«الدولية للمعلومات»: مشقة الأخوّة.. والعلاقات اللبنانية ـ السورية
يتوجه اليوم وفد من المدراء العامين والتقنيين اللبنانيين إلى دمشق برئاسة وزير الدولة جان أوغاسبيان من أجل إجراء محادثات مع المسؤولين السوريين حول الملاحظات اللبنانية والسورية على الاتفاقيات السابقة بين البلدين التي وقعت في أعقاب إبرام «معاهدة الأخوة والتعاون والتنسيق بين لبنان وسورية» والبحث بإمكان توقيع اتفاقات وتفاهمات جديدة.
والجدير ذكره أنه إثر توقيع اتفاق الطائف وانتهاء الحرب اللبنانية وعودة الدولة إلى ممارسة دورها في ظل رعاية أمنية وسياسية سورية، وقّع البلَدان معاهدة الأخوّة والتعاون والتنسيق في 22 أيار 1991 وقد أقرّها مجلس النواب بموجب القانون رقم 57 تاريخ 29 أيار 1991.
وقد شكلت هذه المعاهدة الإطار العام للتعاون والتنسيق بين البلدين في جميع المجالات السياسية والاقتصادية والأمنية والثقافية والعلمية وغيرها بما يحقق مصلحة البلدين.
نصت المعاهدة على إنشاء المجلس الأعلى الذي يضم رئيس الجمهورية، رئيس الحكومة ورئيس مجلس النواب ونائب رئيس الحكومة في كلا البلدين على أن يجتمع مرة كل سنة، وعندما تقتضي الضرورة، وتُنشأ أمانة عامة للمجلس لمتابعة تنفيذ أحكام المعاهدة.
كما نصت المعاهدة على إنشاء لجان للتنسيق والتعاون في المجالات المختلفة وعلى توقيع اتفاقيات خاصة بين البلدين في المجالات التي تشملها هذه المعاهدة الاقتصادية والأمنية والدفاعية.
والنقطة الأبرز والأهم هو تعهد الدولتين العمل على إلغاء القوانين والأنظمة التي لا تتوافق مع هذه المعاهدة بما لا يتعارض مع أحكام الدستور.
وقد عقد مجلس النواب جلسة يوم 27 أيار 1991 أي بعد 5 أيام على إقرار المعاهدة، استغرقت 4 ساعات ونصف ساعة انتهت بالتصديق على المعاهدة، بموافقة جميع النواب الحاضرين، ما عدا ألبير مخيبر وتحفظ حميد دكروب، ومن بين النواب الموافقين والذين ما يزالون نواباً حتى اليوم النائبان عبد اللطيف الزين وبطرس حرب.
اتفاقية الدفاع والأمن
نصت اتفاقية الدفاع والأمن التي صادق عليها مجلس النواب بموجب القانون رقم 97 تاريخ 26-9-1991 على الآتي:
÷ إنشاء لجنة شؤون الدفاع والأمن من وزراء الدفاع والداخلية في البلدين على أن تجتمع كل 3 أشهر.
÷ الفرض على قيادات الجيش والأجهزة الأمنية والإدارات الأخرى الاجتماع دورياً مرة كل شهر.
÷ منع أي نشاط أو عمل أو تنظيم في كل المجالات العسكرية والأمنية والسياسية والإعلامية من شأنه إلحاق الأذى والإساءة للبلد الآخر.
÷ أن يلتزم كلّ من الجانبين بعدم إيواء أشخاص أو منظمات يعملون ضد أمن البلد الآخر وفي حال حصول ذلك تسليمهم للجانب الثاني.
÷ التبادل والتعاون بين الأجهزة الأمنية لا سيما في قضايا التجسس والمعلومات والمخدرات والإرهاب
÷ تبادل الضباط والأفراد ضمن دورات تدريبية.
إبان وجود القوات السورية في لبنان لم يكن لهذه الاتفاقية أية قيمة فالتعاون كان قائماً ويتجاوز الأطر المحددة في الاتفاقية إذ أنّ الأمن والمعلومات كانا بيد الأجهزة المخابراتية والعسكرية السورية ولم تكن هناك مصلحة سورية في تنظيم التعاون الأمني.
بعد انسحاب القوات السورية في نيسان 2005، جمد العمل بهذه الاتفاقية من قبل لبنان وقد تكون سورية تريد تنفيذها ربما لأنها تحقق مصلحتها الأمنية بعد الخروج من لبنان.
اتفاقية اقتسام مياه نهر العاصي
أُقرت اتفاقية اقتسام مياه نهر العاصي في 20 أيلول 1994 لكنّ مجلس النواب لم يقرّها إلا في 12 كانون الأول 2002 وحُددت حصة لبنان بـ 80 مليون م3 من المياه عندما تبلغ موارد النهر ضمن الأراضي اللبنانية 400 مليون م3 وما فوق وفي حال تراجعها تنخفض حصة لبنان بمقدار التراجع الحاصل.
وهناك رأي يعتقد ان سورية حصلت بموجب هذه الاتفاقية على نسبة من المياه تفوق النسبة المحددة في الاتفاقيات الدولية التي ترعى توزيع مياه الأنهر العابرة للدول، والتي في حال تطبيقها ترفع حصة لبنان إلى بين 160-200 مليون م3. بينما هناك رأي آخر يعتبر ان ما حصل عليه لبنان هو اكثر من عادل.
اتفاقيات وبروتوكولات أخرى (1991-2004)
استناداً إلى معاهدة الأخوّة والتعاون والتنسيق تم خلال السنوات اللاحقة التوقيع على 136 اتفاقية وبروتوكولاً تناولت المجالات المختلفة، كما هو مبين في الجدول رقم 1.
يمكن تقسيم المعاهدات والاتفاقيات والبروتوكولات والمذكرات الموقعة بين لبنان وسورية إلى أربع فئات:
÷ الفئة الأولى، تضم اتفاقيات ومذكرات وقع لبنان مثلها مع العديد من دول العالم وكذلك سورية وهي تعود بالنفع على البلدين، كاتفاق منع الإزدواج الضريبي ومنع التهرب الضريبي، اتفاق تبادل بعائث البريد العاجل، مذكرة تفاهم في إطار التعاون في مجال الاتصالات، واتفاقيات التعاون العلمي والثقافي وعددها 104 اتفاقيات.
÷ الفئة الثانية، وتضم اتفاقيات تعود بالفائدة على لبنان من دون أن تسبب ضرراً لسورية كاتفاقيات استجرار الطاقة، وتزويد قرية الطفيل بالهاتف والكهرباء وعددها 12 اتفاقية.
÷ الفئة الثالثة وتضم اتفاقيات موقعة بين جهات خاصة وغير حكومية في لبنان وهي لا تلزم الحكومة اللبنانية كالاتفاقية مع مؤسسة اليازا ومع نقابات الأسنان والصيادلة والفنانين وعددها 15 اتفاقية.
÷ الفئة الرابعة وتضم اتفاقيات مهمة وأساسية كاتفاقية الدفاع والأمن، اتفاقية توزيع مياه نهر العاصي وهذه الاتفاقيات يفترض أن تكون موضوع إعادة نظر لتحقيق مصلحة الطرفين وعددها 5 اتفاقيات.
واذا استعرضنا الجدول المرفق، يتبين أنّ 87% من الاتفاقيات الموقعة بين لبنان وسورية (119 اتفاقية) هي اتفاقيات عادية بين البلدين والقطاعات الخاصة وغير الحكومية. أما النسبة المتبقية (13% أي 17 اتفاقية) فإنّ 12 اتفاقية منها هي لمصلحة لبنان (70%) وخمس اتفاقيات قد تكون مدار نقاش ووجهات نظر مختلفة وهي متعلّقة بتوزيع مياه نهر العاصي وتحديداً النسبة المخصّصة لسورية واتفاقية الدفاع والأمن، وتحديداً الفقرة 2.1 التي تنصّ على منع أي نشاط أو عمل أو تنظيم، في كل المجالات العسكرية والأمنية والسياسية والإعلامية، من شأنه إلحاق الأذى والإساءة للبلد الآخر. ومن هنا، يتوجب حصر النقاش حول هذه الاتفاقيات بدل الكلام العام وغير المحدد.
والجدير بالذكر أيضاً أنّ أغلبية هذه الاتفاقيات غير مطبّقة ومعظمها حبر على رق.
والملاحظ من خلال الجدول المرفق ومن خلال قراءة أسماء الوزراء الموقعين على الاتفاقيات أنّ البعض منهم قد انقلب اليوم وأصبح من المطالبين بإلغائها أو تعديلها.
الملـف مـن إعـداد: «الشركـة الدوليـة للمعلومـات»
المصدر: السفير
إضافة تعليق جديد