ماذا يفعل خمسة ملايين سوري على موقع “فيسبوك” ؟
منذ أن رفعت الحكومة السورية الحظر عن موقع التواصل الاجتماعي “فيسبوك”، في 8 شباط 2011، والموقع يدخل في حياة السوريين بوتيرة متصاعدة سنة بعد سنة، إلى أن أصبح في الوقت الحاضر وسيلة تواصل أساسية في المجتمع السوري يعتمد عليها الأفراد والشركات والمؤسسات.
وبلغ عدد السوريين الذين يستخدمون الإنترنت 6.03 مليون مستخدماً، منهم 5.50 مليون على وسائل التواصل الاجتماعي وغالبيتهم على موقع “فيسبوك” حتى عام 2018 بحسب إحصائية أجراها موقع “Hootsuite”، في زيادة وصلت إلى ما يقارب أربعة أضعاف عن عدد المستخدمين عام 2012، الذي بلغ 1.12 مليون مستخدماً.
وتختلف آراء السوريين حول فائدة موقع “فيسبوك” والسبب الذي جعله يدخل في كل التفاصيل اليومية التي يعيشها المواطن السوري في البيت والعمل والجامعة وحتى المدارس في كثير من الأحيان.
وقال الناشط المجتمعي أنس عنجريني إن “فيسبوك هو جغرافية تضاهي جغرافية البلدان والمدن، وبالنسبة للسوريين هذه الجغرافية تفوقت على كل جغرافية البلدان والمدن التي يقطنها السوريون من حيث تموضع وعدد السكان، حتى المؤسسات السورية بأنواعها تواجدت فيه بشخصياتها الاعتبارية أيضاً”.
وتابع عنجريني “التواصل والتفاعل بين كل المتواجدين ضمن جغرافية الفيسبوك فعال وممكن أن يكون أهم من الواقع، الأمثلة لا حصر لها في كل القطاعات العام، والخاص، والمدني”.
وتساءل عنجريني “شو عم يعملوا السوريين بين بعضن بهالجغرافية؟، أولاً وآخراً فيسبوك هو منصة تواصل، مساحة ذكية، أرض افتراضية، أما الناس اللي فيها، فهنن الأساس”.
واعتبر همام دوبا أن” فيسبوك هو منصة، تعكس حالة المجتمع، ولها تأثير على وعيه وسلوكياته، والسوريون استخدموا الفيسبوك بحالتين، الأولى بطريقة سخيفة لا معنى لها، وهي طبيعية نتيجة سعي الناس للهروب من الواقع المرير بأي طريقة، وجمهور هذه الطريقة هو الأكبر”.
وتابع دوبا “المجال الثاني هو مجال الناس التي تهتم بجمع المعلومات المختلفة والتعرف على منصات تعليمية أو ثقافية، وتسعى دوماً لإيصال أفكارهم بطرق مختصرة ومفيدة من خلال الفيسبوك، وهذه الفئة قليلة”.
وبحسب دوبا، فإن “فيسبوك سمح للسوريين بالتأثر ببعضهم وبالعوامل الخارجية بشكل أوسع، والسوريين أضافوا حساً فكاهياً خاصاً، بالإضافة للنقد الساخر من قضايا عامة، ومازالت إضافاتنا العلمية والثقافية والمعرفية على فيسبوك كإضافاتنا في غير مجالات، خجولة جداً وبتنعد على الأصابع”.
فيما قال لؤي الميهوب الطالب الجامعي في كلية الهندسة لتلفزيون الخبر إن “الفيسبوك أصبح ضرورة للطلاب، فنحن نعتمد عليه بشكل يومي للنقاش وارسال واستقبال المحاضرات، ونشر القرارات والعلامات، الأمر الذي وفر الكثير من الجهد والوقت والمال على طلاب الجامعات”.
وأضاف الميهوب “معظم طلاب الجامعات في سوريا يعانون من صعوبة المواصلات وكلفتها، وفيسبوك سهل عليهم العملية كثيراً، فأنت تستطيع معرفة كل ما يحدث من خلال تصفحك لمجموعات أو صفحات الجامعة، خصوصاً خلال فترة الامتحانات، وتستطيع تحميل كل ما تحتاجه وطباعته في مكتبة قريبة من منزلك”.
كما أوضحت حنان السلمان، الطالبة في كلية الهندسة، لتلفزيون الخبر أن “فيسبوك أعطى مساحة للكثير من الناس أكثر مما يستحقون، فانهالوا علينا بكميات غباء غير طبيعية جعلتني احذفه مراراً وتكراراً، ومن جهة أخرى فهو وسيلة إعلان سريعة ومريحة يفضلها البائع والمشتري”.
وبالنسبة لأمجد زريع “الفيسبوك هو هدية على طبق من ذهب للبعض، وحصان طرواده للبعض الآخر، فهو مجتمع غني بالمعلومات والمهارات والأفكار لمن يريد استثمارها، وهو أيضاً وسيلة للهو والتسلية وتضييع الكثير من الوقت”.
وقالت الاختصاصية في الإرشاد النفسي كلودا رجب لتلفزيون الخبر إن “زيادة استخدام مواقع التواصل الاجتماعي في العقد الأخير، أدى لتفاقم مشكلات كانت بسيطة”.
وأكملت رجب “والتأثير الأكبر وقع على فئة المراهقين أو اليافعين في عدة جوانب، أهمها التعلق الشديد والإدمان، وزيادة القلق لدى المراهقين والشباب، والاكتئاب والانعزال عن مجتمعهم، الأمر الذي سيؤدي إلى تراجع في مهاراتهم الحياتية والدراسية”.
وأضافت رجب “من المشكلات التي يواجهها المراهق والشاب بسبب وسائل التواصل الاجتماعي أيضاً، تبني أفكار جاهزة عن قضايا المجتمع المختلفة، والابتعاد عن تكوين الأفكار الناتجة عن التجربة، والانجرار وراء الدعوات التي تنتشر على هذه الصفحات الأمر الذي يؤدي في كثير من الأحيان إلى الضياع والانحراف بأشكاله”.
وشكل الفيسبوك خلال السنوات السابقة منبراً إعلامياً متاحاً للجميع، وحول دوره الإعلامي، قالت الصحفية رؤى حمدان لتلفزيون الخبر إن “فيسبوك خلال الأزمة التي عاشتها سوريا كان متنفساً للسوريين سلباً وإيجاباً”.
وأضافت حمدان “ايجابياً، زرع فيسبوك الثقة في نفوس السوريين كأشخاص قادرين على التغيير باعتقادهم، لأنهم وجدوا منبراً قادراً على حمل خبايا نفوسهم أو التعبير عن آرائهم حول مواضيع جوهرية وبمجالات مختلفة”.
وتابعت حمدان “ومن الإيجابيات التي وفرها الموقع، سرعة انتشار الخبر في وقت أصبح الموبايل في متناول الجميع، فكان وسيلة للاطمئنان في بعض الأحيان عن الأوضاع الأمنية، أيضاً كان فرصة لبث الرسائل والتماس النتائج قبل اتخاذ القرارات من خلال بث إشاعة وقياس وجهات النظر بين أطياف الفئة المستهدفة وعليه يتم القرار”.
وأشارت حمدان إلى سلبيات خلفها الموقع منها “انعدام المعايير لأي حديث أو تعامل، فالأحاديث من خلف الشاشة تكون سهلة جامدة خالية من التعابير الحقيقية التي نستطيع من خلالها إيصال المعنى الحقيقي من حديثنا”.
وأردفت حمدان “وأدى ظهور العديد من الصفحات الوهمية التي تنشر أفكار مغايرة لعنوانها الجاذب، وخلق تيارات جديدة وأبطال وهميين اعتمدوا اللعب على وتر ضعيف ليكونوا قادة رأي”.
وكانت رئاسة قسم الأدلة الرقمية في فرع مكافحة الجرائم المعلوماتية في وزارة الداخلية أعلنت في نيسان 2018 تنظيم أكثر من 800 ضبطاً بحق مخالفين، معظمها لفئات عمرية تحت 25 سنة، موضحة أن هناك أطفالاً يديرون صفحات فيسبوك وصل عدد متابعيها لنحو 50 ألف شخصاً.
الجدير بالذكر أن مجلس الوزراء بسوريا أقر في آذار 2018 مشروع قانون جديد يعاقب على الجريمة المعلوماتية، وينص القانون على إحداث نيابة عامة وقضاة تحقيق إضافة لمحاكم جزائية مختصة بهذا النوع من الجرائم، بداية وجنايات.
الخبر
إضافة تعليق جديد