مستقبل حركة الإخوان المسلمين الأردنيين وإشكالية الحراك المتعاكس

18-04-2010

مستقبل حركة الإخوان المسلمين الأردنيين وإشكالية الحراك المتعاكس

الجمل: يشهد تنظيم جبهة العمل الإسلامي الأردني حراكا سياسيا داخليا متعاكسا, ولما كان هذا التنظيم هو الواجهة السياسية لتنظيم جماعة الإخوان المسلمين فقد تباينت التحليلات ووجهات النظر حول هذا الحراك المتعاكس والتي وصفها البعض بأنها تعبير عن الانقسام المتوقع ظهوره قريبا, واكتفى بعض آخر, وعلى وجه الخصوص ذوي التوجهات الإسلامية بأن ما يحدث هو خلافات عادية داخلية لا أكثر ولا أقل: فما هي حقيقة هذه الخلافات, وما هي تداعياتها على الساحة السياسية الأردنية, وقضايا المنطقة الأخرى:
ماذا تقول المعلومات الجارية؟
برزت أولى المؤشرات الدالة على حدوث أزمة داخل تنظيم جبهة العمل الإسلامي عندما تقدم في أوائل شهر أالمرشد سعيد هماميلول (سبتمبر) 2009م الماضي ثلاثة من كبار قادة التنظيم باستقالتهم من عضوية المكتب التنفيذي وأكدت المعلومات بأن الاستقالات جاءت على خلفية التصويت الذي تم داخل التنظيم على حل الجهاز السياسي, وحتى هنا يبدو الأمر عاديا فالكثير من التنظيمات يمكن أن تواجه مثل هذه الخلافات والاستقالات ولكن ما هو مثير للانتباه والاهتمام يتمثل في أن الجهاز السياسي المشار إليه كان يخضع لسيطرة ونفوذ التيار الإسلامي المعتدل والذي يتكون قوامه من العناصر ذات الأصول الأردنية.
أشارت المعلومات والتسريبات إلى أن الأزمة التنظيمية التي نشأت على خلفية حل الجهاز السياسي واستقالة أعضائه الثلاثة هي أزمة لها جذورها الممتدة عميقا داخل قوام الجماعة, وبتوضيح أكثر هناك مجموعة الأردنيين من غير الأصول الفلسطينية ومجموعة الأردنيين ذوي الأصول الفلسطينية, وتشير معطيات تطور التنظيم إلى أن هذا الانقسام يترتب عليه حالة نادرة تمثلت في أن مجموعة الأردنيين من ذوي الأصول غير الفلسطينية ظلت تسيطر على قيادة الحركة, أما جماعة الأردنيين ذوي الأصول الفلسطينية فظلت تسيطر على قاعدة الحركة وبعض أجهزتها الوسيطة, وعلى خلفية هذا الانقسام نشأت تقسيمات كثيرة أخرى منها على سبيل المثال لا الحصر:
• الانقسام إزاء الوضع السياسي الأردني: ظلت قيادة الحركة المكونة من الأردنيين ذوي الأصول غير الفلسطينية تطالب النظام الملكي الأردني بضرورة إجراء المزيد من الإصلاحات السياسية بما يتضمن تقليل صلاحيات ملك الأردن عن طريق وضع القيود الدستورية والتي تعطي البرلمان الأردني صلاحيات أكبر, أما قاعدة الحركة والمكونة من العناصر ذوي الأصول الفلسطينية فقد كانت أكثر سلبية إزاء الدخول في الصدام مع النظام الملكي الأردني, وتشير المعطيات والدلائل إلى أن حل الجهاز السياسي عن طريق التصويت كان بسبب عدم رغبة هذه القاعدة في استمرار خط قيادة الجهاز والذي أصبح على وشك أن يشعل الصدام بين الحركة والنظام الملكي.
• الانقسام إزاء الوضع السياسي الفلسطيني: وبرز هذا الانقسام أيضا بين القيادة السياسية والقاعدة وفي الوقت الذي كانت فيه القيادة أقل اهتماما بالوضع الفلسطيني فإن قاعدة الحركة كانت أكثر اهتماما, وبرغم أن قاعدة الحركة كانت قادرة على الإطاحة بقيادة الحركة إلا أن ما كان لافتا للنظر أن هذه القاعدة ظلت تتفادى حدوث ذلك.
برغم هذه الأوضاع المتعاكسة فقد ظلت الحركة تواصل أداءها في الساحة السياسية الأردنية, وبكلمات أخرى فقد كان عامل الترابط الديني أكثر تأثيرا على تماسك قوام الحركة


مفاعيل الانقسام الحالي: شرارة نيسان (أبريل) 2008م :
طوال تاريخ الحركة كان ذوي الأصول الأردنية يسيطرون على قيادتها وذوي الأصول الفلسطينية يشكلون أغلبية قاعدتها وقياداتها الوسيطة, وما هو جدير بالملاحظة أن أي واحد من ذوي الأصول الفلسطينية لم يسع بالأساس إلى تولي أي منصب في قيادة الحركة, حتى جاء يوم 30 نيسان (أبريل) 2008م, حيث تم انتخاب همام سعيد رجل الدين الأردني الفلسطيني الأصل ذو الأصولالغرايبة الفلسطينية ليتولى منصب مرشد جماعة الإخوان المسلمين الأردنية. وليصبح بعد ذلك أول أردني من أصل فلسطيني يتولى قيادة الجماعة.
أدى صعود همام سعيد إلى منصب المرشد العام إلى إثارة المزيد من الخلافات والآراء المتعاكسة فقد توقع البعض أن تحدث مواجهة داخل الجماعة وأيضا بين الجماعة والنظام الملكي الأردني وقد برزت في هذا الخصوص مجموعتان, المجموعة الأولى وهي مجموعة ذوي الأصول غير الفلسطينية وقد بدأت هذه المجموعة بممارسة الضغوط على مكتب الإرشاد من أجل ضرورة الدفع باتجاه الضغط على النظام الملكي الأردني لإجراء المزيد من الإصلاحات السياسية, أما المجموعة الثانية فكانت من ذوي الأًول الفلسطينية وهي التي تمثل الأغلبية وقد سعت هذه المجموعة إلى تفادي الصدام مع النظام الملكي الأردني على الأقل في الوقت الحالي, وقد أدت هذه الحالة إلى تعارض أهداف المجموعتين بما أدى لاحقا بعد ذلك إلى ما يمكن أن نسميه بظاهرة تعارض المصالح, وقد قاد تعارض المصالح وتعارض الأهداف إلى دفع مجموعة ذوي الأصول غير الفلسطينية إلى تفسير عدم اهتمام قيادة الجماعة بملف الإصلاحات السياسية الداخلية في الأردن لاعتباره ناشئا بسبب العلاقات والروابط الوثيقة التي تربط بين أعضاء الجماعة ذوي الأصول الفلسطينية وحركة حماس الفلسطينية, وتشير التسريبات والمعلومات إلى أن هذا الإدراك قد دفع بعض عناصر مجموعة ذوي الأصول غير الفلسطينية إلى المطالبة بإبعاد حركة الإخوان المسلمين الأردنية عن حركة حماس الفلسطينية.

مستقبل حركة الإخوان المسلمين الأردنيين وإشكالية الحراك المتعاكس:

برزت بعض المؤشرات السياسية السلوكية في أداء الحركة في منتصف العام الماضي وذلك عندما أعطى ملك الأردن الإذن لزعيم حركة حماس الفلسطينية خالد مشعل بدخول الأردن والمشاركة في حضور جنازة والد خالد مشعل, وتقول المعلومات بأن جنازة والد خالد مشعل قد شهدت تجمع الآلاف من الإسلاميين الأردنيين بمختلف انتماءاتهم وقد سعى خالد مشعل بدوره لجهة القيام بالوساطة لجهة حل الخلافات بين حركة حماس ومجموعة الإخوان المسلمين الأردنيين ذوي الأصول غير الفلسطينية, وتجدر الإشارة إلى أن مجموعة ذوي الأصول غير الفلسطينية قد اختلفت في الموقف من وساطة خالد مشعل ففي الوقت الذي رأى فيه البعض أنه وسيطا مقبولا, قام بعض آخر بالنظر بالمزيد من الشكوك في إمكانية حياده طالما أن مجموعة الإخوان الأردنيين ذوي الأصول الفلسطينية هم بمثابة امتداد لحركة حماس أو بالأحرى هم حركة حماس الأردنية التي تعمل داخل التنظيم تحت غطاء جماعة الإخوان المسلمين الأردنية.
تشير بعض التحليلات إلى أن وساطة الزعيم خالد مشعل قد وجدت القبول والتأييد بواسطة همام سعيد مرشد الحركة والذي يعتبر من أبرز المؤيدين والداعمين لحركة حماس الفلسطينية وأضافت المعلومات بأن المرشد همام سعيد قد سعى إلى نفي ذلك عندما سرب لأحد الصحف بأنه قد اتصل بالزعيم خالد مشعل وأخبره بأن الخلافات داخل الحركة هي شأن أردني ولا يحق لأي جهة التدخل فيها, وأضافت المعلومات بأن خصوم المرشد همام سعيد قد شككوا في هذا التصريح وأشاروا إلى أن خالد مشعل يتمتع بنفوذ كبير على المرشد همام سعيد ومجموعته.
مفاعيل الصراع الإخواني الأردني سوف تظل مستمرة وفي حالة حركية متزايدة وتشير بعض التسريبات والتحليلات إلى أن النظام الملكي الأردني قد بدأ يعد الترتيبات لجهة استثمار هذه الخلافات وذلك على أساس اعتبارات أن صعود همام سعيد إلى منصب المرشد معناه إقصاء مجموعة الإخوان الأردنيين ذوي الأصول غير الفلسطينية المطالبين بإجراء الإصلاحات التي يرى النظام الملكي بأنها سوف تهدد استقراره وبالتالي فإن خيار النظام الملكي الأردني الحالي يتمثل في أن اهتمام حركة الإخوان المسلمين الأردنيين بجدول أعمال ملفات الصراع الفلسطيني الإسرائيلي والتعاون مع حركة حماس هو أفضل من خيار انشغال هذه الجماعة بجدول أعمال ملفات قضايا الإصلاح السياسي الداخلي الأردني وعلى هذه الخلفية تشير التوقعات إلى أن النظام الملكي الأردني سوف يسعى إلى إفساح المزيد من حرية الحركة لعلاقات خط خالد مشعل-سعيد همام وفي نفس الوقت سوف يقوم هذا النظام بالضغط أكثر فأكثر على مجموعة الإخوان المسلمين الأردنيين ذوي الأصول غير الفلسطينية وعلى وجه الخصوص زعماءها الثلاثة والذين سبق وأن قدموا استقالاتهم ومن أبرزهم الغرايبة وعبد اللطيف عربيات والذين، كماتقول بعض التسريبات، أنهم يعدون العدة إلى إعلان انفصالهم التنظيمي الكامل وقيام جماعة إخوان مسلمين تعمل في استقلال تام عن حركة حماس الفلسطينية.
 


الجمل: قسم الدراسات والترجمة

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...