خلاف بين الصقور والمعتدلين في واشنطن حول إيران

17-06-2007

خلاف بين الصقور والمعتدلين في واشنطن حول إيران

قال مسؤولون اميركيون، إن ادارة الرئيس الأميركي جورج بوش تناقش توجيه تحذير رسمي لإيران، حول عدم تجاوز طهران انشاء عدد معين من آلات الطرد المركزي التي تستخدم في تخصيب اليورانيوم. وفيما لم يذكر المسؤولون عدد آلات الطرد المركزي الذي لا تريد واشنطن من طهران تجاوزها، اوضحوا ان الادارة الاميركية ستحذر ايران من ان شن هجوم عسكري ضدها سيكون أحد الخيارات المطروحة. وقد برزت داخل الإدارة الأميركية الخلافات مجددا بين وزارة الخارجية والمتشددين في البيت الأبيض، حول الخيارات المتاحة للتعامل مع ايران خلال الأشهر الثماني المقبلة، في ظل عدم رضاء داخل واشنطن عن بطئ مسار المفاوضات الإيرانية ـ الاميركية حول العراق، وعدم تجميد طهران لتخصيب اليورانيوم. إذ يريد الصقور في الإدارة الأميركية ليس مجرد دراسة خيار الحرب على ايران، بل وضع خطط الهجوم في حالة تم اتخاذ قرار الحرب في ربيع 2008، فيما تريد وزيرة الخارجية الأميركية مواصلة خيار الحوار. وذكرت صحيفة «نيويورك تايمز» الاميركية امس، ان النقاش داخل الإدارة الأميركية بشأن كيفية التعامل مع البرنامج النووي الايراني، اتسع بين المؤيدين للتوصل لحل دبلوماسي، وهؤلاء الذين يحثون على خيار الهجمات العسكرية. وقالت الصحيفة نقلا عن مسؤولين كبار بالادارة وأشخاص على دراية بهذه المناقشات تحدثوا كلهم شريطة عدم نشر اسمائهم ان النقاش وضع رايس في مواجهة متشددين في مكتب ديك تشيني نائب الرئيس الاميركي. وبحسب هؤلاء المسؤولين فإن معاوني تشيني يؤيدون اعتماد سياسة اكثر صرامة ويضغطون للبحث في شن ضربات عسكرية على ايران وعدم اعتبارها مجرد احتمال فقط. وأفادت المقربون من رايس بأن وزيرة الخارجية الاميركية التي اعتمدت اكثر فأكثر الموقف الاوروبي، تطرح الحل الدبلوماسي على انه الحل الوحيد امام الرئيس الاميركي. وأوضح هؤلاء أن من ضمن القضايا التي طرحت للنقاش بين المتشددين والمعتدلين في الادارة، توجيه تحذير للقيادة الإيرانية من أن واشنطن لن تسمح لها بتجاوز عدد محدد من آلات الطرد المركزي، وان شن هجوم عسكري هو احد الخيارات المطروحة امام واشنطن لمنع طهران من زيادة عدد آلات الطرد المركزي. وكانت وكالة الطاقة الذرية قد قالت الأسبوع الماضي، ان طهران يمكن ان تنتج ثمانية آلاف جهاز طرد مركزي لتخصيب اليورانيوم بحلول نهاية 2006، وبالتالي تصبح على مقربة من صنع قنبلة نووية. وقال جاري سيك الذي عمل في مجلس الأمن القومي الأميركي تحت رئاسة غيرالد فورد وجيمي كارتر ورونالد ريغان ان الجديد في النقاش الدائر حاليا داخل الادارة حول الخيار العسكري ضد إيران، هو ان الصقور الداعين للحرب اقل تأثيرا الآن. وأوضح سيك المتخصص في دراسات الشرق الأوسط في جامعة كولومبيا الاميركية في اتصال هاتفي من لندن، انه رغم ان هناك أصواتا داخل الإدارة اليوم يريدون مهاجمة إيران، الا أن تأثيرهم أقل من عام مضى. وشدد سيك على ان بطء مسار الحوار الاميركي ـ الإيراني حول العراق أصبح مصدر إحباط، خصوصا لدى المشاركين في الحوار من وزارة الخارجية الأميركية، موضحا أن جزءا من هذا هو خطأ اميركا.
وتابع سيك: «في سياساتنا حيال إيران اخترنا دائما وضع خط أحمر، قلنا انه لا ينبغي على ايران تجاوزه. كان هذا الخط الأحمر في البداية، حصول ايران على المعلومات والتكنولوجيا النووية، لكن ايران حصلت على المعرفة النووية. ثم بات الخط الأحمر الجديد بناء مفاعلات نووية. لكن ايران انشأت مفاعلات نووية. الخط الأحمر الآن هو تخصيب اليورانيوم. لكن ايران خصبت اليورانيوم. يجب ان تعمل واشنطن على اعادة تحديد هذا الخط الأحمر. هدف أميركا يجب أن يكون منع ايران من انتاج قنبلة نووية، وبالتالي يجب على واشنطن ان تغير سياساتها كي تستطيع ان تحقق هذا الهدف، وهذا يستلزم حوارا جادا مع ايران ومفاوضات دبلوماسية تعالج القضية النووية، التي لم نحاول حتى الآن الحوار مع الإيرانيين بشأنها». وردا على طلب المتشددين في الادارة الاميركية التحضير لشيء اقوى من مجرد التهديد بضرب إيران، اذا لم توقف طهران تخصيب اليورانيوم بنهاية 2007، قال سيك: «خوض الحرب لن يكون خيارا سهلا.. هل تستطيع هذه الادارة التحرك بدون دعم الشعب الاميركي للهجوم على إيران؟ هل لن تحتاج اية قرارات من مجلس الامن الدولي؟ هل لن تحتاج دعما من وزارة الدفاع (البنتاغون) للهجوم على إيران؟ هل تستطيع التحرك بدون تأييد من رئيس اركان الجيش الاميركي الذي يشتكي من ان قواته ممزقة بين المهمات العسكرية العديدة؟ بعد تجربة العراق، باتت فكرة الذهاب للحرب اولا، ثم رؤية ما الذي سيترتب عليها غير جذابة». ويعتقد سيك ان عامل الوقت بات يلعب ضد المتشددين في الادارة، موضحا: «في شهر فبراير (شباط) المقبل ستبدأ الانتخابات التمهيدية للرئاسة الاميركية، وهذا وقت مهم جدا في اميركا، ولن يكون الاقدام على أية مغامرات عسكرية في هذه الفترة ممكنا. كذلك اذا شنت الحرب ضد إيران قد يتوقف انتاج البترول في الخليج لبعض الوقت. هذه تكلفة هائلة للحرب، ولا أظن أن أحدا يريدها. كلما مر الوقت، باتت فرص الحرب قليلة جدا». الحوار داخل الإدارة الاميركية سيتواصل خلال الاسابيع المقبلة، ونتائج المفاوضات مع ايران سيكون لها تأثير كبير على القرارات التي ستتخذ مستقبليا في واشنطن. ومن المتوقع ان تستأنف المفاوضات بين واشنطن وطهران حول العراق نهاية يونيو (حزيران) الحالي، او مطلع يوليو (تموز)، لكن لا يتوقع منها تحقيق اختراق كبير، طالما ظلت ايران تحتجز الباحثين والناشطين الأميركيين من اصل إيراني، وطالما ظلت اميركا تحتجز في اربيل 5 من عناصر الحرس الثوري الإيراني، مما يضع رايس وفريقها في وضع ضعيف أمام المتشددين. وكان مسؤول بارز بالخارجية الأميركية قد قال  إن الحوار مع طهران قد يتسع ليشمل الى جانب العراق، الملف النووي والقضايا الاخرى، غير انه أكد أن ذلك مرهون بوقف طهران للتخصيب بـ«شكل مؤقت».
مسار المفاوضات بين طهران وواشنطن، سيكون أحد العوامل الخاصة بقرار الحرب، ولهذا السبب لم يتخذ الصقور في ادارة بوش، قرارا بشأن الحرب بعد. ويرى افشين مولاي الباحث الاميركي من اصل إيراني في معهد «نيو اميركان فوانديشن» بواشنطن، ان المحافظين يريدون رؤية كيف ستسير المفاوضات، ثم يتخذون قرارا بشأن الحرب. موضحا  انه بنهاية 2007 سينظر بوش الى المرشحين الديمقراطيين والجمهوريين للرئاسة، وسيبدأ التفكير: هل أي منهم قادر على الوقوف في وجه ايران؟ واذا كانت الاجابة بالنفي، فإن بوش، بحسب ما يرى مولاي قد يقدم على خيار الحرب، من نفس المبدأ الذي اتخذ به قرار الحرب على العراق، وهو ان لديه رسالة لحماية العالم، وانه سيفعل ما عليه فعله، من منطلق مسؤوليته هذه، حتى اذا كان قراره غير شعبي. لكن سيكون امام ادارة بوش تحد كبير، وهو انها لن يمكنها الترويج للحرب، بحجة أن ايران تطور سلاحا نوويا فقط، لا بد ان تكون هناك اتهامات اخرى ضد ايران، حتى يمكن تبرير أي هجوم محتمل. وتدرك الإدارة الأميركية صعوبة دخول الحرب فقط بسبب البرنامج النووي الإيراني، ولهذا باتت تتردد فى الآونة الأخيرة اتهامات لطهران بتسليح طالبان، وقبل ذلك تسليح جماعات شيعية في العراق، مما أدى الى قتل جنود اميركيين. ويقول مولاي ان الشعب الاميركي بات متشككا جدا في مسألة شن حرب في ظل معلومات استخباراتية تتحدث عن تطوير برنامج أو أسلحة نووية، بسبب حالة العراق، كما أن هناك حالة ارهاق من الحرب في صفوف الأميركيين، لكن هذا لا يعني أن بوش لن يقدم على الحرب، فطريقته في التفكير تجعله قد يتخذ حتى أكثر القرارت غير شعبية


منال لطفي
المصدر: الشرق الأوسط

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...