نشاطات تطوعية وحملات توعية لإعادة دمشق مدينة للياسمين
يقول رامز موجهاً حديثه إلى أحمد: «كاد الأطباء أن يقطعوا يد سعيد، إياك أن تكرر فعلته». ثم ينتهي المشهد بتصفيق الأطفال لتنحني أمامهم الدمى الثلاث سعيد ورامز وأحمد. دمى حركتها أصابع الشابات خولة وسوزان وتغريد على مسرح العرائس، أحد أنشطة النادي البيئي الذي تقيمه جمعية «زهرة المدائن» الخيرية.
في مشاهد أخرى تتحدث الدمى أمام الأطفال عن كيفية ترشيد استخدام المياه، أو فوائد الحفاظ على الأشجار، وعما ارتكبه الإنسان من جرائم بحق الطبيعة.
ومن خلال أنشطة متنوعة تحاول 18 شابة متطوعة في الجمعية أن يرفعن سوية الوعي البيئي لدى منطقةٍ «يغيب عنها اللون الأخضر حتى يكاد أن يختفي تماماً، لدرجة أنك إن تركت الموضوع حراً في حصة الرسم في المدارس، فلن تحضر صورة الشجرة أو الزهرة في مخيلة أطفال الحجر الأسود»، تقول رزان ( 25 سنة متطوعة في الجمعية). وتضيف: «أحاول من خلال عملي مدرّسة وعن طريق مشاركاتي في أنشطة النادي أن أزرع مفاهيم توعية البيئة في أذهان الأطفال، آملة أن يغيروا هذا الواقع».
وتستند «رزان» وبقية المتطوعين في الجمعية إلى المثل القائل «من شب على شيء شاب عليه»، لإنقاذ «ضحيتين» في منطقة الحجر الأسود هما الأطفال والبيئة. فالمنطقة تعرف بين مناطق دمشق بارتفاع نسبة عمالة الأطفال فيها إلى جانب معدلات عالية من التلوث. «هنا لا نرى سوى شوارع متسخة تكثر فيها النفايات ولا نستنشق غير الهواء الملوث بدخان السيارات... من النادر أن تقع عينك على شجرة»، تقول رزان بانفعال، موجهة اللوم إلى الأهالي والمسؤولين على تقصيرهم. وتتابع: «نتوجه الآن بدورات توعية بيئية واجتماعية إلى الأطفال بأسلوب يبتعد عن التلقين ويركز على الأنشطة التطبيقية».
وتشارك «هيام» زميلتها الرأي وهما من سكان الحجر الأسود (7 كم من دمشق)، وتسهب الشابتان اللتان تخصصان الإجازة الصيفية للعمل التطوعي، في الحديث عن تفاصيل المشاكل البيئية التي تعاني منها منطقتهما بدءاً من ندرة المياه الصالحة للشرب وصولاً إلى مخاطر عبث الأطفال بالنفايات.
وتقول «هيام» ممسكة أوراقاً ملونة من بقايا دفاتر قديمة تحولت إلى ألعاب وأشكال للزينة: «نعمل على تعليم الأطفال كيفية الاستفادة من الأشياء وإعادة تدويرها لتخفيف انتاج النفايات». وتضيف: «إذا بدأ كل منا بتنظيف منزله وتشجيره نخفف من أخطار التلوث البيئي الحاصل».
بالإضافة إلى النادي البيئي تعمل جمعية «زهرة المدائن» لإنشاء حديقة بيئية على ألف متر مربع، وهي الأولى من نوعها في منطقة الحجر الأسود والمناطق القريبة منها. والمشروع يحضّر بالتعاون مع «موفي موندو» (منظمة إيطالية غير حكومية تعنى بتأهيل المجتمع وحمايته)، وبدعم مادي من البرنامج الإنمائي للأمم المتحدة UNDP.
وتتوجه الشابات المتطوعات بدورات التوعية البيئية إلى حوالى 60 طفلاً «هم من بدأوا تنظيف الأرض وسيقومون بزراعتها بالتعاون مع أساتذتهم وعائلاتهم ومتطوعات زهرة المدائن»، يقول يامن عوض (24 سنة مشرف على إعداد المتطوعين). شارحاً هدف المشروع: «نسعى من خلال الأطفال إلى النفاذ إلى مدارسهم وأسرهم لرفع مستوى الوعي البيئي».
وترى «رغدة عمورة» مديرة فرع «الحجر الأسود» في جمعية زهرة المدائن أن «من المفيد جداً وجود مثل هذه الحديقة البيئية في منطقة تفتقر إلى اللون الأخضر، ولا يملك الأطفال فيها مكاناً مخصصاً للعب غير الشارع».
والواقع أن وعي الشباب السوري بمخاطر البيئة لا يتوقف عند نشاط متطوعات جمعية زهرة المدائن، فبين الحين والآخر تتابع جمعيات أهلية متخصصة بحماية البيئة حملات التوعية كحملة تنظيف الحدائق التي تقوم بها «الجمعية السورية للبيئة» وغالبية المتطوعين فيها من شباب الجامعات، وحملة تنظيف مجرى نهر بردى التي دعت إليها محافظة دمشق كل الأهالي والمواطنين واشتركت فيها جهات حكومية وأهلية، وسبقتها حملة وطنية لإعادة دمشق مدينة للياسمين.
وفي حزيران (يونيو) الماضي تم تنظيم حوار لتبادل وجهات النظر حول الوعي البيئي، من خلال شبكة الانترنت التي ربطت بين فرعي المركز الثقافي البريطاني في دمشق وعمان مع جامعة القدس والكاتب مارك لينيس في لندن، مؤلف كتاب «الدرجات الست... مستقبلنا في كوكب أكثر حرارة».
ودار النقاش حول مخاطر ارتفاع درجة حرارة الأرض، وتركز الشرح والتعليق على آثار هذا الارتفاع في منطقة الشرق الأوسط.
لينا الجودي
المصدر: الحياة
إضافة تعليق جديد