المعلم: زيارتي لبيروت اليوم فاتحة لمرحلة جديدة من التعاون الأخوي
ليست الزيارة الأولى من نوعها لوزير الخارجية وليد المعلم، الى بيروت، في السنوات الثلاث الأخيرة، لكنها الأكثر أهمية بمضمونها وشكلها، كونها قائمة بذاتها وغير متصلة بحدث آخر، كما حصل مع الزيارتين السابقتين في تموز ٢٠٠٦ (اجتماع وزراء الخارجية العرب في بيروت) وأيار الماضي (جلسة انتخاب رئيس الجمهورية وأداء القسم).
يأتي الوزير المعلم الى بيروت، اليوم، في اطار ترجمة سورية لمحصلة القمتين الرباعية (لبنان وسوريا وقطر وفرنسا) والثنائية (لبنان وسوريا) على هامش الاجتماع المتوسطي الأخير في باريس، وذلك من أجل تسليم دعوة خطية رسمية من الرئيس السوري بشار الأسد الى نظيره اللبناني ميشال سليمان لزيارة دمشق في أقرب فرصة ممكنة.
وعشية الزيارة التي ستشكل بداية انعطافة جدية في العلاقات بين البلدين، بعد التوترات والشوائب التي اعترتها في السنوات الثلاث الأخيرة، قال الوزير المعلم لـ»السفير« ان زيارته »ستكون فاتحة لمرحلة جديدة من العلاقات الثنائية، نتمنى أن نتخطاها معا نحو أفق جديد للتعاون الأخوي بين سوريا ولبنان، وكل الشروط متوفرة للنـجاح«.
وأكد المعلم، الذي سيصل عند العاشرة والنصف الى القصر الجمهوري، للقاء سليمان بحضور وزير الخارجية اللبناني فوزي صلوخ والأمين العام للمجلس الأعلى نصري خوري، أن لبنان وسوريا قادران على بناء علاقات متكافئة في شتى المجالات وترسيخ القواعد لعلاقات صلبة.
وقال المعلم ان الزيارات المتبادلة بين البلدين ومنها زيارته، ستشكل بداية لمراجعة شاملة لما كان، وكذلك لاعادة بناء العلاقات وفق قواعد ثابتة وبما ينسجم مع مصالح البلدين، لافتا الانتباه الى أن هذا المسار يحصل بالتزامن مع مراجعات تجري لبعض السياسات الدولية والاقليمية في ضوء ما اصابها في السنوات الأخيرة وخاصة بعد غزو العراق.
وانتقد المعلم غياب العمل العربي المشترك، مشيرا الى أن الركائز الأساسية للعمل القومي تم تجاهلها، وقد أصبح هناك العديد من السياسات العربية فاقدة البوصلة في يومنا هذا، وهناك من راهن أو يراهن على سياسات اثبتت وتثبت فشلها. وقال »وحده الرهان على العقل والاعتماد على الذات يمكن أن ينجح. ولذلك أقول إننا في لبنان وسوريا يمكننا أن نقدم، اذا ما اعتمدنا على العقل والمصالح، والمراجعة الهادئة، نموذجا يقتدى به للعلاقات العربية العربية«.
وأكد المعلم أن توجيهات الرئيس السوري بشار الأسد تقضي بتشجيع النهج الايجابي للتعاون بين البلدين في شتى المجالات، مكررا أمله أن تكون زيارته فاتحة جديدة للتعاون الأخوي.
وفيما قالت مصادر سورية رسمية انها تتوقع أن تتم زيارة سليمان الى دمشق خلال الأيام العشرة المقبلة، قالت مصادر رسمية لبنانية ان الزيارة مرجحة خلال فترة تتراوح بين أسبوع وعشرة ايام.
وقال متابعون لبنانيون لملف التحضير للزيارة، انه فور تبني مجلس الوزراء للبيان الوزاري للحكومة الأولى للعهد الجديد، بما سيتضمنه من مقاربة لموضوع العلاقات بين البلدين ولعناوين سياسية أخرى بالغة الدقة والحساسية، فإن الرئيس ميشال سليمان يصبح مستعدا لتلبية الزيارة بمعزل عن موعد ومسار جلسة مناقشة البيان في مجلس النواب.
وقالت مصادر رسمية لبنانية ان زيارة الوزير السوري ستناقش ثلاثة عناوين ستشكل جدول أعمال القمة اللبنانية السورية الأولى من نوعها منذ ثلاث سنوات، هي الآتية:
أولا، العلاقات الدبلوماسية بين لبنان وسوريا: سيصار الى وضع آلية لفتح سفارات واقامة علاقات دبلوماسية كاملة، لكن بعد الأخذ بعين الاعتبار ما يتصل ببعض الاجراءات القانونية والادارية الواجب اتخاذها قبل ذلك، خاصة لجهة تعديل بعض صلاحيات المجلس الأعلى اللبناني السوري الذي يجتمع برئاسة رئيسي البلدين وبحضور رئيسي المجلس النيابي والحكومة والذي يقوم حاليا مقام السفارتين.
ولا يوجد على الأرجح، أي توجه من الجانبين لالغاء المجلس الأعلى، لكن يجب أن تعدل أو تزال الصلاحيات التي تتعارض ووجود سفارتين في كل من بيروت ودمشق، لتحصر مهامه ببقية العناوين.
ثانيا، ترسيم الحدود بين لبنان وسوريا: اعادة احياء اللجنة اللبنانية السورية المكلفة ترسيم الحدود بين البلدين والتي بدأت العمل منذ العام ١٩٦٦ والتي قطعت شوطا كبيرا وظلت هناك نقاط خلافية محدودة، ويمكن أن يصار الى اعادة وضع آلية للجنة وتفعيلها للانتهاء من عملها في اسرع وقت ممكن.
ثالثا، الاتفاقات اللبنانية السورية: ثمة توجه من الجانبين لوضع آلية محددة لاعادة قراءة وتقييم الاتفاقات الثنائية بين البلدين في شتى المجالات (طُرحت عدة اقتراحات سابقا بينها أن تتولى الوزارات المختصة في البلدين هذه المهة أو أن يتم تشكيل لجنة ثنائية لهذه الغاية)، علما بأن رئيس مجلس النواب نبيه بري قال في أكثر من مناسبة إن معظم الاتفاقيات أقرت لمصلحة لبنان وسيكون في مصلحة السوريين أكثر من اللبنانيين اعادة تقييمها ومراجعتها.
ومن خارج جدول الأعمال، من المتوقع أن يثير الجانب اللبناني ملف المعتقلين والمفقودين اللبنانيين في سوريا، علما بأنه تم تشكيل لجنة لهذه الغاية في وقت سابق، وقد أصدرت تقريرا اعتبر في حينه بمثابة اقفال للملف، وتبين لاحقا أن هناك معطيات جديدة استدعت اعادة فتحه من الجانب اللبناني.
وقالت مصادر رسمية سورية تأكيدها أن المعلم الذي يصل جوا إلى بيروت، سيركز على ترتيبات تدشين العلاقات الدبلوماسية، وقالت »إنه لن يكون هنالك تأخير في ذلك« وإن »كان من الصعب توقع موعد محدد وثابت«.
وعلق مصدر رسمي سوري على الزيارة المتوقعة لسليمان إلى سوريا، والتي يستهل بها زياراته الرسمية الى الخارج، بالقول إن »سوريا تنظر بارتياح كبير الى مناخ عودة العلاقات الطبيعية بين البلدين«، مكررة »أن الرئيس اللبناني ميشال سليمان مرحب به جدا في دمشق«.
وقال مصدر رسمي لبناني ان القمة اللبنانية السورية ستشكل أول محاولة جدية وعملية باتجاه اعادة العلاقات الطبيعية بين البلدين الى ما كانت عليه، وتوقع أن يرد الرئيس السوري الزيارة لاحقا.
- في هذه الأثناء، تعقد لجنة البيان الوزاري، اليوم اجتماعا جديدا في ظل توجه من قبل رئيسي الجمهورية والحكومة لانجاز عملها في أسرع وقت ممكن (منتصف الأسبوع). وقال رئيس المجلس النيابي نبيه بري انه لا مبرر لتأخير البيان، وأوضح أن »كل دقيقة تمر لها ثمنها وأمامنا فسحة من الوقت حتى الربيع المقبل، وهي فترة ربيع سياسي واقتصادي للبلد اذا أحسنا استخدامها واستغلالها، بحيث يمكن أن يتحول الربيع اللبناني الموقت الى ربيع لبناني دائم«.
وتوقع بري أن تعقد جلسة الثقة في الأسبوع المقبل، اذا استمرت الوتيرة الحالية لمناقشة البيان الوزاري، بينما كان يأمل أن يقر في الحكومة غدا، حتى يحدد موعد جلسة الثقة يوم الخميس المقبل.
المصدر: السفير
إضافة تعليق جديد