عميـلان فرنسيان واكبا الصديق مـن باريـس إلى دولة الإمـارات
أنجز العميلان الفرنسيان من أصل عربي اللذان رافقا محمد زهير الصديق من باريس، إلى مطار أبو ظبي الدولي في الخامس عشر من آذار 2008 مهمتهما على أكمل وجه. العميلان، وهما في مقتبل العمر، دخلا الامارات بجوازي سفر فرنسيين وراقبا الصديق وهو يعبر مركز الأمن العام الإماراتي من دون مساءلة من احد، وشهداه يستقبل ختم الدخول لثلاثين يوما على جواز سفر تشيكي حقيقي ـ مزور.
محمد زهير الصديق، السوري الأصل، هو المواطن التشيكي الذي دخل الإمارات باسم «سامي السعيد» وقد ولد في دمشق في الأول من آب 1961 وحصل على جواز حقيقي باسمه الوهمي الجديد في الخامس والعشرين من تشرين الأول 2006.
وكان الصديق قد ترك فرنسا بعد عامين ونصف العام من وصوله إليها في آب 2005 آتيا من الرياض، فماربيا في اسبانيا، فضاحية شاتو القريبة من باريس، حيث لم يتح له ولعائلته التعرف الى العاصمة الفرنسية، بسبب تسارع وتيرة الأحداث التي رافقت وصوله، والحراسة المشددة التي فرضتها عليه الأجهزة الأمنية الفرنسية، وحمايته من التهديدات التي أحاطت به بعد
تحوله إلى «الشاهد الملك» في قضية اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري.
ترك «الشاهد الملك» انطباعا غامضا لدى من رافقوه في تلك الفترة، ولم يقيض له الابتعاد عن ضاحية شاتو بسبب الاحتياطات الأمنية. ردت محكمة فرساي في شباط من العام 2006 طلب تسليمه إلى لبنان عبر «الانتربول»، حيث كان يمكن أن يواجه حكما بالإعدام. ولم تستطع القاضية اللبنانية جوسلين ثابت التي أوفدها القضاء اللبناني، مع طلب الاسترداد، أن تستمع إليه رغم انتظارها أياما سبعة.
ويبدو أن «مواطنية» الصديق التشيكية، التي ولجها كما يظهر على جواز سفره الحقيقي ـ المزور، كانت قد قُررت خلال تلك الفترة، عندما كان لبنان يطالب بإستــرداده، علما بأنه لا يمكن الاستــكانة إلى صدق تاريخ الجواز، واحتمال أن يكون انتقــاؤه مــزورا أيضا، ومجرد صدفة، لكنه يوافق تلك الــفترة التي بدأت فيها الأجهزة الفرنسية، تفقد ثقــتها بأقوال «الشاهد الملك»، الذي أدت شهادته إلى توقيف وسجن الضباط الأربعة واقحام أسماء عدد من الضباط السوريين.
كما يوافق التاريخ على جواز السفر، اقتراب فريق وزير الداخلية الفرنسي الأسبق الرئيس نيكولا ساركوزي من الاليزيه، واقتناعه المتزايد، مع تطور التحقيق الدولي في قضية الحريري، بأن الإرث الذي أودعه الرئيس جاك شيراك، للرئيس الجديد الصاعد إلى السلطة، قد تحول إلى عبء أمني وسياسي ودبلوماسي، إزاء المحكمة الدولية التي باتت تنظر إلى الصديق كمتهم أكثر من نظرتها إليه كشاهد، وهو ما أكدته وقائع الإفراج عن الضباط الأربعة في نيسان 2009 ومطالعة المحقق والمدعي العام دانيال بيلمار في إخلاء سبيلهم، ونقض شهادته.
والمؤكد أن رغبتين صادفتا بعضهما البعض في فيلا الصديق في شاتو، ساهمتا في إخراجه من عزلته الفرنسية وإرساله إلى الإمارات العربية المتحدة: الأولى، الاكتئاب الجماعي الذي عانى منه الجميع في الفيلا من العائلة الى الحراس، ورغبة سياسية رسمية تبلورت مع الوقت لإبعاده.
والحال أن الأجهزة الأمنية الفرنسية، قد أبعدت الصديق في 15 آذار 2008، ليظهر «سامي السعيد» على السطح عبر جواز السفر المزور الذي قال الصديق إن جهات أمنية فرنسية قد زودته به لإخراجه من فرنسا. وما مواكبة عميلين فرنسيين له إلى مطار أبو ظبي إلا دليل واضح على صحة ما قال خلال محاكمته في أبو ظبي بسبب جوازه المزور، حيث يمكن الجزم لمرة على الأقل، بصحة ما يقول!
وفي السياق، كانت وزارة الداخلية الفرنسية قد نفت على الدوام أي علاقة لها بجواز سفره التشيكي، كما نفت معرفتها بالجهة التي قد تكون قامت بتزويده بالجواز. كما غسلت جميع الأجهزة الفرنسية أيديها من الصديق، رغم عامين ونصف العام من احاطته بالحماية، ولم يسمع أي صوت لتشيكيا خلال محاكمة الصديق على حمله جواز سفر تشيكيا حقيقيا، وليس تزويره، وهي عملية لم يكن يستطيع القيام بها في فيلا شاتو، من دون مساعدة المحيطين به من حراسه.
وإذا كان إخراجه من فرنسا قد تم بجواز سفر تشيكي، فبأي جواز سفر عاد «سامي السعيد»، أو محمد زهير الصديق من الإمارات إلى أوروبا، حيث تتردد شائعات عن وجوده حاليا في بلجيكا.
محمد بلوط
المصدر: السفير
إضافة تعليق جديد