومقابل كل 122.67 طالبا هناك مدرس واحد فقط..
اذاً نحن في مواجهة حالتين خطيرتين:
ـ الاولى: ارتفاع عدد الطلبة ومحدودية اساتذة الجامعات وما ينجم عنه من ضعف في العملية التعليمية وبالتالي تهديد مستقبلي بتفاقم المشكلة اذا لم يتم تدارك الامر...
ـ الحالة الثانية: تتعلق بالنزيف الذي تتعرض له العقول السورية والهجرة باتجاه الخارج للعمل عدة سنوات وهنا يأتي تعديل قانون الجامعات وقانون التفرغ العملي كاجراء جراحي ناجح لوقف هذا المد من الناحية المادية، لتبقى النواحي الاخرى المتعلقة باستقلالية الاستاذ الجامعي والضغوط التي يتعرض لها وتوفير مستلزمات العمل.. فمن العيب حقا ان يجلس استاذ جامعي مخضرم على طاولة مكسورة او لا يوجد عليها اية قرطاسية ولا حتى جهاز كمبيوتر.. هذه خطوات عليها ان تعالج بجدية وموضوعية، فالتربية والتعليم هما الضمان لنجاح اي عملية تطوير.. فهذه العملية ليست اجراءات وقوانين بل تغييرات اجتماعية تدعمها خبرات ومؤهلات وعادات!!
زياد غصن
المصدر: تشرين
إضافة تعليق جديد