الزواج في الفلسفة
لعلك تعلم أن أغلب الفلاسفة كانوا عزابا : بداية من هيراقليطس مرورا بأفلاطون وصولا لديكارت و سبينوزا و نيتشه و شوبنهاور و لايبنتز و ڤولتير و باسكال و جون جاك روسو و غيرهم الكثير . هؤلاء الفلاسفة جعلوا من أولوياتهم البحث و العمل على مشاريع فكرية لفهم العالم و الإنسان ، فالبرغم ان كل هؤلاء مروا بتجارب عاطفية تكللت معظمها بالفشل الذريع ، فديكارت كانت له علاقة مع خادمته و مع عشيقات أخرى كان يلذذ بيها شهوة عينه و عزل عنها عقله المفكر ، و جون جاك روسو الملهوف فقد عاش طيلة حياته مع امرأة لا يحبها وأحب امرأة لم يعش معها يوما واحدا ، و أما كانط فلم يكن في أي علاقة ؛ ربما كان قد عشق إحدى الفتيات لكنه فضل الانغماس في بحثه الفلسفي عوض الخوض في العلاقة المنتهية قبل أن تبدأ ، أما المسكين نيتشه فقد خاض تجربة خادعة مع معشوقته سالومي التي خطف قلبها فرويد ، و أما سبينوزا فقد أحب فتاة فلما تقدم لها بعرض الزواج رفضته عائلتها و زوجوها لشخص آخر ... و قصص أخرى لا تبحث فيها عن النهاية السعيدة ... و من هنا كرس هؤلاء الفلاسفة حياتهم للمعرفة و العلم و تناسوا ما مروا به من تجارب جعلت منهم ساذجين .
لقد رأى الفلاسفة في الزواج مسؤولية عظمى قد تصرفهم عن التفكير و ذلك ينبعث من المشاكل المرافقة للزواج و الأولاد و المصاريف و الضجيج الخ لذلك ابتعدوا عن هذه الأمور و تفرغوا للمسؤولية الفكرية و التي تنضوي تحت مهمة الارتقاء بالبشرية و إعطاء إضاءات علمية كفيلة بأن تنقدنا من ظلمات الجهل ، و بالفعل توفقوا في ذلك . قال كارل ماركس ( و هو متزوج ) : من يريد أن يتصدى للقضايا العامة ويتحمل مسؤولية جسيمة لا ينبغي عليه أن يتزوج وينجب. و قال نيتشه :إن الفيلسوف الحقيقي يرفض الزواج ويتهرب منه بكل هلع ورعب. لماذا؟ لأن الزواج يقف في طريقه كعقبة كأداء بل ومهلكة تمنعه من التوصل إلى القمة: قمة الفكر والإبداع .
ان الفلاسفة ليسوا كالشعراء صحيح انهم أحبوا و عشقوا لكنهم لم يندموا لأنهم فشلوا في العلاقات العاطفية و تقبلوا الأمر ببرودة دم . لماذا ؟ لأن الشعراء يرجحون العاطفة على العقل ، و الفلاسفة ينتصرون للعقل عوض العاطفة
إضافة تعليق جديد