على الرغم من أنف الاحتباس الحراري الإدلبيون يستعيدون مدافئ الحطب
يتزاحم أهالي الريف الادلبي على شراء حاجاتهم الخاصة بوسائل التدفئة اللازمة لمكافحة برد الشتاء القارس، وخصوصاً في القرى الجبلية.
وفيما كانت مواقد المازوت هي السلعة الأساسية الضرورية لذلك، تليها مواقد الحطب بنسبة تقل عنها بكثير، كان لافتاً هذا العام تراجع تجارة بيع مواقد المازوت بسبب قلة توفر هذه المادة ، لتطغى عليها تجارة مواقد الحطب.
وعلى الرغم من توفر الحطب في معظم قرى ادلب التي تكثر فيها الأحراج والغابات، فإن حركة بيع مواقد المازوت قليلة حتى الآن، ويفضّل أغلب الأهالي شراء مواقد الحطب ، بحسب محسن مبيض تاجر أوانٍ منزلية .
ويضيف: «كانت نسبة مبيع مواقد الحطب تعادل خمسة في المئة مقارنة ببيع مواقد المازوت، لكن هذه النسبة زادت إلى 40 في المئة تقريباً، حتى إن العديد من الأهالي أصبحوا يشترون المناشير العاملة على الكهرباء والبنزين لقطع الأخشاب، واضطررنا إلى شراء ماكينات خاصة لتصليح جنازير موتورات مناشير الخشب،ومن اللافت تزاحم الأهالي في ادلب على شراء مواد منع النشّ، لدهن أغلب أسطح المنازل القديمة . ويذهب مبيض إلى أن الوضع المادي للأهالي في ادلب سيئ جداً بسبب حالة الفقر التي تعيشها العديد من العائلات في مدن وريف المحافظةويذهب صاحب إحدى المؤسسات التجارية في المدينة إلى أن العامل العادي في ادلب يتقاضى يومياً ما يعادل 250 ليرة سورية ، بينما صفيحة المازوت يبلغ ثمنها 125 ليرة سورية ، وتُستهلك في أقل من يومين، لذلك يلجأ الأهالي هذا العام إلى شراء مواقد الحطب، ويذهبون إلى الكروم والمنازل المهدمة للحصول على الأخشاب. وفي السابق كان أصحاب معاصر الزيتون يرمون فتات الزيتون المعروف بالجفت، لكنهم الآن يبيعونه لمن يريد استخدام صوبا الحطب.
حال منطقة ادلب لا تختلف عن حال منطقة حارم او أريحا او جسر الشغور. أبو عبد الحميد مسطو 57 عاماً قضى ثلاثين عاماً من حياته في مهنة البناء، حيث امتلك نحو 200 متر من الخشب المستخدم في أعمال التدعيم والبناء، وهي كمية لا بأس بها تساعده على إنجاز العمل، وتعدّ أهم رأسمال يمتلكه، لكونها مورد عيشه، وعيش أبنائه، غير أن ساعة الدينونة قد دنت. فماذا يفعل مع ضائقة العيش التي يمر بها اليوم يقطع الأخشاب التي جمعها طوال ثلاثين عاماً، وهي مورد رزقه، من أجل تأمين التدفئة له ولأبنائه.
يقول أبو عبدو، وهو أب لخمسة أولاد كما ترى لا شغلة ولا مشغلة في فصل الشتاء، فقط مصروف، ألاتكفينا المدارس والكتب واللوازم الأخرى عند بدايته، حتى جاءت مصيبة التدفئة، فكيف نؤمّن التدفئة؟ أنت تعلم أن الشتاء قارس في ادلب ، والمازوت ضروري، وإذا كان لايوجد مازوت ماذا نفعل؟ حتى أن الغابات تحترق.
ويضيف: ) لا تظن أنني سعيد بقطع أخشاب عملي، فأنا أحس بوجع تلك الأخشاب وأتألم كما لو كانت جزءاً من جسدي، بصدق أقول لو توفر المازوت ربما أستطيع تأمين التدفئة لأولادي، فأنا أقطع هذه الأخشاب الآن لسد حاجتي، وفي فصل الصيف حين يبدأ عمل البناء يحلها ألف حلال ألايقولون قرشك الأبيض ليومك الأسود . محمد بزي من اريحا ، يعمل أيضاً على تدبر أمر التدفئة في فصل الأمطار، حيث عمد إلى تبديل نوعية مدافئه من المازوت إلى الحطب، وقطع شجرتين من بستانه إلى جانب ما حصل عليه من تقليم أغصان الأشجار في البساتين المجاورة. ويقول: الأمر ليس سهلاً فكلاهما مرّ. المازوت غير متوفر دائما ، وكذلك الحطب، سعر البيك أب من الحطب تجاوز 4000 ليرة سورية ، أي سعر ثلاثة براميل من المازوت. ومنذ خمسة أيام، قطعتُ هذه الأشجار، واليوم استدعيت صاحب المنشار الذي يقوم بتقطيعها، وتكلفني ساعة القطع نحو 200 ليرة ، ولا أدري إن كانت هذه الكمية تكفي لتخطي فصل الشتاء أم لا، لكن نحاول؟من جهته قال صاحب المنشار: ؟الناس اتجهوا نحو قطع الأخشاب بشكل غير مسبوق، والطريف في الموضوع أن منشار الخشب يعمل بوساطة جراري الزراعي الذي يعمل بدوره على المازوت، فلو ارتفع سعر المازوت لارتفع معه أجر ساعة النشر، هذا إن بقي المازوت متوافراً؟.
و في ظل النقص الكبير الذي تشهده مدينة سرمدا والقرى المجاورة في منطقة باب الهوى بإدلب في مادة المازوت أكد عدد من المواطنين في سرمدا عزوفهم عن استخدام المازوت خلال فصل الشتاء والبحث عن بدائل أخرى بديلة أقل تكلفة ومتوفرة بصورة يومية.
ولفتت المواطنة سميرة زين الدين إلى اضطرارها إلى التقنين في استخدام مدفأة المازوت في منزلها وأنها ستلجأ إلى تدفئة طفليها عن طريق إلباسهم المزيد من الملابس الصوفية واستخدام مدفأة الغاز باعتبارها أجدى منوهة إلى الظروف الاقتصادية الصعبة التي تعيشها وأسرتها في ظل عدم توافر مادة المازوت وعدم قدرتها على شراء صفيحة مازوت كل أسبوع. ؟
وأشار المواطن محمد المصطفى إلى قيامه بجمع أفراد اسرته في غرفة واحدة وإشعال المدفأة في ساعات المساء حيث إن تدفئة منزله تحتاج لأكثر من مدفأة وهذا ما لا يستطيع توفيره.
وأشار أحد المواطنين المتجمعين في إحدى محطات الوقود إلى اضطراره لاستخدام الحطب في تدفئة منزله مؤكداً أنها أفضل بكثير من مدفأةالمازوت كونه غير متوفر وتتناسب مع وضعه المادي المتردي وأنه سيقوم بجمع الحطب حتى لو اضطره ذلك إلى الاعتداء على الأشجار الحراجية.
وأشار المواطن محمد الخيال إلى معاناة المواطنين من ذوي الدخل المتدني والذين يتقاضون معونات من الجمعيات الخيرية خلال فترة الشتاء وكيفية حصولهم على المحروقات لمواجهة برودة الشتاء القارس متسائلاً هل بات على أهالي مدينة سرمدا دفع ضريبة ما يقوم به مهربو مادة المازوت إلى تركيا، داعياً المسؤولين إلى إعادة النظر في توزيع مادة المازوت وغيره من المحروقات بشكل عادل في المنطقة.
- تشير إحصاءات تجارية إلى أن المواطنين في محافظة ادلب باتوا يغيرون شيئا فشيئا من عادات مواجهة البرد الشديد في فصل الشتاء من خلال استبدال المدافئ العاملة على أنواع المحروقات إلى مدافئ الحطب.كما بات يسمى في ادلب «وقود الفقراء» والذي ارتفعت أسعاره ثلاثة أضعاف في غضون السنوات الأربع الماضية ـ شكل عبئا كبيرا على الفقراء الذين لم يجدوا بدا من البحث عن بدائل.
وجاء البديل من خلال التوجه نحو مدافئ تعمل على حطب الأشجار ومخلفات الزيتون في سبيل مواجهة مزدوجة: مواجهة مع البرد الشديد الذي يعيشه القطر هذه الأيام من جهة، ومواجهة نقص المحروقات التي تعد الحكومة بجولة جديدة لرفع أسعارها من جهة ثانية.
في مناطق محافظة ادلب الشمالية والغربية التي تعتبر واحدة من أكثر مناطق المحافظة برودة في الشتاء، شاهدت ) تشرين (حجم الانتشار الكبير لمدافئ الحطب ومخلفات الزيتون، وهو ما أدى لحركة تجارية نشطة، مفرداتها التجار من جهة والحدادون الذين يقومون بصناعة أنواع المدافئ والمواطن المستهلك الذي بات يبحث عن وسائل التدفئة بأقل الأسعار من جهة أخرى.
المواطن زياد الحميد قال : إن النقص الحاصل في المحروقات جعل المواطنين يبحثون عن وسائل تدفئة على قدر دخلهم المتواضع، ويلفت إلى أنه والأغلبية العظمى من أبناء محافظة ادلب توجهوا لشراء مدافئ الحطب أو التي تعمل على مخلفات الزيتون بعد أن بات المازوت متوفراً بصعوبة .
زياد ذكر أن راتبه بالكاد يكفيه لنصف الشهر، وبالتالي فإن برودة الشتاء حتمت عليه التوجه نحو المدافئ التي تعمل على الحطب الذي يقطعه من الأشجار المنتشرة في ادلب التي تعتبر منطقة حراجية تكسو جبالها الأشجار.
في المقابل، فإن صانع المدافئ احمد حميدان تحدث عن ازدهار صناعة المدافئ، وأشار إلى أنه في سنوات سابقة كان بالكاد يصنع مدافئ بعدد أصابع اليد الواحدة، أما هذه الأيام فيشير إلى أنه وكافة الحدادين يصنعون مئات المدافئ سنويا ما يدر عليهم دخلا جيدا.
هذا الازدهار ترجمه محمد زيتون وهو تاجر يبيع مدافئ الحطب، والذي أشار إلى وجود طلب كبير على المدافئ العاملة على الحطب ومخلفات الزيتون، موضحا أن أسعار المدافئ تتفاوت وفقا لقدرات المواطنين حيث تتراوح أسعارها بين 300 و500 ليرة سورية .أسعاره الى زيادة بعد استخدامه وقوداً
بعد ان كان جفت الزيتون حتى وقت قريب بمثابة النفاية التي تشكل هماً لمن يسعى للتخلص منها .
وان كان يستخدم في الصناعة على نطاق محدود فقد باتت قضية الاحتفاظ به هاجسا سواء للمزارع أو اصحاب المعاصر في ظل تنامي الطلب عليه كوسيلة تدفئة احيتها على نطاق واسع زيادة الطلب على المحروقات.
فقد سجل سعر طن الجفت ما بين 5000 ـ 6000 ليرة سورية في مناطق محافظة ادلب التي يبلغ انتاجها هذا العام حوالي 95 الف طن الامر الذي حدا بالبعض الى تصنيعه وتجفيفه وتجهيزه تمهيدا ًلبيعه من خلال مكابس خاصة فيما بدأت اسواق المحافظة تشهد دخول مدفأة جديدة ليست مألوفة للكثيرين تعمل على وقود الجفت وبات الطلب متناميا عليها الامر الذي جعل اسعارها عرضة للصعود ايضا.
وقال السيد خالد جراد صاحب معمل لصناعة مواد التدفئة من الجفت (العرجوم)انه طرأ ارتفاع على اسعار مادة «الجفت» ، حيث بلغ سعر الطن الواحد خمسة الاف ليرة سورية من المعصرة مباشرة ، مشيرا الى ان طن الجفت المصنع هو عبارة عن قطع خشبية طول القطعة الواحدة 30 سم وقطرها 10 سم واضاف أنه يسوق هذه المادة الى تركيا ولبنان وبعض المحافظات السورية ومقارنة بالحطب فان طن الجفت ارخص فقد بيع طن الحطب بحوالي ستة آلاف ليرة سورية وقد يصل الى اكثر من ذلك وهذا يعود الى نوعية الحطب الذي يكون في اغلب الاحيان من نواتج تقليم اشجار الزيتون ولكن الافضل في مجال التدفئة قطع الجفت المصنعة .
وحول لجوء العديد من المواطنين الى بدائل التدفئة الاخرى ، اكد ان استعمال المستهلكين لبدائل اخرى للتدفئة وتحديدا «جفت» الزيتون من شأنه ان يؤثر جزئيا في مبيعات محطات الوقود والحطب معا ، مشيرا الى حق المستهلك في البحث عن بدائل تدفئة اقل كلفة في ظل نقص المحروقات.
وتعد منطقتا حارم وجسر الشغور في مقدمة من يستخدم هذه المادة كوسيلة تدفئة ولأغراض أخرى تتصل بالوقود منذ سنوات عديدة خصوصا للحصول على المياه الساخنة. وفيما كانت المدينة الصناعية الحرفيةوحدادوها يصنعون الجفت بمواصفات يضعها الزبون باتت الاسواق السورية مصدرا خلال العام الحالي لجلب هذه المدافئ. ووصف مواطنون الزيادة على اسعار الجفت بالجنونية واعتبروها استغلالا لظروف معيشية يبحث فيها المواطن عما يخفف عنه وطأة الأوضاع المعيشية القاسية.
وبحسب المزارع ياسر البكور فإن المشكلة في المدافئ المصنعة في المدينة الحرفية أنها تتسم بضعف الخبرة لدى بعض المنتجين فيما ظهرت في السوق مدافئ سورية مصنعة وفق مواصفات جيدة خاصة الآلية المتصلة بنظافة المدفأة واستخراج مخلفات الاحتراق منها.
ويرى ان زيادة الاقبال على الجفت ولجوء بعض المعاصر الى انشاء مكابس خاصة به وآليات لتجفيفه ستجعل منه مشابها من حيث السعر لأنواع الوقود الاخرى وان كانت ميزته امداد المنزل بطاقة افضل من المدافئ المعتادة.
الا ان ارتفاع اسعاره سيجعل منه عبئاً على المستهلك لا سيما ان التعامل مع الجفت يحتاج الى جهد ووقت من حيث التجهيز والتجفيف والتخلص من المخلفات الامر الذي سيعيدنا الى الكاز. ويقر صاحب معصرة ان الجفت كان حتى سنوات قليلة مشكلة بالنسبة للمعاصر واصحابها لا سيما حاجتها الى وسائط نقل للتخلص منه في مكبات القمامة او ارساله الى بعض المصانع التي تستخدمه في صناعات الصابون لكن الحال تبدل الآن حيث يمكن ان يكون الأمر ايجابياً سواء على صعيد البيئة أوالتوفير على اصحاب المعاصر للتخلص منه.
ويضيف ان الاقبال على الجفت بعد ان وصل سعر الطن الى 2500 ليرة سورية وقفت معاصر الزيتون عاجزة عن إنشاء صناعة خاصة به كونها تحتاج الى شراء مكابس لتجهيزه على شكل قوالب جاهزة للاستهلاك كوقود تدفئة. ويرى ان الاسعار وان زادت نسبيا مقارنة بالسنوات الماضية جراء تنامي الطلب على الجفت الا انه يحقق وفراً للمواطن بنسبة كبيرة مقارنة باسعار الوقود الاخرى.
الى هذا لم تجر دراسة علمية حول اية اثار صحية لاستخدام الجفت في التدفئة اذ ان المدافئ المعدة له شبيهة بمدافئ وقود الديزل التي تستخدم انابيب البواري لاخراج الادخنة وثاني اكسيد الكربون خارج المنزل.
ويقول مصدر صحي إن النطاق المحدود لاستخدام الجفت ربما يكون حال دون اجراء دراسة حول آثاره على الصحة والسلامة العامة.
ويضيف ان الجفت شأنه شأن انواع الوقود البدائية الاخرى كالحطب فآثاره محصورة بالعوادم والادخنة السامة الامر الذي يتطلب تعاملا آمنا في هذا الشأن من خلال التهوية السليمة لمكان التدفئة والتأكد من خروج الادخنة وعدم استنشاقها.
ان النقص المتكرر للمحروقات والزيارة المبكرة لفصل الشتاء، دفعا المواطن حامد الابراهيم مكرها ومجبرا إلى تقطيع شجرة الجوزالتسعينية العملاقة التي زرعها أجداده بجوار منزله منذ عشرات السنين. يقول: شعرت أنني أقطع أجزاء من جسدي وأنا أحطب الشجرة التي تحمل بين ثناياها قصصا وحكايا وذكريات جميلة لا تنسى، لكن ماذا عسانا نفعل؟ فدخلي الشهري لا يسمح لي أن أشتري الكاز والغاز والمازوت لأدفئ أطفالي الصغار في فصل الشتاء القارس؟، ويضيف ؟هناك من يجبرنا على تقطيع الأشجار لنتدفأ عليها، ما نقوم به من إبادة للثروة النباتية سببه نقص المحروقات.
أما زوجته أم محمد فتقول متحدثة: لماذا ينظر للمواطنين الذين يقطعون الأشجار بهدف التدفئة والطبخ على أنهم أعداء للبيئة؟! لسنا المسؤولين عن تدمير البيئة وإفناء الغابات الحراجية، فالقرارات غير المسؤولة والتي لا تصب قطعا في مصلحة المواطن هي ما يجبرنا على ممارسة مثل هذه التصرفات.
ولا تخفي أم محمد الأم لتسعة أبناء معاناتها هي وأطفالها الصغار مع فصل الشتاء، ففي العام الماضي اضطرت إلى أن تحرم أبناءها من المواقد التي تعمل على المحروقات بسبب قلة المحروقات والاستعاضة عنها بـالبطانيات وفرش النوم، وهو ما دفع زوجها هذا العام إلى شراء موقدة حطب مستعملة ومنشار خشبي ليشد الرحال إلى الغابات الحراجية ويحطب ما لا يستطيع ويقدر على حمله من أشجار خضراء حراجية ومثمرة كي لا تجبره نفسه كما يقول على الذهاب إلى محطات الوقود التي أصبحت من أكثر الأمكنة التي يكرهها، ليشتري الكاز في الفصل القارس.
المدافئ التي تعمل على الغاز والكاز والمازوت أصبحت كما تقول المواطنة ابتسام زين الدين (ربة منزل(نوعا من التحف التذكارية في المنزل، فبعد أن كانت تستخدمها في فصول الشتاء الماضية للتدفئة وضعتها الآن في غرفة الزوار واضعة عليها سلال الزهور والمناظر، مؤكدة أنها لن تستعملها إذا بقي الحال على ما هو عليه.
مستودعات الحطب أصبحت على ما يبدو السمة الظاهرة للكثير من بيوت الأدلبيين، حيث اتجهت العديد من الأسر إلى تخصيص غرف خاصة في المنزل لتكديس الحطب وتخزينه، حتى لا يضطروا إلى شراء المحروقات الخاصة بالتدفئة.
وبعد أن كانت ظاهرة تقطيع الأشجار تقتصر على منطقة ادلب، توسعت الظاهرة لتعم العديد من مناطق المحافظة . ومع تزايد الطلب على الحطب، تعددت مصادر الحصول عليه وباتت سوق الحطب والجفت تجارة رابحة لدى البعض، فيما شكلت الأحراش ومعاصر الزيتون مصدرا رئيسا لهذه التجارة.
وليس غريبا أن تصبح مادة الجفت التي كانت تلقى في النفايات والمستخلصة من بقايا عصر ثمار الزيتون مادة باهظة الثمن في فصل الشتاء، حيث أقدم العديد من التجار على فتح شركات صغيرة خاصة ببيع وتداول مادة الجفت التي باتت تستخدم لغايات التدفئة.
كما يستخدم العديد من المواطنين صوبات الحطب لغايات الطهو وتجفيف الملابس، بعد أن كانت مقتصرة على غايات التدفئة. ويشير عاملون إلى وجود معادلة صعبة عند الحديث عن التدفئة في فصل الشتاء ونقص المحروقات، ؟فنقص المحروقات ضاعف الأعباء المالية على المواطنين ما دفع باتجاه خيارات صعبة لكنها ممكنة لتفادي شراء مادة المازوت بالتحديد، وذلك من خلال اللجوء إلى الطبيعة حيث يجري قطع العديد من أنواع الأشجار النادرة المعمرة كالعرعر والبطم والبلوط، ما جعل الغطاء النباتي الطبيعي يواجه خطر الانقراض.
ويرى مختصون في القضايا البيئية أن عملية تقطيع الأشجار الحراجية تؤدي إلى أضرار كبيرة وتهدد بالقضاء على البيئة الطبيعية، منبهين إلى أن الغابات والأشجار الحراجية تقوم بامتصاص ثاني أكسيد الكربون عن طريق التمثيل الكلوروفيلي، ومن ثم إطلاق غاز الأكسجين للكائنات الحية ما يؤدي إلى استمرار الحياة وتنقية الهواء إضافة إلى تلطيف الأجواء.
مشيرين إلى أن الاعتداء على الغابات والأحراش بطرق عشوائية يؤدي إلى انتشار ظاهرة الزحف الصحراوي، إضافة إلى زيادة ثاني أكسيد الكربون المنتشر في الجو ما يؤدي إلى حدوث ظاهرة البيت الزجاجي، لكونه يعتبر من الغازات الدفيئة التي تعمل على عكس الأشعة وزيادة درجة الحرارة على سطح الأرض.
تتعرض مساحات حراجية وأخرى مثمرة إلى التحطيب الجائر واعتداءات بطرق مختلفة على أصناف من الأشجار المعمرة والنادرة ومنها العرعر والزيتون والبلوط والسرو وغيرها لاستخدامها في مدافىء الحطب التي بدأت تلقى رواجا بين المواطنين ، لعودتهم إلى وسائل التدفئة التقليدية باستخدام الحطب جراء نقص المحروقات الأمر الذي حذر منه مهتمون بالبيئةمن حيث أنه تدمير للغطاء النباتي في المحافظة.
وقالت مصادر زراعية إن أراضي احراج وغابات المحافظة تبلغ مساحتها(18211) هكتاراً بنسبة5،13% و أن نقص المحروقات ضاعف الأعباء المالية على المواطنين وبدأ العديد منهم يتجه إلى خيارات صعبة ، لتفادي شراء مادة المازوت باللجوء الى الطبيعة ومخزونها من الغطاء النباتي بقطع الأشجار النادرة والمعمرة كالعرعر والبطم و البلوط ليتجاوز هذا الاعتداء العشوائي أشجار الزيتون .
واشار عدد من المواطنين إلى أن عمليات التحطيب طالت أنواعا من الأشجار الحراجية المعمرة خاصة في المناطق الريفية التي يستخدم سكانها مدافىء الحطب والتي تعرض في الأسواق المحلية بأشكال وأصناف متطورة في وقت تشهد فيه المحافظة مواسم جفاف متلاحقة وتذبذباً في معدلات الأمطار التي تهطل سنويا على المحافظة . وبين المواطنون أن عمليات التحطيب تأتي على جذور هذه الأشجار ما يفقد الأمل بنموها مرة أخرى خاصة تلك الأنواع التي تتحمل ظروفا مناخية قاسية من جفاف وتفاوت في درجات الحرارة بين الصيف والشتاء ما يؤثر على الغطاء النباتي وزيادة المساحات الصحراوية .
وأضاف عدد من اصحاب بساتين الزيتون في مدينة ادلب ان أشجار الزيتون المعمر بدأت تتعرض للتحطيب من خلال تقطيع بعض أفرع هذه الأشجار من قبل أصحابها و بشكل عشوائي كنوع من التقليم غير المنظم للأفرع الكبيرة ما يؤدي في النهاية إلى قطع كامل الأفرع حيث بدأت بعض بساتين الزيتون تخلو من الغطاء النباتي والأفرع التي تحتضن حبات الزيتون .
وأكد عدد من المواطنين من حارم وجسر الشغور وسلقين أن عشرات الأشجار تم قطعها نهائيا بوساطة المناشير الكهربائية المتنقلة مثلما تم حرق اجزاء داخلية لاشجار حراجية لتسهيل تقطيعها والتخلص بسرعة من أغصانها ومن ثم نقلها إلى مدافىء الحطب .
من جانبه اكد المهندس امين الحسن رئيس مصلحة الحراج في ادلب ضرورة الحفاظ على الغطاء النباتي ودور المواطن ومساهمته في التصدي لظاهرة التصحر عبر التزامه بالانظمة والقوانين الخاصة بالمحافظة على البيئة والغطاء النباتي مشيرا الى ان التطور الذي اصاب الحياة السورية في مختلف النواحي صاحبه مشاكل بيئية ناجمة على حد قوله من عدم وجود قانون شامل لحماية البيئة منوها بحق المواطنين في العيش في بيئة آمنة وملائمة تضمن الصحة والسلامة للأجيال الحالية دون الانتقاص عن حقوق الاجيال المستقبلية مشددا على حق المواطنين في المشاركة الفاعلة في التخطيط ووضع القرارات فيما يتعلق بالتخطيط البيئي والتنموي. وتشير مصادر احصائية زراعية الى ان المساحة القابلة للزراعة في محافظة ادلب حوالي 351310هـ قابلة للزراعة وتشكل حوالي 57%من اجمالي المساحة و133670 هـ غير قابلة للزراعة تشكل حوالي 22.2% من اجمالي المساحة و46072هي مروج ومراع وتشكل حوالي 7.8% من اجمالي المساحة و78658هـ حراج وغابات وتشكل حوالي 13% من اجمالي المساحة وتبلغ المساحة المروية 56551 هـ تشكل 15% من المساحة المزروعة.
وطالب بضرورة تكثيف حملات التوعية بين المواطنين ودفعهم لزراعة المساحات المتدهورة واشراكهم في المشاريع المعدة لمكافحة التصحر وخاصة في مجال اقامة المحميات الطبيعية محذرا من عمليات القطع العشوائية التي تتعرض لها الاشجار لافتا الى اهمية التخفيف والحد من ظاهرة انتشار الكسارات والمقالع الحجرية التي تلعب دورا كبيرا في القضاء على الغطاء النباتي.
ودعا الى الاستخدام الامثل للبلاستيك محذرا من استعمال البلاستيك للزراعة المحمية للآثار السلبية على البيئة وعلى الثروة الحيوانية ما يؤدي الى عمليات نفوق واسعة للحيوانات مطالبا بعمليات جمع واسعة للبلاستيك واعادته للمصانع واعادة تصنيعه. وبحسب المهندس محمد نجيب طباع مدير الزراعة في ادلب فإن اقامة المحميات الرعوية والمتنزهات الوطنية وحماية الاحياء البرية والحد من الرعي الجائر واقامة الاحزمة الخضراء حول التجمعات السكانية تعد وسائل مقاومة للتصحر مؤكدا على اهمية التعاون بين المؤسسات الرسمية والخاصة في الارشاد والتوعية واصدار النشرات والدراسات والابحاث وعقد الندوات والمؤتمرات التي لها علاقة بمكافحة التصحر.
إن المواطنين الأدالبة المساكين في مناطق مختلفة في المحافظة تحولوا إلى نظام جديد من التدفئة وهي طريقة متطورة جدا مريحة وغير مكلفة واقتصادية وايجابية تجاه البيئة انها طريقة آبائنا وأجدادنا الأوائل عندما كانوا يسكنون في الكهوف ويتسلقون الأشجار،إنها طريقة إشعال النار طلبا للدفء،أي الاحتطاب من الغابات مباشرة ثم إيقاد الحطب ليتحول إلى نار .... نعم هذه هي طريقة ابائنا واجدادنا رحمهم الله وجزاهم الله عنا وعنهم الخير الكثير،فالناس في ادلب بدؤوا باستخدام مدافىء الحطب و يمكن أن يحل اللجوء الى هذه الطريقة مشكلة البرد عند الأدلبيين ذلك ان نقص الوقود باستمرار أدى الى هذه التطورات تباعا ومنها استخدام مدافئ الحطب التي اصبحت اشاهد منها العشرات تباع في الاسواق والأغرب من هذا ان نشارة الخشب رخيصة وفعالة والأتراك في أريافهم ما زالوا يستخدمونها حتى يومنا هذا فلا حاجة للمواطن الأدلبي الى ان يحتطب من الغابات في شمال وغرب ووسط ادلب كي يحصل على بعض الدفء في هذا الشتاء القارس فهذه الغابات اصلا هي ثروة بيئية لكننا سنحث مواطننا وسنرشده الى استخدام طريقة نشارة الخشب التي يتم تجميعها في أكياس كبيرة وبيعها فنشارة الخشب الآن لها استعمالات مختلفة منها وضعها في مزارع الدجاج لأجل النظافة والأخرى هي تزويد المواطن الأدلبي بالدفء والراحة في فصل الشتاء القارس إضافة إلى تقليص حجم الفاتورة النفطية التي تثقل كاهله .
في هذا الشتاء القارس الذي يمر على الكادحين في ادلب ببؤسه وقسوته وبرده القارس بزمهريره الذي يقسو على جلود أطفالها وشيوخها ليزرع البؤس والمرض يرافقه الفقر الذي تتزايد نسبته وحدته باطراد بسبب السياسات الاقتصادية المبجلة نقدم الشكر الجزيل لكل من أوصلنا إلى أرقى المستويات التكنولوجية والصحية والمعيشية وذكرنا بضرورة العودة الى عصر الإنسان الأول .
علام العبد
المصدر: تشرين
إضافة تعليق جديد