قمر جيكور الحزين بدر شاكر السياب في ذكرى الرحيل
الجمل _ عماد عبيد:
كيف لجيكور أن تنسى فتاها؟ كيف للعراق ألا يندب قمره الحزين؟. كيف للنخيل ألا تغضوضن عراجينه ويذوي عذقه؟
أطل من ياقة الغيم هلالا خجولا، واستلقى على سرير الليل بدرا حالما، ليستحيل في وضح الدجى قمرا فائر النور يفرش خيوط جدائله فوق الآماد القاصية، ويسكب من ديمة حزنه نثيث سرائره الصابرة، راكبا أحصنة الريح، سادرا إلى فتوحات جديدة، ليدك أسوار القصيدة ويدخل إليها كأجسر الفاتحين، متأبطا ألمه المجبول بطين الطفولة المعذبة وصلصال الذكريات العليلة، يستشرف الوعود في دروب لم تطرقها عربات الترف الأدبي، حاملا وجعه المحبوك بأمراس الأمل، جوالا فوق مطايا الحلم، يزرع شتولا أخصبت كروم اللغة، ويضوع بعطر أزكم حدائق الشعر، فاعتمر كوفية البدوي وارتدى عباءة النبوءة، متكئا على عكازه السحري، مبشرا بضوضاء ماتعة ستغسل لوثة الصمت وتعلن عن دعوة للصلاة في معبده الوثني المبجل، هكذا بجدارة فارس مغامر هزَّ برج الشعر فانداحت العروش، وتدحرجت العمامات عن رؤوس الأئمة والدعاة ..!!
في الرابع والعشرين من كانون الأول من عام 1964 أقام الموت عرسا جليلا لعريس ماتزال يداه مصبوغتين بحناء الشعر، وما انفكت ريشة حبره تتثنى فوق عشب القريض، تاركا نهر القصيد يطفطف بهواجسه الكارجة من محاجر الفؤاد لتصب في بحر الجمال الفاجر، قامة رفيعة من قامات الشعر رحلت بعد أن شغلت الأوساط الثقافية والفكرية ردحا من الوقت، ولا زالت عواصفها تناطح جدراننا الغافية كلما نبق اسمه أو تعثرنا بذكراه، لتظل إطلالته تلفحنا كنسمة صيف في غلواء الهجير.
في العام السادس والعشرين من القرن الفائت ولد بدر شاكر السياب في جيكور جنوب العراق، والمؤرخون لهذا الحدث لا يذكرون اليوم والشهر بالتحديد، وما كاد الفتى أن ينسى فطامه حتى فجع بوفاة والدته (كريمة) في السنة السادسة من عمره، فلجأ إلى حضن جدته لأبيه (أمينة) لترعاه طفلا ويافعا، درس دراسته الابتدائية والإعدادية بين جيكور وأبي الخصيب، وعاش تلك الفترة في منزل جده لأبيه بعد أن تزوج أبوه من امرأة لم ترض العائلة، في هذا المنزل تفتحت مواهب الفتى مع الشعر العامي بداية، ثم قادته قريحته إلى الشعر الفصيح، انتقل بعدها إلى البصرة فدرس المرحلة الثانوية وكان في تلك الأثناء شغوفا باللغة العربية والأدب العربي ..فدأب ينهل من عيون الأدب والثقافة مما تيسر له، توازيا مع خطواته المرتبكة في أزقة السياسة وحواريها، وفي عام 1941 حدثت ثورة الكيلاني، وعلى ضوء تلك الأحداث انفعل الفتى بالمشهد وكتب قصيدة قال فيها:
رجال أباة عاهدوا الله أنهم … مضحون حتى يرجع الحق غاصبه
رشيد ويا نعم الزعيم لأمة … يعيث بها عبد الإله وصاحبه
تلك كانت بواكير تفتح وعيه الوطني والنضالي، وما أن تخرج بدر من المدرسة الثانوية حتى صُعق بموت والدته الثانية (جدته) فاتسعت الجراح في قلب الشاعر وبدأت معاناته تستشري في نفسه كوباء آثم، فانتقل إلى بغداد ليكمل دراسته للغة العربية في دار المعلمين العليا.
في بغداد اصطخب المشهد الضوضائي حول الشاعر بما لم يألفه من قبل، وتزاحمت أمامه غلالات الأنوار الرهاجة، بين الأماسي الثقافية والنوادي والصحف ومقهى الزهاوي وجريدة الاتحاد، لتفور الرغبة الجامحة في مخياله ويغبَّ من معائن الفكر والأدب زادا لم يشبع نهمه المتطلب، فاستطاع أن يقتحم قلوب الأدباء والمثقفين بشعره الوجداني وإلقائه المؤثر.
في عام 1945 تعرف بدر على زميلته الشاعرة العراقية لميعة عباس عمارة، التي قادته لينتسب إلى الحزب الشيوعي (جماعة القاعدة ..جماعة الرفيق فهد ..يوسف سلمان) فالتاع السياب بها حبا وقال فيها الشعر الصريح والمبطن:
(ذكرتك يا لميعة والدجى ثلج وأمطار).
وقلائل الذين يعرفون إن أشهر قصائد السياب (أنشودة المطر) بدأت بالغزل بهذه المحبوبة الخارقة:
(عيناكِ غابتا نخيلٍ ساعةَ السحَرْ،
أو شُرفتان راحَ ينأى عنهما القمرْ.
عيناكِ حين تَبسمانِ تورقُ الكروم.
وترقص الأضواء... كالأقمار في نهَرْ).
كما اعترفت الشاعرة لميعة بحبها للسياب بعد وفاته.
أول نشاط سياسي للسياب كان عام 1946 عندما حرض الطلاب على الإضراب، مما أدى إلى فصله من الجامعة، ليعود بعد فترة وجيزة وينتخب رئيسا لاتحاد الطلبة ثم يعتقل مرة أخرى في مظاهرة بنفس العام.
انتقل بدر إلى دراسة اللغة الإنكليزية وتسكع على شواطئها الدافئة، ثم ولج إلى مياهها المائجة، فقرأ لكبار أدباءها كـ (شكسبير وشيلي وكيتس وبايرون ووردز ورث وإليوت)، ويظهر تأثره الكبير بأدب (دانتي) وشعر الشاعرة (إديث ستويل)، كما تعرف على الأدب الفرنسي عن طريق صديقه السوري (سليمان العيسى) الذي ترجم له أشعار (لامارتين وبودلير ورامبو).
من هذه المناهل الأدبية والفكرية والسياسية والفلسفية، غرف بدر مؤونة ثرية، وعرج على مذاهب الأدب وغار في دفائنها وصعد إلى أبراجها مستطلعا آفاقها باحثا عن أسلوبية جديدة ينفلت عبرها من عقال الشعر الكلاسيكي، فكان لهذا الحطب المتراكم في مواقده أن ينتظر شرارة الزناد ليتأجج سناه، ويبشرنا بشاعر استولد نهجا حديثا وطرق شعابا بكرا، فرقش ألوانه الماكرة على جدار اللوحة الراكدة، ورسم لنفسه خطا جديدا في الإبداع الشعري الحديث.
في عام 1946 تعرف بدر على الشاعرة (نازك الملائكة) وكان بينهما جلسات وحوارات أدبية حيث اتفقا على إصدار ديوان مشترك إلا أن ذلك الديوان لم يصدر.
في عام 1947 صدر للشاعر أول ديوان بعنوان (أزهار ذابلة) تم طبعه في القاهرة وقدم له الناقد (روفائيل بطي).
بعد أن تخرج الشاعر، اعتراه قلق الانتماء بين السياسة والأدب كما تشتت حياته بين التدريس والعمل في شركة التمور العراقية وشركة النفط ومديرية الأموال المستوردة.
خلال حركة الأحداث السياسية التي عجت بالعراق تلك الأيام، سجن الشاعر ولوحق ليفر إلى إيران ثم الكويت حيث عمل في شركة كهرباء الكويت، وهناك كتب قصيدته الشهيرة
(غريب على الخليج)
(أصيح بالخليج يا خليج
يا واهب اللؤلؤ والمحار والردى
فيرجع الصدى
كأنه النشيج
يا خليج ... يا واهب الردى)
عاد بدر إلى العراق وعمل في جريدة الدفاع ثم في مديرية الاستيراد ثم مدرسا في مديرية المعارف ثم عمل في مديرية التجارة العامة فمترجما في السفارة الباكستانية لينتقل إلى البصرة ويعمل في مصلحة الموانئ.
في عام 1955 تزوج السياب من (إقبال) من بلدة أبي الخصيب وهي أخت زوجة عمه (عبد القادر) خريجة دار المعلمات وتعمل بالتدريس.
في عام 1956 وبتاريخ 24/12 تحديدا ولدت للشاعر ابنته البكر (غيداء) - ومن الغريب أن يتصادف يوم ميلادها مع يوم وفاة بدر بعد ثمان سنوات-، ثم ولدت ابنته (آلاء) ثم ولده (غيلان).
وفي تلك الآونة سجن بدر أكثر من مرة إما محرضا على المظاهرات أو مشاركا بها أو محركا فيها ، وبدأ المرض يغزو الشاعر شيئا فشيئا.
ومما زاد في قلق السياب وتشتت ذهنه تأرجح الانتماء لديه وتخبط الأفكار، وخاصة قضية فصله من الحزب الشيوعي التي يعزوها البعض إلى اتهامه بالشوفونية في قصيدته المومس العمياء التي يقول فيها:
(كالقمح لونك يا ابنة العرب
كالفَجر بين عرائش العنب
أو كالفرات، على ملامحه
دعة الثرى وضراوة الذهب
لا تتركوني فالضحى نسبي
من فاتح، ومجاهد، ونبي!
عربية أنا أمتي دمها
خير الدماء كما يقول أبي).
إلا أن هناك من يرجح السبب إلى تملقه لحاكم العراق (عبد الكريم قاسم) في إحدى قصائده حسبما ورد في مقال بعنوان (كان شيوعيا ... دراسة في فكرة الانتماء عند بدر . جواد مسعد ـ مجلة الثقافة الجديدة - تصدر عن الحزب الشيوعي العراقي)
بعد أن اشتدت وطأة المرض على الشاعر صار يتنقل بين بغداد وبيروت وباريس ولندن كمحطات علاج، إلى أن حط به الرحال في المشفى الأميري بالكويت بتاريخ 6/7/1964 وفي يوم 24/12/1964 ودع بدر حياته في هذه الدنيا، ليبدأ حياة أخرى في وجدان غواة الشعر تاركا بصماته الدامغة في ديوان الشعر العربي.
بدر الشاعر:
القارئ لسيرة حياة السياب يجد أن هذا الشاعر الذي تنوعت مشاربه وثقافاته السياسية والفكرية وتلونت حياته العاطفية والاجتماعية، ما بين السجن والتشرد والملاحقات والمظاهرات والاضطرابات السياسة والأحداث الوطنية والعالمية، وما بين العشق والانعشاق والحب والوله والحلم واليقظة، ما بين الحزب والتحزب والأدلجة والعقيدة والانتماء، كل هذا كان الكيمياء الغريبة التي صقلت موهبة شاعر مجدد مغامر موهوب.
هذه التناقضات والتجاذبات تضافرت لتصنع الإرهاصات الخلاقة وتهدي لنا السياب الشاعر، فكان له قصب السبق في ولادة الشعر الحر، هذه الظاهرة الأبرز في الشعر العربي المعاصر.
صحيح أن السجال ما زال قائما حول من تصدر قائمة التجديد في ولادة قصيدة التفعيلة، بين (السياب والبياتي ونازك الملائكة)، إلا أن الأكثرية قد حسمت الجدل لصالح السياب في قصيدته (هل كان حبا) ..ومع ذلك فإن هذا ليس بالأمر المهم، إنما المهم أن ريادة السياب تجلت في كتاباته من حيث الموهبة الشعرية والفنية العالية بامتلاكه لناصية اللغة وقدرته على التوظيف والاستفادة من الموروث والأسطورة والرمز والتراجم، فاستطاع السياب أن يتحرر من القصيدة التقليدية ليسير نحو الوحدة والجريان والتعبير بالصورة التخيلية بدلا من التعبير بالصورة الحسية المباشرة، ويذكر بعض النقاد أن قصيدتي (أغنية قديمة) و(السوق القديم) هما أفضل شعر السياب الحر.
خلال تلك الفترة استضافت الساحة الأدبية العربية في الكويت وبغداد ودمشق وبيروت والقاهرة، كتابات بدر وأشعاره من مجلة الآداب، إلى مجلة شعر واحتكاكه مع شعراء الحداثة ونقادها كـ (يوسف الخال وأدونيس وسلمى الخضراء الجيوسي ومحمد الماغوط وشوقي أبي شقرا وتوفيق الصايغ)، فدق بينهم أوتاد سرادقه، ونشر عبق قريحته في العديد من الدوريات الأدبية، وكانت تلك الكتابات تحمل نكهة خاصة يترصدها أهل الثقافة، لتدور حولها معارك أدبية بما اكتنزته من ثروة أدبية وإلماعات فنية ماتعة .
إن الدراسات النقدية لشعر السياب وأخص منها (مقدمة ديوانه الصادر عن العودة لناجي علوش، و السياب حياته وشعره لنبيلة الرزاز اللجمي، وهذا هو السياب لمدني صالح، والصورة والتأويل في شعر السياب "الكاتب مجهول") تظهر لنا أربع مراحل شعرية طبعت شعره:
المرحلة الرومانسية:
وهي فترة المراهقة في حياة الشاعر التي تذبذبت بين إرثه الاجتماعي القاسي المتأثر بفقدان والدته وجدته وغربته عن أبيه، ثم إحساسه بالغربة والضياع في الحب والنساء، فلم يستطع أن يحب إنسانة بعينها ويرتبط بها، بل أحب المرأة الخيال المجردة، وغلب على شعره في هذه الفترة الشعر العاطفي المطبوع بالشوق و الحنين، وأهم القصائد التي تمثل هذه المرحلة ( ظلال الحب ـ المساء الأخير ـ اتبعيني)
المرحلة الواقعية:
تكونت هذه المرحلة بعد أن اصبح بدر عضوا في الحزب الشيوعي العراقي، حيث تعمق إحساسه وانتقل من مرحلة الإحساس الذاتي إلى الإحساس الجماعي، فنمى لديه الحس الوطني والنضالي وكتب أهم القصائد التي تترجم هذه الحالة مثل ( فجر السلام ـ حفار القبور ـ الأسلحة والأطفال ـ أنشودة المطر ) وفي هذه القصائد نلاحظ أن بدر أعاد للقصيدة العربية ارتباطها بقضية الجماهير عن طريق توظيف تفاصيل الحياة اليومية لتتحول إلى أبعاد ودلالات لها معان راصدة.
المرحلة التموزية:
في هذه المرحلة، تحول الشاعر تحولا جذريا من العادي واليومي إلى الأسطوري والرمزي، ويعود سبب هذا التحول إلى فصله من الحزب الشيوعي فوجد نفسه حائرا بين الالتزام و الانعتاق، ليتحول النضال إلى التمني والعودة إلى الماضي هروبا من الواقع المأزوم، ويصبح الحلم هو محرك الموهبة الشعرية.
هذه المرحلة يسميها الناقد الإنكليزي ستيفن سبنسر بالواقعية الجديدة، ويعني فيها محاولة المبدع أن يجد انسجاما بينه وبين المجتمع، دون أن يفقد حلمه الشخصي وقناعاته الذاتية، ومن القصائد التي تمثل هذه المرحلة ( مدينة بلا مطر ـ النهر والموت ـ في المبغى ـ المسيح بعد الصلب)... أما فنيا فيجمع النقاد على أن هذه المرحلة تمثل العهد الذهبي لبدر حيث بلغ ذروة مجده الشعري وأثبت ريادته للشعر الحر بجدارة.
المرحلة الذاتية:
وهي فترة المرض والاحتضار، حيث صار الشاعر يدافع عن بقائه ليصبح الموت لديه حالة عبثية، وصارت نظرة الموت تلون شعره، ليغدو الشعر رفيقه الوحيد فطغت عليه مسحة الذاتية والانفعال، وهي تعبر عن حالته النفسية ومن أشهر قصائد تلك المرحلة ( المعبد الغريق ـ منزل الأقنان ـ شناشيل ابنة الجلبي)
حري بنا حين نسبر أغوار هذه الموهبة الشعرية، أن نعلن أن السياب شاعر فذ ومجدد، امتلك موهبة شعرية نادرة اتسمت بالتحديث والتعقيد معا، انبثقت من خلال معاناة ذهنية موّارة حول الصراع بين التناقضات كالحياة والموت، والخير والشر، والواقع والأسطورة. فأضحت قصائده تحرك اللوحة الشعرية وتذكي حطبها لتنتشر كالنار في الهشيم، وان لاكته الألسن في البداية، لكنه في النتيجة خرج منتصرا ليسجل اسمه كواحد من رواد الشعر الحديث ومجدديه بل رائد الرواد، فلم يكن تجديده في الشعر من حيث الشكل الخارجي للقصيدة بل تعداه إلى المضمون برؤية جديدة، وحالة التكثيف البنائي بتوظيفه للرمز والأسطورة وإسقاطاته الدلالية، وامتلاكه لمفاتيح القصيدة المتماسكة الناتجة عن الشعرية العالية والإحساس الرهيف.
بقي أن نقول أن حياة بدر التي لم تبلغ الأربعين عاما (38سنة) كانت حافلة بعطاء جزل من حيث الكم والكيف وله عشرة دواوين هي:
1. أزهار ذابلة 1947
2. أساطير 1950
3. المومس العمياء 1954
4. الأسلحة والأطفال 1955
5. حفار القبور1957
6. أنشودة المطر 1960
7. المعبد الغريق 1962
8. منزل الأفنان 1963
9. شناشيل ابنة الجلبي 1964
10. إقبال 1965
وهنالك الكثير من الأشعار التي لم تنشر، فضلا عن عدد من القصائد الضائعة مثل قصيدة (بين الروح والجسد ) التي أرسلها إلى الشاعر علي محمود طه ومات قبل أن يكتب مقدمتها، ويقال أنها تربو على الألف بيت، كما أن للسياب مجموعة مترجمة عن الإنكليزية بعنوان (قصائد مختارة من الشعر العالمي الحديث) صدرت عام 1955
هذا هو السياب المعيدي الذي أبهرنا قبل أن نراه، وازددنا شغفا به بعد أن رأيناه، فلم تكن قامته الهزيلة ودمامته إلا قيمة مضافة أدهشتنا بنبوغها، وأسكرنا بما أثرانا به من شعر ساطع أبهر كل من قرأه، رسم البشاشة على وجوهنا المعتكرة، وفض بكارة السكون ليزرع في رحمه أجنة صاخبة، ما لبثت أن خرقت غشاء أمومتها واستعمرت الأرجاء بحسنها الضاري وصداها الرنيم، شاعر سامق رحل قبل الظهيرة مخلفا وراءه تركة ماسية الجوهر، وغلالا أنهكت الجباة وهم يحصون ميرتها السمينة، نستذكره استذكار الأنبياء المبشرِين بناسوت الحياة ولاهوت الجمال، استذكار هامة من الهامات الشعرية المتوجة على عرش استحله بفروسيته النبيلة وحافظ عليه بطغيانه الآسر.
إضافة تعليق جديد