دمشق ترفض تحول الاتحادالمتوسطي إلى مدخل للتطبيع المجاني مع إسرائيل
رفضت سوريا، أمس، أن يتحول مشروع “الاتحاد المتوسطي” التي تعتزم فرنسا إطلاقه في يوليو /تموز المقبل، إلى مدخل للتطبيع المجاني بين الدول العربية و”إسرائيل”، في حين يستقبل الرئيس بشار الأسد، اليوم، وفداً رئاسياً فرنسياً تمهيداً لإعادة العلاقات الدبلوماسية بين دمشق وباريس.
اعتبرت مصادر رسمية سورية أن أساس نجاح الدعوة الفرنسية الأوروبية من أجل مشروع “الاتحاد المتوسطي”، هو توازن المصالح والاحترام المتبادل بين دول ضفتي المتوسط، وتوظيف الإمكانات الأوروبية الحقيقة في دعم سلام عادل وشامل يحل الصراع العربي “الإسرائيلي”، وفق القرارات الدولية ذات الشأن، ومرجعية مدريد، ومبدأ الأرض مقابل السلام، وعدم جواز الاستيلاء على أراضي الغير بالقوة.
وأضافت في تصريح انه من دون ذلك، فإن مشروع “الاتحاد المتوسطي” سينتهي إلى ذات الخيبة، التي انتهى لها مسار بروتوكول برشلونة للشراكة بين دول شمال وجنوب البحر المتوسط، لأن بعض الدول الأوروبية حاولت آنذاك، أن تتجاوز جوهر الصراع في منطقة الشرق الأوسط، وأن تمرر التطبيع مع “إسرائيل” كأمر واقع، في الوقت الذي كانت ترفض فيه “إسرائيل” مرجعية قرارات الأمم المتحدة، وتدق المسمار الأخير في نعش مفاوضات مدريد ومرجعيتها.
وأكدت المصادر ذاتها أن سوريا تتمسك بمرجعية قرارات الأمم المتحدة ومؤتمر مدريد، ومبدأ الأرض مقابل السلام، وهي على هذه الأسس وافقت على العودة إلى طاولة المفاوضات غير المباشرة مع “إسرائيل” بوساطة تركية. وفي هذا الإطار لا يمكنها الاعتماد على نوايا لفظية طيبة، بل المطلوب خطوات عملية تؤكد فيها “إسرائيل” استعدادها الكامل للوفاء بمستلزمات السلام، وأن تقرن بضمانات أمريكية وأوروبية.
ونفت هذه المصادر أن تكون سوريا في الوقت الراهن بوارد الموافقة على تحويل المفاوضات غير المباشرة إلى مفاوضات مباشرة، لأن ذلك يتطلب مرحلة من النضج في المواقف والالتزامات “الإسرائيلية” والأمريكية ليست قائمة حتى الآن.
واختتمت تصريحها بالقول، إن بعض الدعوات الأوروبية لتجاوز ملف الصراع الساخن في منطقة الشرق الأوسط، والتركيز على قضايا التعاون الاقتصادي والإنمائي والبيئي، لا تخدم عملية السلام، والمطلوب أن تلعب أوروبا دوراً محوريا في دعم عملية السلام، الذي يعد أمراً حيوياً لأوروبا بحكم الجوار والعلاقات الحيوية بين ضفتي البحر المتوسط في كل المناحي. كما أن العلاقات المتوسطية يجب أن لا تكون على حساب العلاقات العربية العربية، وسوريا ترى بأنه إذا كانت المصالح المشتركة بين الدول الأوروبية قد أملت تمثيل كل الدول الأوروبية في “الاتحاد المتوسطي”، فإن المصالح المشتركة بين الدول العربية تملي أيضاً تمثيل كل الدول العربية في “الاتحاد المتوسطي”.
من جهة أخرى، أكد مصدر سوري رسمي ل(د.ب.أ) وصول أمين عام الرئاسة الفرنسية جان كلود غايان ومستشار الرئيس الفرنسي للشؤون الدبلوماسية جان دافيد ليفييت إلى سوريا، مساء أمس السبت، لإجراء مباحثات مع الرئيس بشار الأسد.
وقال المصدر إن هذه الزيارة تأتي في إطار “الصفحة الجديدة” في العلاقات السورية الفرنسية، التي بدأت مؤخراً، مشيراً إلى أن المباحثات ستتطرق إلى الملفات المطروحة على طاولة البحث في المنطقة، والعلاقات الثنائية السورية الفرنسية بشكل خاص.
ووصف وزير الثقافة السوري رياض نعسان آغا، زيارته إلى باريس، وهي الأولى لمسؤول سوري منذ أربع سنوات، والتي اختتمها، أمس الأول، “بالجيدة والممتازة “، مضيفاً أن الجدوى الحقيقية للزيارة ستستمر على المدى الطويل، وأن محادثاته مع نظيرته الفرنسية كريستين أنابيل في باريس كانت “معمقة وهادفة”. ووصف عودة العلاقات بصفحتها الجديدة “بأنها جاءت من الباب الثقافي لأنه الباب الواسع، وأن عودة الدفء إلى العلاقات جاءت على أرضية الثوابت، وهو الأمر الذي له أهمية وخصوصية”.
وأضاف: “فالثقافة فيها تفاعل إنساني واجتماعي وفيها وشائج قربى”، مؤكداً أن العلاقات الثقافية لم تنقطع يوماً مع فرنسا حتى عندما كان يتحدث الإعلام عن جمود سياسي بين البلدين”. وقال الوزير السوري إن “السياسة فيها متغيرات ومصالح، لكن الثقافة كوعاء حاضن للمعرفة البشرية وتجارب الشعوب هي أشمل وأكبر وأعمق”.
يوسف كركوتي
المصدر: الخليج
إضافة تعليق جديد