كارتر اليوم في دمشق
في هذا الوقت الذي تستعد فيه إدارة بوش لمغادرة البيت الأبيض، ويعلن الرئيس الأميركي المنتخب باراك أوباما عن مواقف جديدة عن المنطقة والعرب وإيران والمسلمين بوجه عام أساسها الحوار، يبدأ الرئيس الأميركي الأسبق جيمي كارتر زيارة إلى سورية.
كارتر الذي يصل اليوم إلى دمشق في زيارة هي الثانية هذا العام، سيجري محادثات مع الرئيس بشار الأسد حول الأوضاع في المنطقة، وخاصة ما يتعلق بالأراضي الفلسطينية المحتلة، وعملية السلام، إضافة إلى التطورات في العراق في ضوء الاتفاقية الأمنية بينه وبين الولايات المتحدة.
ومن المعروف أن كارتر من أشد المنتقدين لمواقف وسياسات إدارة بوش فيما يخص غزو العراق، وعملية السلام، وملف إيران النووي، إذ يرى الرئيس الأميركي الأسبق أن إدارة بوش أخفقت في التعامل مع هذه القضايا الحساسة، واختارت أسلوب القوة العسكرية بدل الحوار والسعي الجاد نحو السلام والأمن والاستقرار في المنطقة. كما تتناول محادثات الرئيس الأسد وكارتر مستقبل العلاقات السورية ـ الأميركية في ظل الإدارة الأميركية الجديدة برئاسة الرئيس المنتخب باراك أوباما، إضافة إلى انعكاسات الغارة الأميركية على منطقة البوكمال السورية المحاذية للعراق.
وكان كارتر قد زار دمشق في نيسان الماضي وأجرى محادثات حول الأوضاع في المنطقة مع الرئيس الأسد، والتقى كذلك رئيس المكتب السياسي لحركة المقاومة الإسلامية حماس خالد مشعل.
وقبل ذلك زار كارتر سورية ثلاث مرات في أعوام 1983 و1987 و1990.
وللرئيس الأميركي الأسبق جيمي كارتر مواقف مشهودة هاجم فيها إسرائيل وممارساتها القمعية، مؤكداً أن هذه الممارسات أصعب من الأبارتيد في جنوب إفريقيا، ومشيراً إلى أن الولايات المتحدة بدأت تدفع ثمناً باهظاً نتيجة دعمها لإسرائيل وتجاهلها لمعاناة الفلسطينيين.
وقد أدلى كارتر بهذه الأقول للصحافة الإسرائيلية في أعقاب صدور كتابه الجديد «فلسطين سلام وليس أبارتيد».
وكتب كارتر في أحد فصول الكتاب: إن إسرائيل تقود سياسة أبارتيد في الأراضي المحتلة، وتسيطر عن طريق القمع العنيف لحقوق الشعب الفلسطيني على هذه الأراضي، مضيفاً: إن إسرائيل هي العائق الأساسي لتحقيق السلام في الأراضي المقدسة.
واستعرض كارتر في كتابه تطورات استغلال أراضي الفلسطينيين من قبل المستوطنين، وطرد الفلسطينيين من بيوتهم، وشق الشوارع التي يستخدمها المستوطنون فقط، والقمع الذي يتعرض له الفلسطينيون مؤكداً أن هذا القمع أصعب بكثير من الوضع في جنوب إفريقيا في سنوات الأبارتيد.
وقال كارتر في معرض انتقاده لجدار الفصل العنصري: إنه لا يحمي إسرائيل بل يمنع الفلسطينيين من لقاء بعضهم بعضاً، ويحبسهم داخل صناديق.
ويهاجم كارتر باستمرار مواقف إدارة بوش تجاه الأوضاع في الأراضي المحتلة، ويشير إلى أن حركة حماس هي جزء أساسي من نسيج الشعب الفلسطيني، وأنها لا تقوم بأعمال تفجيرية داخل إسرائيل، وتبدي استعدادها للحوار البناء.
وسبق أن انتقد الرئيس الأميركي الأسبق الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي على أنهم يحاولون تقسيم الشعب الفلسطيني من خلال مساعدة الحكومة الفلسطينية القائمة في الضفة الغربية وحرمان قطاع غزة الذي تسيطر عليه حركة حماس من المساعدات.
ووصف كارتر الحائز جائزة نوبل للسلام خلال المنتدى السنوي عن حقوق الإنسان في إيرلندا رفض الإدارة الأميركية القبول بفوز حركة حماس في الانتخابات التشريعية عام 2006 بأنه جريمة.
وأضاف: إن حماس، و الى جانب فوزها في انتخابات عادلة وديمقراطية خولتها حق قيادة الحكومة الفلسطينية، أثبتت أنها أكثر تنظيماً على الصعيدين العسكري والسياسي وذلك خلال مواجهتها مع حركة فتح التي يقودها رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس.
وفي سياق مستقبل العلاقات السورية ـ الأميركية المدرجة على جدول زيارة كارتر علمت صحيفة «الوطن» القطرية من مصادر في السفارة الأميركية بدمشق أن الدبلوماسيين والعاملين في السفارة أبلغوا بضرورة الاستعداد لاستقبال سفير أميركي في سورية قريباً.
وأشارت الصحيفة القطرية إلى أن هذه الخطوة ستتم بعد تولي الرئيس أوباما مقاليد الحكم في كانون الثاني القادم.
ولد كارتر في ولاية جورجيا عام 1924، وتخرج في الأكاديمية البحرية عام 1946، ثم خدم في سلاح البحرية الأميركي حتى عام 1953.
انتخب في مجلس شيوخ ولاية جورجيا لمدة أربعة أعوام في الفترة من 1962 ـ 1966، وأهلته تلك السنوات لترشيح نفسه حاكماً للولاية منذ عام 1970 وحتى 1975، ثم فاز بترشيح الحزب الديمقراطي لخوض انتخابات الرئاسة، ونجح على منافسه من الحزب الجمهوري جيرالد فورد أواخر عام 1976.
هزم كارتر أمام رونالد ريغان في انتخابات الرئاسة عام 1980، واهتم بعد مغادرته البيت الأبيض بقضايا حقوق الإنسان، وعمل وسيطاً للسلام في كوريا الديمقراطية وهاييتي وغيرهما.
المصدر: تشرين
إضافة تعليق جديد