لمن تُعد ولائم الاستثمار؟!!
لسنا ممن يحبذون الوصفات الجاهزة، ولا الوجبات الجاهزة، ولاحتى الألبسة الجاهزة، لأنه ثمة محدودية في تكييف الخيارات تقترن دوماً بمفهوم «الجاهز».
أي المسألة لاتخلو من إذعان ما بشكل أو بآخر لأمر واقع، إلا أن الصورة قد تبدو مختلفة تماماً، بل هي كذلك بالتأكيد في أدبيات الاستثمار ورأس المال، لأن الأخير مهما صغر أو كبر قيمةً، يُفضل دوماً الخوض في مطارح جاهزة، والجهوزية تعني هنا -إضافة إلى كفاءة البيئة -جلاء الرؤية ووضوح الهدف، وضمان الجدوى، وكلها مقدمات جاهزة تفضي إلى نتائج طيبة.
نحن في سورية لدينا بيئة مثلى للاستثمار إذا ما نظرنا للقطاع وقومناه وفق اعتبارات فنية، لكن ما ينقصنا هو المعالم الواضحة للمسالك المفترضة لرأس المال الباحث عن مطرح، أي ثمة إشكال في «البوصلة» وهي مطلوبة بإلحاح ومطلوب أن تعمل بكفاءة عالية أيضاً، لأننا نعاني من ثقافة استثمارية متواضعة وهذه حقيقة علينا ألا نخجل منها.
وزارة السياحة صاغت آلية نعتقدها جيدة لتوطين رؤوس الأموال والاستثمارات ذات النفحة السياحية، واعتمدت أسلوب المشاريع الجاهزة تماماً.. وقد نجحت.
مكتب الاستثمار -سابقاً -أعد كتيبات ونشرات عن فرص الاستثمار «الدسمة» في سورية، وكانت الفكرة جيدة، ولو تم تطويرها بعض الشيء وصولاً إلى الإعلان عن مشروعات جاهزة واضحة المعالم والجدوى، لكن المهم أن الفكرة موجودة وهناك من يعمل على تعزيزها.
هذا فيما يخص رؤوس الأموال الضخمة والاستثمارات الكبيرة.. لكن ماذا عن رؤوس الأموال البسيطة، والمدخرات الفردية المفترض أن تجد فرصتها لاستثمار ما؟ ولانعتقدها تقل أهمية عن الكتل الرأسمالية الضخمة.
فالمشاريع الصغيرة والمتوسطة الحجم فرضت نفسها كمكون اقتصادي مهم بل بالغ الأهمية.
من يصنع الفرص لهؤلاء.. وهم غالباً الأَولى بالرعاية والأخذ باليد لأنهم الأبعد ذهنية عن فكرة الاستثمار كمفهوم.
قد تكون وزارة العمل هي المرشحة للاضطلاع بهكذا مهمة وعبر فريق من الاقتصاديين، يعدون سلسلة طويلة ما أمكن من الخيارات توضع في متناول الجميع، كدليل لاستثمار الكتل النقدية الصغيرة بدءاً من 500 ألف ليرة سورية.
فهكذا استثمارات هي التي توفر فرص العمل، وهي ذات مخاطر بسيطة إذا ما نظرنا إليها وفق مبدأ توزيع المخاطر وهو مبدأ اقتصادي بالغ الأهمية، كما أنها -المشاريع الصغيرة والورش -تعدنا بإنتاج مسوّق حتى خارج سورية.
المهم الآن أن ننظر بعين الاهتمام إلى هكذا شريحة من «المستثمرين» لأن خصوصيتنا كبلد ناشىء صناعياً، تملي علينا صرف النظر قليلاً عن منافسة الآخر بمشاريع عملاقة لأن في ذلك ضرباً من مضيعة الوقت.
ناظم عيد
المصدر: البعث
إضافة تعليق جديد