غزوات عشائر الجزيرة الفراتية في نهايات الدولة العثمانية
جاك جبور:
في نهاية القرن التاسع عشر، ومع اقتراب أفول نجم الدولة العثمانية، انشغلت عشائر الجزيرة الفراتية بممارسة الغزو والسلب والنهب، وأكثر ما كان ذلك فيما بينها. وأشهر هذه العشائر ( شمر ، عنزة ، عكيدات ، بقارة ، حرب ، عدوان، قيس ، مللي، كيكي، جبور، طي، جحيش، شرابي، ولدة، عفادلة ، بوخميس ...) فلا تكاد تكون العشيرة إمّا غازية أو مغزيّة، وأشد ما كانت الغزوات ما بين تاريخ ( 1890م إلى 1910م) بعد أن نخر الفساد الدولة العثمانية، ونشطت فيها الحركات والجمعيات والأحزاب متعددة الاتجاهات والغايات وأثقل كاهلها الديون الخارجية وخواء خزينتها المالية .
لم تتخذ العشائر سبيلاً للعيش إلّا بغزو بعضها البعض دون تفريق بين قريب أو بعيد حتى غزت أفخاذ العشائر بعضها، وغزا الجار جاره. فقال القائل ( أول غارتي على جارتي ) ونتيجة لذلك فقد كثرت الأحلاف بين العشائر المتقاتلة، وهو واقع طبيعي لمن يسلك سبيل الحرب والقتال .
من هذه الغزوات الكثيرة نذكر اليوم غزوة حلف (العكيدات والجبور والبقارة ) على عشيرة المللي ، التي سبق وغزت العشائر الثلاثة قبل تاريخه وهو 1898م
فقد تحالفت العشائر المذكورة للانتقام من إبراهيم باشا رئيس عشيرة المللي لاستعادة ما نهب منهم . استطاع المتحالفون أن يحققوا انتصاراً على المللي وأن يستعيدوا المنهوبات مع أموال ومواشي زائدة على حقوقهم.
رفع إبراهيم باشا المللي شكوى إلى والي ديار بكر الذي خاطب متصرف لواء الزور بأن تعيد العشائر الغازية "بحكم كونها تابعة للواء الزور" الأموال والمواشي المنهوبة إلى أصحابها من عشيرة المللي. بعد تقدير اللجان المختصة قيمة المنهوبات أُعيد بعضها إلى أصحابها من عشيرة المللي. ثم ما لبثت الملّية وبقية العشائر أن تابعت أعمال الغزو والقتال ، وكأن كائن لم يكن .
منقول عن الدار السلطانية للدراسات والوثائق العثمانية
إضافة تعليق جديد