حاتم علي : أرغب بالخروج من مستنقع التلفزيون إلى السينما

29-07-2006

حاتم علي : أرغب بالخروج من مستنقع التلفزيون إلى السينما

فتح حاتم علي قلبه وعقله، وتحدث عن تجربته الفنية وعلاقاته مع المبدعين الآخرين مخرجين وممثلين، كاشفاً عن اختلاف وجهات النظر بينه وبين المخرج نجدت أنزور.

كما كشف عن تجربته السينمائية والأخرى التلفزيونية في مصر، واعتبر أن مسلسل (التغريبة الفلسطينية) كان أحد أحلامه الفنية الكبيرة، وأن حلمه الآن هو أن يخرج من "مستنقع" المسلسل التلفزيوني ليصل إلى ضفاف الفن الحقيقي وهو السينما، ومن حوار تلفزيوني طويل نقتطف بعض وأهم ما قاله مخرجنا المتألق. ‏
حول مسلسله (التغريبة الفلسطينية)، قال حاتم إن واحداً من أحلامي كان أن تتاح لي فرصة أن أقدم عملاً عن القضية الفلسطينية، وكنت أظن أن حلماً كهذا سيظل مجرد حلم، نظراً لصعوبة الموضوع نفسه ولحساسيته، فكأنك تمشي في حقل ألغام، وقد كنت سعيداً جداً عندما طرح الدكتور وحيد سيف فكرة إعادة إحياء مسلسل قديم هو (الدرب الطويل)، وعندما قرأت ما كتبه، وجدت كتابة مؤثرة ومحكمة البناء من الناحية الدرامية، وذات عمق إنساني استثنائي، لا سيما أني رأيت دائماً أن واحدة من مشكلات الخطاب الفني والسياسي العربي عن القضية الفلسطينية أنه جردها من محتواها الإنساني، وحولها إلى مجموعة من الشعارات والهتافات. ‏

وتابع: إن في هذا العمل الكثير من (نفسي) ليس في التفاصيل الحياتية والمعيشية بل في لحظات التهجير أيضاً، فأنا عشت لحظات مشابهة لها، وكنت لأيام على (ظهر) أحد أخوالي بالطريقة نفسها التي حمل فيها مسعود (صالح) على كتفيه. ‏

وهذه التقاطعات ساعدتني في التقاط هذا الجوهر الإنساني للعمل، ووجدت نفسي أمام امتحان: كيف يمكن لي أن أعيد تجسيد كل هذه التفاصيل، وأنا لم أعاصر هذه الأحداث؟. ربما ساعدتني تجربتي البسيطة على استنباط هذه التفاصيل التي لا بد أن تكون موجودة في النص. وأضاف حاتم علي: إن القضية الفلسطينية تستحق أعمالاً كثيرة، وأن تناقش في أعمال كثيرة تلفزيونية ومسرحية وسينمائية، فهذه القضية الكبيرة تحتاج إلى معالجات فنية كبيرة عبر خطاب إنساني أكثر توازناً ورحابة كي يصبح العمل الفني أكثر تأثيراً لا سيما عندما نسوق صورتنا إلى العالم بوصفنا بشراً. ‏
وأكد حاتم أن: (التغريبة الفلسطينية) ليست أكثر الأعمال قرباً إلى نفسي وحسب، بل هي أحد أحلامي الكبيرة، وقد رأيته يتحقق، وكنت بالفعل غير مصدق في لحظات كثيرة أنني يمكن أن أصنع عملاً عن القضية الفلسطينية، وفي مشاهد التهجير كان هناك أناس كثيرون (كومبارس) من أصول فلسطينية وأعداد كبيرة من الأهالي السوريين في المنطقة التي كنا نصور بها. وكان من المدهش جداً أن تسمع شهقات بكاء حقيقي، وكان من الصعب أن تميز هل هذا الشخص الذي يبكي هو فلسطيني أم سوري؟ ذلك أن القضية الفلسطينية هي قضيتنا جميعاً. ‏

وعن علاقته بالفنانين، اعتبر حاتم علي أن الفنان جمال سليمان هو شريك أساسي في مسيرته الفنية، وأنهما عملا معاً الكثير من الأعمال، وأن جمال قدم له الكثير من القراءات التي بهرته. وعن تجربته المبكرة في مرايا قال: عملت مع الأستاذ ياسر العظمة عامي 1998و1991، وكنت في بداية حياتي الفنية، وأعتقد أن عملي في مرايا كان مفيداً جداً بالنسبة لي، لأن هذا البرنامج المسلسل يتمتع بشعبية كبيرة جداً، ولكن المشكلة في مرايا أنه مشروع منجز سلفاً، وبالتالي فعندما تأتي إليه كمخرج يجب أن تنضوي تحت الطريقة المرسومة سلفاً، وبالتالي لا تترك مثل هذه التجربة هامشاً كبيراً للمخرج من ناحية الشكل الفني. ‏

أما عن تجربته مع الفنان دريد لحام في (عائلتي وأنا)، فقال: في هذه التجربة تعرفت إلى فنان ونجم كبير أكنّ له كل الاحترام، وقد وجدت فيه فناناً مطواعاً متعاوناً إلى أقصى الحدود.
وعن دور النجم في الدراما السورية قال حاتم: ليس لدينا في سورية مشروع يفصل على مقاس نجم، بل لدينا النص والموضوع أولاً، والمخرج يختار عناصر العمل من الفنانين وأنا أعتبر أنه أمر استثنائي أن تقع الدراما تحت سطوة النجوم. ‏

وتحدث حاتم علي عن دور الفنانين الشباب في انتعاش وتطور الدراما السورية فقال: الفنانون الشباب يقدمون حيوية للعمل الفني باقتراحاتهم الجديدة والمختلفة، وأنا أعتقد أن واحداً من الأسباب التي أسهمت في تطور الدراما السورية هو وجود هؤلاء الشباب الذين هم خريجو المعهد العالي للفنون المسرحية، والذين قدموا اقتراحات تمثيلية مختلفة، وتميز الكثير منهم، وكان أحدهم بطبيعة الحال (تيم الحسن) الذي بدأ العمل في (الزير سالم) ثم في أدوار أكثر أهمية في (صلاح الدين الأيوبي) إلى أدوار بطولة مطلقة في (ربيع قرطبة) ثم في (ملوك الطوائف)، وهناك أيضاً نسرين طافش التي لعبت أول دور لها في (ربيع قرطبة) وكان دوراً رئيساً. ‏

ورداً على سؤال حول تمويل الإنتاج السوري أوضح حاتم علي أن هناك نوعين من الأعمال: سورية من إنتاج سوري خالص، وهناك أعمال يتم تنفيذها في سورية بكوادر سورية، لكنها لمصلحة محطات أو شركات عربية، مع العلم أن جميع أعمالي التي أخرجتها هي أعمال سورية خالصة من إنتاج سورية. ‏

ونفى حاتم أن يكون هناك مَن يتدخل في العمل أو يفرض شروطاً ما بسبب كونه منتجاً. ؟ ‏

وأبدى تحفظه على عرض الأعمال الدرامية بالشكل الذي يجري في شهر رمضان، وقال: أتمنى أن نصل ذات يوم إلى طريقة نستطيع فيها أن نعرض أعمالنا خارج هذا المهرجان الذي يختلط فيه الحابل بالنابل. ‏
وحول خلافه مع المخرج نجدت أنزور، قال حاتم: اضطررت قبل سنوات أن أدافع عن نفسي، والآن وضعت الأمر خلف ظهري، لكني أعتقد أن أسلوب أنزور في إثارة الانتباه يأتي أحياناً على حساب الآخرين وكرامتهم وأعمالهم. ‏

وأكد حاتم مجدداً أنه ضد موجة الفانتازيا، ورغم أن نجدت أنزور ساهم في تطوير الصورة البصرية للدراما السورية، لكنه أيضاً أوقعها في مطب أكثر خطورة، لأن هذه الفانتازيا كانت دعوة تغرر بالآخرين، وتدعو إلى عدم قراءة التاريخ، كما تدعو إلى اختلاق التاريخ بديلاً عن هذه القراءة. وأضاف: أما الخلاف بيني وبين أنزور، فهو أنني ضد الطريقة التي يعمل بها، رغم أن له أعمالاً جيدة أعجبتني كتل الرماد ونهاية رجل شجاع، لكني أختلف معه في بعض أعماله خلافاً فنياً وعلى نقاط محددة، وغير ذلك ليست لي معه أية مشكلة. وأعتقد أن المشكلة دائماً هي في تصريحاته النارية التي ليس لها حدود أحياناً، والتي تحاول أن تنقل السجال الفني والفكري من حدوده كسجال إبداعي إلى مهاترات شخصية. ‏ وأكد حاتم علي الأنباء التي نشرت عن عزمه إخراج فيلم سينمائي مصري يحمل اسم (محمد علي)، وكذلك مسلسل مصري من تأليف أسامة أنور عكاشة يحمل عنوان (إبحار في زمن عاصف)، وقال: أنا أعتبر إخراج الفيلم مسؤولية كبيرة، لا سيما أن في مصر صناعة سينمائية حقيقية، وأشار إلى أنه سيبدأ العمل في الفيلم الذي يقوم ببطولته يحيى الفخراني اعتباراً من منتصف أيلول القادم، وأنه سبق له أن عقد عدة جلسات مع الفنان الفخراني، مشيراً إلى أن همه التعامل مع الشخصيات التاريخية باعتبارها شخصيات من (لحم ودم). ‏

واعتبر حاتم أن الكتابة بالنسبة له موضوع مؤجل، وأنه ابتعد عن الكتابة باعتبار أنه يعبر عن نفسه بالإخراج، مضيفاً أنه يفضل صفته كمخرج، لكن المفاجأة التي اختتم بها حديثه هي قوله: أحلم أن أخرج من مستنقع المسلسل التلفزيوني، وأن أصل إلى ضفاف فن حقيقي هو السينما. ‏

حاتم علي كسر القواعد الإخراجية المعروفة عند المخرجين العرب، وتحرر من القيود الأكاديمية. هو مخرج مبدع يدخل إلى أعماق الشخصية ويعكسها للمشاهد. ‏

حاتم علي يتميز بثقافة عالية وموهبة كبيرة ساعدته على فهم الدراما، ونحن نفتقر إلى المخرج الموهوب الذي يفهم الدراما، وحاتم علي كسر كل القواعد المألوفة والمتعارف عليها، ولم يتقيد بثلاث كاميرات أو أربع كاميرات، بل هو يصور بمحور كامل، بدائرة كاملة ويتحرر من كل القيود، لذا نحن نرى عملاً متكاملاً. ‏

وأنا أعتبر حاتم علي واحداً من المخرجين العالميين ونحن نعتز به، فهو أضاء للدراما العربية مفهوماً درامياً واقعياً، وقدم مدرسة واقعية تعتمد على الصدق. أنا أحييه وأدعوه للتخفيف من سرعته حتى نتمكن من استيعابه. ‏

الفنان خالد تاجا ‏:حقق معادلة صعبة في المرحلة الأخيرة من الحضور المتوهج للدراما السورية يشكل حاتم علي حالة من النضج والتوازن بين المحتوى والشكل، وكان من القلائل الذين استطاعوا فعلاً أن يحققوا هذه المعادلة المتوازنة بين الفكرة والصيغة الفنية المعبرة عنها. ‏

الدراما السورية تميزت في فترة من الفترات بخطاب تلفزيوني سياسي اجتماعي مهم، وجاءت فترة أخرى تميزت فيها بصورة بصرية ومشهدية عالية المستوى، وحاتم علي يحسب له أنه واحد من المبرزين في هذا الأمر، وهو يمتاز بخياراته النصية وأنه صاحب المشروع الأندلسي. ‏

نفتخر بحاتم علي، ونشد على يديه، وبمجموعة كبيرة من الشباب الموهوبين الذين يشكلون استمراراً لعطاء جيل من الرواد أسسوا لما وصلنا إليه في الدراما التلفزيونية. ‏

الفنان أيمن زيدان :‏عمر الدراما السورية يمتد إلى الستينيات من القرن الماضي، وقد شهد تاريخ هذه الدراما فترات ازدهار ذهبية، ارتبطت دائماً بأسماء مخرجين كبار، ففي المراحل الأولى ارتبطت بأسماء علاء الدين كوكش وغسان جبري، وفيما بعد ارتبطت باسم هيثم حقي، وبعد ذلك بنجدت أنزور، واليوم في رأيي أن ازدهار الدراما السورية يرتبط باسم مبدع ومخرج كبير هو الأستاذ حاتم علي، وفي رأيي أن حاتم علي واحد من أكبر المخرجين في العالم العربي، وهو يشكل علامة مميزة واسماً فارقاً في تاريخ الفن السوري، عدا أن العمل معه متعة وأمان، وهو شخص صعب لا يتنازل فنياً. ‏

الفنان جمال سليمان: حاتم علي فنان حقيقي لأنه جاء إلى الدراما من بيت المسؤولية يحمل هماً إنسانياً يقدم خطاباً وحواراً ومسلسلاً، وهو يقيم حواراً مع المشاهد لا سيما أن هدفه الأساسي أن يحترم المشاهد، بمعنى أنه احترم شغله على صعيد الإخراج والإنتاج، وعلى صعيد العناصر المتكاملة للمسلسل التلفزيوني. ‏

وهو قرب المسلسل التاريخي إلى الناس ونقل الدراما التلفزيونية من المسلسل إلى الهواء الطلق، ونقل المسلسل التاريخي من مسلسل إذاعي إلى مسلسل بصري، وقدم جمالية متميزة، وأصبح المشاهد يقتنع بما يرى. وأعتقد أن الدراما التلفزيونية العربية لم تكن لتكون على ما هي عليه الآن لولا وجود حاتم علي.

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...