طرد صحافي فرنسي متعاطف مع العرب
»كيف تتحول مقابلة وسبق صحافي إلى خطأ مهني يستوجب الطرد؟«، يسأل ريشار لابيفيير صحافياً عربياً مخابراً. التحدث إلى الرئيس بشار الأسد في إذاعة فرنسا الدولية، قد يكون كلف الصحافي الفرنسي ريشار لابيفيير مرارة، ومنصباً في الإذاعة والقناة الفرنسية الدولية الخامسة.
الإعلام الفرنسي الرسمي لم يأخذ علما بالتقارب الفرنسي السوري، أو يحاول تجاهله. ريشار لابيفيير، أحد الاصوات الفرنسية الاخيرة المؤيدة للقضايا العربية في الإعلام الفرنسي الرسمي، طرد قبل يومين من منصبه، بعد ثلاثة أسابيع فقط من إجرائه مقابلة مع الأسد، وبثها في التاسع من تموز الماضي، في القناة الخامسة وإذاعة فرنسا الدولية.
رسالة طرده وصلت بعد ثماني سنوات من مطاردة سياسية، في دهاليز البيت المستدير لإذاعات فرنسا في الدائرة السادسة عشرة من باريس، مع اللوبي الإعلامي المؤيد لإسرائيل. وكشف لابيفيير لـ»السفير« الذريعتين التي يستند إليهما قرار طرده: »لم أحترم قواعد اللعبة، لم أعلم رؤسائي في الطوابق العليا، بالموافقة السورية على إجراء المقابلة مع الرئيس الأسد، لحظة حصولها، ولم أنسق العمل بين القناة والإذاعة كي تبث في موعد واحد، ما أحدث فجوة زمنية في توزيعها، عندما سبقت القناة الإذاعة بيوم واحد«.
ويجيب »لم يسبق لي أن أعلمت الطوابق الإدارية الأسمى، بمبادرتي إلى أي مقابلة، قبل مقابلة الأسد، تمسكاً ببديهة السرية المهنية التي لا تناقش، ولم أطلب أي ضوء أخضر، ولم ألق ما لقيت من عقاب اليوم، كان يجدر بأي حال، ألا يتجاوز حد التأنيب، او رسالة لائمة، لكن استعمال مدفعية الطرد الثقيلة، ومن دون أي مساءلة مسبقة، يجعلني موقناً أنه طرد سياسي، لقد ارتكبت رأياً مخالفاً«.
ريشار لابيفيير »ارتكب« عشرات المقالات المؤيدة للفلسطينيين، وكتاباً، العام الماضي، مشتركاً مع الصحافي بيار بيان »بيت لحم في فلسطين«، وجد بعده رسالة على مكتبه في الإذاعة معنونة »سنسلخ جلدك«.
ريشار لابيفيير يعيد بطرده، طرح سؤال متواتر: هل يمكن انتقاد إسرائيل في وسائل الإعلام الفرنسية؟ آلان مينارغ، رئيس تحرير سابق لإذاعة فرنسا الدولية، دفع منصبه لأنه حاول الإجابة على هذا السؤال عام .٢٠٠٤
باسكال بونيفاس، الباحث الفرنسي المعروف، عزل، وتعرض لأعنف الحملات الإعلامية، عندما جعل السؤال عنوانا لمقال في صحيفة »لوموند« قبل أربعة أعوام.
لابيفيير ناطح »الفيلسوف« اليهودي برنار هنري ليفي، في مقالات ترد على مقالاته »قواعد اللعبة« التي تجرم انتقاد إسرائيل، في فرنسا. وقال »ويصادف أن المجموعة الصحافية نفسها في اذاعة فرنسا الدولية: بيار كمبف، مسؤول البث الفرنسي، وفرانك فاي رابو، ونيكولا فاسبوتشي، التي ساهمت بالتحريض ضد مينارغ، لطرده، هي المجموعة نفسها التي احترفت الهجوم عليّ في دهاليز الإذاعة«.
آلان دو بوزياك، مدير الإعلام الفرنسي الرسمي الخارجي، ومساعدته كريستين أوكرانت ـ كوشنير (زوجة وزير الخارجية الفرنسي برنار كوشنير المعادي للتقارب مع سوريا)، كتبا رسالة طرد لابيفيير من أحد أهم المنابر الإعلامية الناطقة الفرنسية في العالم، وهي رسالة كان يمكن للسفير الإسرائيلي في باريس أن يمليها، وقد نجح سلفه نسيم زفيلي عام ٢٠٠٥ »بإقناع الآن شفارتز، سلف دو بوزياك، بإلغاء تعليقي على الأحداث الدولية، بعدما كان قد عزلني من منصبي كرئيس للقسم الدولي في الإذاعة«.
لم يجد لابيفيير فرصة للدفاع عن نفسه، حتى أن رسالة الطرد سبقته إلى جلسة التسوية الشكلية أمام لجنة المنازعات الصحافية. أوكرانت ـ كوشنير لم تترك له فرصة للدفاع عن نفسه، عندما انتدبت مساعدتها جينفاف غتسنغر في المواجهة القانونية معه لتبرير طرده، »وهي معروفة عند الكثيرين، أنها تأخذ على الصحافيين من أصل عربي، عدم الإشارة إلى القدس في نشراتهم كعاصمة لإسرائيل«.
من تعاطف مع ريشار لابيفيير؟ »بيان من نقابة الصحافيين في الكونفيدرالية الفرنسية الديموقراطية للعمل. ونص عن طردي رفضت وكالة فرانس برس توزيعه على مشتركيها في فرنسا والعالم«.
محمد بلوط
المصدر: السفير
إضافة تعليق جديد