يحدث في مجلس الشعب السوري
في خطوة غير مسبوقة في برلمانات العالم، وخلافا للنظام الداخلي لمجلس الشعب، والدستور السوري، مُنعنا اليوم من الكلام أو الإحتجاج تحت قبة المجلس، أنا والزملاء: طلال حوري ووائل ملحم وجانسيت قاظان وآخرون بحضور رئيس وأعضاء الحكومة، وكانت أسرع وأقصر جلسة بتاريخ حضور الحكومة تحت القبة، وكأن المجلسين يرغبان بإنهائها قبل أن تبدأ، حيث عرض رئيس الحكومة أعمال وزاراته في 37 دقيقة وأجاب على الأسئلة ب 37 دقيقة، وتحدث ثلاثون نائبا ـ كان قد تم اختيار أسمائهم قبل الجلسة ـ لمدة 56 دقيقة، بمعدل دقيقة إلى دقيقتين لكل نائب موزعين على كتل أحزاب الجبهة الوطنية التقدمية، فقالوا ماكانو يقولونه خلال الجلسات السابقة، وحين حاولنا الإحتجاج على قيام مكتب المجلس مسبقا باختيار المتكلمين سراً، قصفنا الرئيس حمودة الصباغ بصوته العريض وميكرفوناته الشغالة دوما، ولم يسعفنا صوتنا العقلاني المعتدل وميكرفوناتنا المعطلة بفرض احترام تقاليد الديمقراطية البرلمانية وتذكيره بأننا نمثل الشعب السوري الذي يحمل مجلسه اسمه.. فأخرسنا السيد الرئيس جميعا، بما فيهم السيدات، وكأننا طلاب وهو عريف صف، و مازال صوته القمعي يرن في أذني: زميل نبيل إجلسسس، لم أسمح لك بالكلام.. ليبقى الجواب معلقا على شفتي: طيب يا زميل، أنا شو عم ساوي بمجلسك المؤمم لمزاج وسطحية بعض الرفاق؟!
النكتة في الأمر أن السيد رئيس المجلس يأخذ كلامي دائما على سوء النية، كما كانت تفعل الحكومات السابقة معي عندما كنت صحفيا ، منذ أيام حكومة الزعبي المغفور له وصولا إلى العطري الذي أكد لي هذا الظن الخاطئ معتذرا قبل عامين، بينما في الواقع كنت سأقدم مشروع خطة إنقاذية، عملنا عليها مع فريق من المختصين قبل شهر حيث تتضافر فيها السلطات التنفيذية والتشريعية مع المجتمع للخروج مما نحن فيه.. ولكن ماذا أفعل إذا كانت سلطاتنا التشريعية والتنفيذية لاترغب التعامل بشفافية مع الناس الذين يصرخون من الجوع والبرد والقهر .. قدموا عذركم أيها السادة وتأكدوا أن الشعب سيقدركم ويتعاطف معكم بدلا من رفع نسبة عدائه لكم ..
أعزائي: الحظر الذي تعرضنا له اليوم في مجلسكم المسمى باسمكم " مجلس الشعب" جاء بعد فك الحظر الذي عاقبني به الإمبريالي الأمريكي مارك زوكربيرج طيلة الأسبوع الماضي بسبب موقفي السياسي، ولم أتمكن من مواكبتكم في الأحداث الكبيرة التي جرت خلاله .. وهذا يسمى في الكتب "الإستبداد" الذي حارب أجدادنا المستعمرين ضده خلال القرون السحيقة، ثم بتنا نستخدمه اليوم ضد بعضنا حتى غدونا من أضعف الأمم..
فيمايلي مداخلتي المضيعة باعتبار أن ضميركم قبتي :
السيد رئيس الحكومة عبر مقام الرئاسة
تبدو سورية اليوم مثل سفينة مهشمة عائدة من المعركة، وماتبقى من طاقمها متعب أوجريح، وقد رست على شاطئ جزيرة معزولة فيها كل مايلزم لتأسيس دولة مكتفية بذاتها من أراض خصبة وينابيع وثروات باطنية، فما هم فاعلون ؟ الجواب هو الإستثمار بالموارد الطبيعية والطاقات البشرية المتاحة.. فالوضع اليوم أن الحرب دمرت نصف البلاد وأنهكت مجمل العباد، بينما زاد الحصار الخارجي والفساد الداخلي من بلائنا، في الوقت الذي نملك فيه كما هائلا من الطاقات والموارد المعطلة أوالمضيعة.. من هنا نرى أن الإنقاذ لن يكون إلا بشراكة حقيقية تقوم بها السلطات التشريعية والتنفيذية مع المجتمع عبر خطة إنقاذية جريئة وطموحة يتحمل فيها الجميع المسؤولية ويتعاونون لتجاوز هذه المرحلة كما تجاوزوا ما سبقها في ثمانينات القرن الماضي لمن يذكر.
إن إعادة الثقة المفقودة بين المجتمع والحكومة هو مفتاح البداية ولن تكون الا عبر دعوة المجتمع السوري للمساهمة فعلياً في تخطي ظروف الحصار، وفي إعادة الإعمار، فمن حق كل شخص وواجبه أن يكون جزءاً من الحل باعتبار العنصر البشري هو المورد الرئيسي الذي نملكه ولا يستطيع الحصار الاقتصادي أن يمنعه عنا.. من هنا ندعو إلى مبادرة حكومية تهدف الى :
1ـ زيادة الانتاج
2- رفع مستوى دخل الفرد وتحسين مستوى المعيشة
3- إيجاد مصادر دخل جديدة عبر خلق موارد جديدة
المحور الرئيسي : كل يد في سوريا يجب أن تعمل، كل شبر أرض يجب أن يزرع، كل آلة يجب أن تعود للإنتاج.
تقوم المبادرة على المشاركة بين السلطتين التشريعية والتنفيذية والمجتمع كأفراد والقطاعين الخاص والعام المنتجين، الأفراد يقدمون جهدهم ووقتهم وخبراتهم، والسلطات تقدم الاطار المُمكن من بيئة تشريعية و دعم لوجستي و تنظيم للعمل، والهدف إعادة تشغيل القطاعين الخاص والعام بشقيهما الصناعي والزراعي المتعثرين أو المتوقفين بأعلى طاقة ممكنة وكأننا ننشئ شركة تقدم خدماتها للقطاعين العام والخاص مع فارق ان الشركات تحكمها القوانين الموجودة مسبقاً اما هنا فيجب تفصيل مظلة قانونية مناسبة تغطي احتياجات المبادرة.
لدينا تصور أولي لخطوات مشروع الإستثمار بالموارد والطاقات المتاحة ومصادر تمويله، وقد وضعنا ملخصا له بالتعاون مع فريق من المختصين، ويمكن لحكومتكم الكريمة التوسع فيه وإعادة بنائه وصياغته بواسطة خبرائها ومستشاريها وبالتعاون معنا فيما لو رغبتم ..
نبيل صالح
إضافة تعليق جديد