تسع مقتطفات مختارة من مقابلات لجيمس بالدوين
أهمية القراءة في تكوين مهارة الكتابة
إنني أقرأ كلُّ ماتقع عليه عيناي، في الثالثة عشر من عمري كنت أقرأٌ خارج مكتبتي في هارلم. بهذا النهج يتعلم المرء قدرًا كبيرًا عن الكتابة. بادئ ذي بدء تكتشف ضآلة معرفتك. كلّما تعلّم الفرد ازداد جهله، إنها حقيقة. مازلت أتعلم كيف أكتب. لا أعرف ماهي الآلية. كل ما أدركه أنه يتوجب علي أن أٌري القرّاء ما أكتب.
الصبر طريقك للكتابة
الموهبة ليست بذات الأهمية. أعرف الكثيرين من أصحاب الموهبة وقد آلوا إلى خراب. هناك عدة مميزات تعلو على الموهبة؛ الانضباط، الحب والحظ، لكن ما يفوقهم أهمية هو الصبر. إذا كنت في طريقك لتصبح كاتبًا فلايوجد ما يمكنني قوله لإيقافك. وإذا لم تعتزم ذلك فلا يمكنني مساعدتك. ما تحتاجه في مستهل الأمور هو شخصًا يُخبرك بأن العمل يتطلبٌ مكابدة.
في البساطة
البساطة أصعب شيء في العالم. والصفة الأشد إخافة أيضًا. لا ينفك الأمر يزداد صعوبةً لأنه يتعين عليك أن تجرّد نفسك من جميع ملابسك التنكرية، بعضها لم تكن على دراية بأنك ترتديها حتى. يجب أن يكون جلَّ مبتغاك هو جملة نظيفة مثلَ عَظْمَة.
الإبانة مقابل السرد
إن معظم إعادة الكتابة هي تكرار. لا تصِف لي، بل أرِني. هذا ما أحاول تعليمه للكتاب اليافعين، أٌظهر ما بداخلك. لاتصف لي غروب الشمس الأرجواني، بل اجعلني أراه أٌرجوانيًا.
الكتابة توسع المدارك
عندما تكتب، فأنتَ تحاول العثور على شيءٍ تجهله. بالنسبة لي، لغة الكتابة برمتها هي لغة اكتشاف. اكتشاف ما لا ترغب بمعرفته، ولا استيضاحه. ولكنك مضطر لذلك على أية حال.
أهمية التراجع عن الوضع الراهن
اضطررت إلى قراءة كل شيء كما اضطررت إلى الكتابة طوال الوقت، وهذا تدريب مهني رائع.. لكن معظم الكتب التي استعرضتها كانت من فئة "كن لطيفاً مع الزنوج"، و"كن لطيفًا مع اليهود". لقد تم نشر الآلاف من هذه الأوراق الدعائية الدينية والسياسية. بينما كانت أمريكا تمر بأحد التشنجات الليبرالية. بدا لي خلال تلك السنوات أنه كان يتعين عليّ قراءة كل واحدة منها؛ لون بشرتي جعلني خبيرًا.. كنت مقتنعا آنذاك - وما زلت - أن هذا النوع من الكتب لا يفعل شيئًا عدا تعزيز الصورة. وهذا كان له بالغ الأثر على المسلك الذي سلكتُه ككاتب، لأنه إذا ما أخذت دور الضحية ، فأنا ببساطة أُطمئن المدافعين عن الوضع الراهن؛ يمكنهم الشفقة علي وإضافة مزيدٍ من الهللات إلى شيكات الإعانة المنزلية. وبهذا لن يتغير شيء،[لذلك توجب علي إيجاد] مفردات جديدة ووجهة نظر مغايرة.
التعامل مع النقد
إنه ليس أمرًا صادقًا تمامًا أنك لا تأبه لما يقال عنك. لكن عليك أن تخرجه من رأسك. مررت بفترة عصيبة للغاية. كنت في جانبٍ ما "العم توم"[i] وفي الجانب الآخر "الشاب الغاضب". الكم الكبير من الملصقات التي أٌلصقت بي، كفيلة بأن تصيبك بدوار، لقد كانت من دون شك؛ مؤلمة، مُفاجِأة، ومحيرة فعلاً. أنا أهتم بما يظنه البعض عنّي.
التعامل مع الرأي العام
لطالما كان نمط الرأي العام هو التشكيك، وأنت غالبًا لن تستطيع التصدّي له. من الممكن أن تقال أشياء جارحة، وأنت لا يعجبك ذلك، ولكن ماذا عساك أن تفعل، هل تدافع عن نفسك؟ لا يمكنك فعل ذلك.
المخاطر اللازمة لكتابة الحقيقة
لا أحاول أن أكون نبويًا عندما لا أجلس لكتابة الأدب. الأمر ببساطة هكذا: يتعين على الكاتب أن يخاطر بكل شيء لكتابة ما يراه. لا أحد بإمكانه أن يُملي عليه ذلك. لايمكن لأحد السيطرة على الواقع. هذا يذكرني بشيء قاله بابلو بيكاسو لجيرترود شتاين أثناء قيامه برسم صورتها. قالت جيرترود، "أنا لا أبدو هكذا". فأجاب بيكاسو، " في المستقبل ستفعلين". لقد كان محقًا.
[i] "كوخ العم توم هي رواية تدور حول مكافحة العبودية وطرح معاناة السود في أمريكا. كتبتها هيريت ستو ونشرت في عام 1852 الرواية "ساعدت وضع الأساس لـ الحرب الأهلية الأمريكية"
إضافة تعليق جديد