الوزراء العرب يماطلون ويلوذون بأوباما وإسرائيل ترضخ لإنذار تركيا

03-06-2010

الوزراء العرب يماطلون ويلوذون بأوباما وإسرائيل ترضخ لإنذار تركيا

سعت إسرائيل إلى احتواء عاصفة الانتقادات الدولية التي هبت عليها بعد الجريمة التي ارتكبتها قواتها البحرية بحق «أسطول الحرية»، حيث أُرغمت على إطلاق سراح كل المتضامنين الدوليين إثر تلقيها تحذيراً تركيا صارماً بضرورة الإفراج عنهم خلال مهلة أقصاها ليلة أمس.
وفي اليوم الثالث على المجزرة، بدا أن دولة الاحتلال قد باتت سجينة جدران الحصار التي أقامتها لخنق الفلسطينيين، بعدما كرست الجريمة عزلتها الدولية، فقد عاد كابوس «غولدستون» ليقض مضاجع القادة الإسرائيليين بعد تبني مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة في جنيف قراراً بتشكيل لجنة دولية للتحقيق في المجزرة، وبعدما أصرّ المتضامنون الدوليون على المضي قدماً في معركة كسر الحصار عن غزة، سواء عبر سفينة «راشيل كوري» التي بدأت رحلتها من مالطا باتجاه السواحل الفلسطينية، أو من خلال حملة التضامن الجديدة التي تقرر تنظيمها تحت اسم «أسطول الحرية -2».
أما تركيا، التي بدأت باستقبال معتقليها وجثامين شهدائها، فقد كرست نفسها المدافع الأول عن القضية الفلسطينية، في مقابل التخاذل العربي الرسمي الذي تجلت صورته مجددا امس في القرارات الخجولة التي اتخذها وزراء الخارجية العرب في القاهرة وخلافاتهم حول مبدأ التفاوض مع اسرائيل الذي تمسكت به سلطة محمود عباس.
وقال كل من وزيري الخارجية الفلسطيني رياض المالكي ونظيره السوري وليد المعلم، في تصريحات صحافية منفصلة في ختام اجتماع الوزراء انه تقرر تكليف مجلس السفراء العرب بطلب عقد اجتماع لمجلس الأمن مخصص لموضوع رفع الحصار.
واضاف المعلم ان العرب قرروا الذهاب الى مجلس الأمن لإجبار إسرائيل على رفع الحصار، مضيفا: «وسوف نرى رد الفعل الاميركي»، فيما اتفق الوزراء على رفع موضوع المبادرة العربية للسلام الى الاجتماع المقبل للقادة العرب العام المقبل. كما وجهوا رسالة غير معلنة للرئيس الاميركي باراك اوباما حول ملف المفاوضات غير المباشرة بين السلطة الفلسطينية ودولة الاحتلال.
وفي المقابل، فإن تركيا بدا انها آثرت الفصل بين شروطها لاحتواء الأزمة الحالية، وبين الهدف الرئيسي الذي حددته لإعادة تطبيع العلاقات مع اسرائيل، وهو رفع الحصار عن غزة.

إطلاق المعتقلين
وسرعت إسرائيل، الغارقة في دوامتها الدبلوماسية، إبعاد مئات الناشطين المؤيدين للفلسطينيين، بعدما قرر مجلسها الوزاري المصغّر ترحيلهم في غضون 48 ساعة. وقد بدأت هذه العملية، فجر أمس، بتسليم الأردن 126 معتقلاً، فيما يتوقع أن تنتهي اليوم حسبما ذكرت الإذاعة العامة الإسرائيلية. وقال المتحدث باسم هيئة السجون الإسرائيلية إيرون زامير إنه «لا يوجد أي معتقل في السجن»، مضيفاً انه تم نقل كل المعتقلين إلى مطار بن غوريون قرب تل أبيب، أو إلى الحدود الأردنية.
وفي مؤشر إلى أنّ هذه الخطوة جاءت بناء على ضغوط دولية، لا سيما بعد التحذير التركي الذي عبر عنه رئيس الحكومة التركية رجب طيب اردوغان ووزير خارجيته احمد داود اوغلو في اتصالاتهما مع المسؤولين الاميركيين، نقلت القناة الثانية في التلفزيون الإسرائيلي عن وزير الأمن الداخلي يتسحاق أهارونوفيتش أنّ القرار جاء متعارضاً مع رغبته، مشيرة إلى أنّ المجلس الوزاري المصغر للشؤون الأمنية قرر إطلاق سراح المتضامنين بناء على طلب من نتنياهو والمدعي العام الإسرائيلي إيهود فينشتاين الذي اعتبر أنّ «الإبقاء على هؤلاء في إسرائيل سيلحق ضرراً بالدولة».
وتجمع الآلاف مساءً، في أكبر ساحات مدينة اسطنبول احتفالا ببدء عودة الناشطين الأتراك الذين كانوا على متن «أسطول الحرية». وذكر التلفزيون التركي أن طائرة تحمل جرحى العدوان هبطت في تركيا. وأعلنت المتحدثة باسم وزارة الداخلية الإسرائيلية سابين حداد أن خمس طائرات أقلعت من مطار بن غوريون إلى تركيا واليونان، وعلى متنها 503 ناشطين وتسع جثث لأشخاص قتلوا في الهجوم، متوقعة أن تقلع طائرة سادسة قريبا، وعلى متنها باقي الناشطين.
التحذير التركي
وكان وزير الخارجية أحمد داود أوغلو قد قال، خلال مؤتمر صحافي عقده إثر عودته من الولايات المتحدة: «أبلغت السيدة كلينتون هاتفيا أننا سنعيد النظر في كل العلاقات مع إسرائيل إذا لم يفرج عن مواطنينا خلال 24 ساعة أي بحلول هذه الليلة (أمس)». وتابع «نحن نريد تحقيقا تفصيليا تجريه الأمم المتحدة في أعمال دولة إسرائيل المارقة»، متسائلاً «ما الذي يمكن توقعه من تحقيق تجريه دولة في وضع المتهم جنائيا؟».
وشدد أوغلو على أنّ «مستقبل العلاقات مع إسرائيل يعتمد على موقف إسرائيل» نفسها. وأضاف «إنني لا أرى سببا لعدم عودة العلاقات إلى طبيعتها بمجرد رفع الحصار عن غزة والإفراج عن مواطنينا». وحذر من أنه في حال حاولت إسرائيل محاكمة من كانوا على متن «أسطول الحرية»، فإن المحاكم التركية ستبدأ إجراءً قانونياً ضد السلطات المسؤولة عن «خطف» هؤلاء.
وأشار إلى أن دعوته لمجلس الأمن بأن ينعقد بعيد الهجوم على السفن استجيبت بسرعة وأن كل ما طلبته تركيا تم تضمينه في بيان رئاسة المجلس، مضيفاً «إن مطالبنا كانت واضحة جداً، وهي ضمان إطلاق سراح كل المدنيين والسفن، وإنشاء لجنة دولية مستقلة. ووفقاً لنجاح اللجنة، التعويض عن عائلات من قضوا (في الهجوم) ورفع الحصار عن غزة»، والسماح لسفن المساعدة بالوصول إليها.
ودعا داود أوغلو، في الوقت ذاته، إلى أن «يحل الهدوء محل الغضب في الرد على إسرائيل. وينبغي ان يتجنب الناس السلوك الانفعالي»، مؤكداً أنّ «سلامة أسر الدبلوماسيين والسياح الإسرائيليين واليهود الأتراك مسألة تتعلق بشرف أمتنا»، في وقت ذكرت صحيفة «يديعوت أحرونوت» أنّ وزارة الخارجية الإسرائيلية أصدرت أوامر لعائلات دبلوماسييها بمغادرة تركيا في أسرع وقت ممكن.
وكان مكتب رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان أوضح أنّه أبلغ الرئيس الأميركي باراك أوباما، خلال اتصال هاتفي مساء أول أمس، بأنّ إسرائيل في طريقها «لخسارة صديقتها الوحيدة» في المنطقة تركيا.
مجلس حقوق الإنسان
وفي جنيف، بدا أنّ عاصفة قانونية جديدة ضد إسرائيل قد بدأت تتكون في مجلس حقوق الإنسان الذي أصدر، أمس، قراراً ينص على تشكيل «لجنة تحقيق دولية» مستقلة حول الهجوم الإسرائيلي على «أسطول الحرية»، داعياً دولة الاحتلال إلى رفع حصارها عن قطاع غزة، وذلك في خطوة تذكر باللجنة التي شكلها المجلس برئاسة القاضي غولدستون للتحقيق في جرائم حرب غزة.
«أسطول الحرية ـ2»
إلى ذلك، أعلنت «الحملة الأوروبية لرفع الحصار عن غزة» عن توفر التمويل لأول ثلاث سفن في أسطول جديد سيتوجه إلى قطاع غزة خلال أسابيع قليلة تحت اسم «أسطول الحرية 2».
يأتي ذلك، في وقت تلوح في الأفق نذر مواجهة جديدة مع محاولة أخرى لكسر حصار غزة، حيث أبحرت السفينة «راشيل كوري» من مالطا متجهة إلى السواحل الفلسطينية.

المصدر: السفير+ وكالات

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...