الدول تدمّر لبنان في حربها على سوريا
من حق اللبنانيين أن يسائلوا هذه الأكثرية بحكومتها القائمة بالأمر لأسباب يختلط فيها العاطفي بالانفعالي بانكسار ميزان التوازنات السياسية بأخطاء الممارسات السورية في عهد مضى: إلى أين تأخذون لبنان؟ ولماذا هذا الإصرار على تحويل الخلاف مع سوريا إلى أزمة مفتوحة سرعان ما تدفع بها «الدول» لتصير حرباً باسم لبنان ولكن لحسابها، لا مبرّر لها ولا منطق، ثم إنها تنقل لبنان من موقع الضحية إلى موقع الجاني؟!
هل تستطيع هذه الأكثرية بحكومتها أن تشرح لنا المبرّرات التي استدعت أن تطرح مسألة العلاقات اللبنانية السورية (بما في ذلك السفارات) على مجلس الأمن؟ وماذا سيفيد لبنان من القرار الهمايوني الجديد، وهو غير مسبوق، والذي «يشجع» على العلاقات الدبلوماسية وعلى ترسيم الحدود التي لا يمكن أن يقرّر فيها إلا طرفاها المعنيان؟!
لماذا تكبير كل إشكال محدود الأثر يمكن حسمه باتصال هاتفي (السواتر الترابية في جرود عرسال ورأس بعلبك المقامة لمنع التهريب على الخطين)، وتعظيم هذا الإشكال بحيث نشبِّه سوريا بالعدو الإسرائيلي، ونوجّه عبره إهانة لأهالي عرسال وللمقاومة التي حرّرت الجنوب بدماء المجاهدين؟! ولماذا هذا الادعاء المتكرّر والكاذب عن قوافل تهريب السلاح من سوريا إلى لبنان؟
لماذا تكبير الإشكال إلى أزمة والأزمة إلى قضية والقضية إلى استثمار توظفه «الدول» التي لها حساب آخر مع النظام السوري، لا شأن للبنان به، بل إن المبالغة في التورّط تنعكس ضرراً فادحاً على هذا البلد الصغير؟!
لماذا التفتيش كل يوم عن أسباب للاختلاف وتعظيمه وتبرير التدخل الأجنبي مباشرة أو عبر مجلس الأمن في ما لا يمكن أن يحله إلا التفاهم مباشرة مع وقائع الحياة، ومن ضمنها التاريخ والجغرافيا وصلات القربى والمصالح المشتركة؟
لا بد أن في مكان ما عقلاً دولياً شريراً يستغل هواة السياسة والمستجدين على الحكم في لبنان، ويعمل على مدار الساعة فيفتعل الحوادث، ويكبّر الصغير، ويروّج لأكاذيب سرعان ما تسقطها الوقائع المشهودة بالعين المجردة... ولكن ذلك كله لا بد أن يترك أثره على الإدارة السورية المستهدفة.
لا بد أن عقلاً دولياً شريراً يدفعنا إلى رفض المبادرة العربية ليدفعنا من بعد على طريق التدويل، ويحرّضنا بإشاعة جو من التهديد والوعيد ليبادر من بعد إلى نجدتنا بقرار جديد من مجلس الأمن لا يفعل إلا تأجيج نار الخلافات تمهيداً لحرب الدول التي سنكون مجرّد وقود لها، أي إنه ينحرنا ليحاول إيذاء سوريا!
إن مثل هذا العقل الدولي الشرير لا يهتم بلبنان إلا كمنصة إطلاق ضد سوريا بما يجعله طرفاً في حرب على أهله، سترتد عليه بالويل والخراب، سواء انتصرت الدول أو اضطرت إلى وقف هجومها بالمساومة مع سوريا.
أليس من يوقف هذا العقل الدولي الشرير عن سوقنا إلى تدمير أنفسنا؟
طلال سلمان
المصدر: السفير
إضافة تعليق جديد