القانون(30)منعطف في تاريخ التبرع بالاعضاء وزراعتها في سورية
يتزايد الاهتمام عالمياً على المستوى الطبي بمجال زراعة الاعضاء البشرية لمابات يحققه نجاح العمليات في هذا المضمار من فوائد لصالح المرضى ليس فقط باعادة نشاطهم الطبيعي الحياتي.
بل ايضا لما يختصره ذلك من تكاليف باهظة فيما لو استمر المريض في ممارسة العلاج الدائم كما هو الحال في مجال غسيل الكلية.
وتعد سورية من البلدان التي دخلت بعض مجالات زراعة الاعضاء بنجاح كزراعة الكلية والقرنية ولكن مازالت هناك عقبات ونواقص تعترض مسيرة هذا المجال
ومن هنا تأتي أهمية البحث الذي أجراه مجموعة من الاطباء في عدد من مشافي دمشق لرصد حجم مشكلة قصور أو غسيل الأعضاء ومشكلة النقص الحاصل بتوفير هذه الأعضاء.
وشارك في هذا البحث الطبي كل من الاطباء.د. رانية الديرانيد. رضا سعيد. د.بسام سعيد. د. جواد الرومانيد. دماهر حاج ابراهيم د. ميلاد حداد
- وقد أكدت الدكتورة رانية الديراني ان البحث هو نتاج جهد شخصي ومتابعة من قبل الاطباء للمرضى والمراجعين للمشافي رصد حجم مشكلة فشل الاعضاء في سورية بهدف ايجاد الحلول لمشكلة النقص الحاصل في الاعضاء البشرية ووضع أسس ونظم لها لاتخل بمبادئ حقوق الانسان أو لصالح شرائح على حساب شرائح اخرى وذلك من خلال وضع الدراسات اللازمة لرسم السياسة الصحية المتعلقة بالتبرع وزرع الاعضاء
- وقبل عرض واقع حجم مشكلة قصور وفشل الاعضاء ونسبة النقص الحاصل في توفر الاعضاء لعمليات الزرع لابد من التأكيد على ماورد في البحث من صعوبات تتعلق بالحصول على المعلومات التي تساعد على تحديد دقيق لحجم المشكلة وفي مقدمة هذه الصعوبات.. غياب وجود سجل وطني اوبنك معلومات عن حالات القصور في الاعضاء لكن تم تقدير حجم المشكلة في مجال قصور الكلية وامراض الكبد اضافة الى اصابات القرنية الشديدة المسببة للعمى وذلك من خلال الرجوع الى مصادر متعددة سواء في وزارة الصحة اوفي بعض المؤسسات الطبية الاخرى المعنية بمرض قصور الاعضاء وزراعتها.
- وتعد زراعة القرنية والكلية هما العضوان الوحيدان اللذان تتم زراعتهما حالياً في سورية... ويؤكد البحث على انه تم سابقا اجراء عدة حالات في زراعة القلب ثم توقفت .. اما بالنسبة لزراعة بقية الاعضاء/ الكبد البنكرياس الرئة الامعاء الدقيقة نقي العظام فمازالت تنتظر اليوم الذي ترى فيه النور لأول مرة... وهناك امل في ان يتم قريبا البدء ببرنامج زرع نقي العظام
- لاتوجد احصائيات دقيقة حول القصور الكبدي في سورية بسبب عدم وجود سجل وطني الا أنه اعتمد في هذا والبحث على الاحصائيات المتوفرة عن التهابات الكبد الفيروسية والتي تشكل السبب الرئيسي للقصور الكبدي عند الكهول وعلى هذا الاساس يمكن تقدير نسبة القصور الكبدي، وتبعاً لاحصائيات بنك نقل الدم التابع لجامعة دمشق في العام 2005يقدر عدد المرضى الحاملين لالتهاب الكبد بالفيروس/B/ /540000/ مريض وبالتالي تقدر نسبة الانتشار لحملة هذا الفيروس 7،2% وفي حال تعرض هؤلاء للفشل الكبدي مستقبلا 4% خلال الخمس وعشرين سنة القادمة فإنه يتوقع اصابة 865 مريضا سنوياً بالفيروس الناجم عن التهاب الكبد بالفيروس /B/ اما فيما يتعلق بحملة التهاب الكبد بالفيروس/c/ فيقدر عددهم في سورية بـ/ 200000/ مواطن ما يجعل نسبة انتشاره 1% من السكان وتبعاً للتطور المعروف لحملة هذا الفيروس فإنه يتوقع تطور الاصابةمن 118 الى 482 مريضاً سنوياً بالفشل الكبدي الناجم عن هذا الفيروس وبالاستناد الى ماسبق فإنه يتوقع بأن تتطور الاصابة من 983 الى 1347 مريضاً بالفشل الكبدي الناجم عن الفيروس/B/ و/C/ وتقدر نسبة الحدوث للتشمع الكبدي فيروسي المنشأ من 49 الى 67 اصابة لكل مليون مواطن سنوياً. وهذه الأرقام لاتشمل الاسباب الاخرى الأقل مصادفة للقصور الكبدي.
- وحسب البحث تقدر نسبة حدوث القصور الكلوي المزمن اي في مرحلة التنقية الدموية في سورية 100 حالة لكل مواطن سنوياً وهذا يعني/2000/ حالة سنوياً. وتبعاً لآخر الاحصائيات المتوفرة من وزارة الصحة في ايار عام /2005/ كان يوجد في سورية/ 2865/ مريض قصور كلوي مزمن قيد التنقية في مشافي وزارة الصحة ووزارة الدفاع والقطاع العام والتعليم العالي والقطاع الخاص ويقدرمعدل انتشار مرضى هذا القصور في ذلك العام /143/ حالة على مستوى محافظات القطر.
ويشير البحث الى أن العدد الاجمالي لمرضى الكلية الصناعية لايفوق كثيرا عدد المرضى الجدد لاسباب، وتوقف بعض المرضى عن جلسات التنقية إما لخضوعهم لعملية زرع كلية ناجحة وإما لوفاتهم والبعض يرفض العلاج. والبعض الاخر لاتتوفر له فرصة العلاج المناسبة لاسباب متعددة ايضاً بعضها يتعلق بالنفقات الباهظة في حال الاعتماد على التنقية في المشافي الخاصة. واما بسبب لوائح الانتظار الطويلة للمرضى في مشافي القطاع العام المجانية.
- بلغ عدد عمليات زرع الكلية في سورية عام /2005/ 264 عملية وهو مايشكل /13/ عملية زرع كلية تقريباً لكل مواطن سنوياً وهذا الرقم أفضل مما هو عليه الحال في معظم الدول النامية حيث تبلغ النسبة وسطيا/2/ لكل مليون مواطن في دول الشرق الاوسط والمنطقة. وتتراوح النسبة في الدول المتحضرة بين 2040 عملية لكل مليون مواطن سنوياً.
ولكن مع ذلك فإن عمليات زرع الكلية في القطاعات الصحية مجتمعة هو اقل بشكل ملحوظ من احتياجات مرضانا واذا هدفنا الى اجراء زرع كلية لـ/75/ بالمئة من مرض القصور الكلوي النهائي فهذا يعني انه يجب اجراء/ زرع الكلية سنوياً/ لـ/75/ مريضا لكل مليون مواطن باعتبار ان حدوث نسبة القصور الكلوي في سورية هي بحدود /100/ حالة لكل مليون مواطن اي وحسب هذا البحث فإنه هناك عجز سنوي يقدر بـ/62/ مريضاً لاتجرى له عملية زراعة كلية لكل مليون مواطن اي انه مايجرى من عمليات زراعة كلية لايمثل سوى 17% من الواجب اجراءه... وهذا مايؤكد ان ثمة فجوة واسعة بين مايجري من عمليات زرع كلية وبين مايجب اجراؤه وتزداد هذه الفجوة مع الزمن مالم يتم اتخاذ الاجراءات المناسبة لتأمين الاعضاء للزرع.
برنامج وطني لسد فجوة النقص بالاعضاء
انه حسب رؤية الباحثين فإن سد العجز في توفير الاعضاء اللازمة للزرع هو الشروع بالبرنامج الوطني للتبرع باعضاء المتوفين دماغيا والذي أثبت نجاعته في العديد من دول العالم وبعض دول المنطقة.
ولتحقيق البرنامج الوطني لابد من توفير مايلي:
ہ اصدار التشريعات اللازمة وفي هذا المجال يذكر القانون رقم /30/ الصادر عن الرئيس بشار الاسد في عام/2003/ والذي يشكل منعطفاً في مجال زراعة الاعضاء في سورية حيث سمح هذا القانون بالتبرع باعضاء المتوفين دماغيا كما سمح للمتبرعين الاحياء سواء من الاقارب او غير الاقارب بالتبرع بالاعضاء وفق شروط ومعايير واطر تم تحديدها لاحقا بالقرار التنظيمي رقم/73/ الصادر عن وزير الصحة عام /2004/ وكانت ايضا وزارة الاوقاف وبناء على موافقة كبار علماء الدين الاسلامي قد سمحت عام/2001/ بجواز استخدام اعضاء المتوفين دماغيا في زراعة الاعضاء شريطة الحصول على موافقة أحد اقرباء المتوفين دماغيا ويشار الى أنه ومنذ صدور القانون/30/ فقد لوحظ ازدياد عمليات زرع الكلية في سورية ليصل عام /2005/ الى 264 عملية بعد أن كان عام /2001/ لايتجاوز 89 عملية كما ساهم ذلك في تقليص عدد المرضى الذين كانوا يسافرون الى الخارج لاجراء عمليات زرع كلية من 40% من مجمل المصابين بقصور كلوي عام /2001/ الى 3% فقط عام 2005
ومن هنا يرى الباحثون انه في المجال التشريعي لم يعد هناك عقبة تذكر أمام البدء ببرنامج وطني لزراعة الاعضاء ويبقى تجاوز العقبات الاخرى المتمثلة.
ہ بضرورة استحداث مركز وطني للتبرع بالاعضاء وزراعتها ليقوم بدور المنسق والمشرف والراعي لكل عمليات التبرع وزراعة الاعضاء وتحديد مرجعيته العليا بحيث تكون قراراته نافذة على مختلف القطاعات الصناعية وضرورة تقديم التمويل اللازم له باعتباره مركزاً وطنياً لخدمة المواطن مجاناً كما من الضروري توفير الكوادر المتدربة والاجهزة المتخصصة والمتدربة على العناية بالمريض او المتوفي دماغيا ريثما يتم قطف اعضائه.
ہ الحاجة الى استحداث مركز لدراسة الانسجة يقوم بالدراسات النسيجية والمناعية لكافة المرضى والمتبرعين سواء الاحياء أو المتوفين منهم
ہ الحاجة لوضع معايير وطنية للتبرع بالاعضاء وزراعتها لضبط أصول التبرع والعمل وبما لايتنافى مع الاخلاق ولكي لايساء للاهداف النبيلة التي وضع البرنامج من أجل تحقيقها.
- وفي اطار البحث تم التعرض للاصابات بالقرنية وعمى العيون. حيث تقدر نسبة انتشار العمر استناداً لاحصائيات منظمة الصحة العالمية في العام /2003/ بـ/7،0%/ من السكان وبالتالي فهناك حوالي /125000/ مصاب بالعمى منهم 37% ناجمة حالتهم عن اصابة في القرنية وهناك مايقارب/46250/ مصاباً نتيجة اصابة قرنية وهو مايشكل نسبة 3،2 لكل ألف مواطن
وحالياً هناك نحو/13568/ مريضاً هم بحاجة لزراعة القرنية مسجلين على الدور في مشفى العيون الجراحي في دمشق الذي يعد اكبر مركز لطب العيون في سورية وقد اجرى المشفى خلال عدة سنوات نحو 1494 زراعة قرنية باستخدام القرنيات التي كانت تأتي على شكل هبات لسورية ولكن منذ عامين تقريباً توقفت هبات القرنية فتوقفت عمليات زرع القرنية في مشفى العيون الجراحي. ومع ذلك لاتزال بعض المشافي الخاصة تقوم باجراء هذه العمليات في حالات استثنائية وذلك عندما يتمكن المريض من شراء القرنية من خارج القطر.
نديم حاتم
المصدر: تشرين
إضافة تعليق جديد