فراس سليمان: ثلاث قصائد إلى أندريا
فندق في سويسرا
(صوتكِ)
أتعذب وأنا أتخيل الفندق
الزجاج المصقول
البلاط الذي لا يسيء التأويل
النوم محمولاً على عربات لا تُصدر صوتاً
الموظفون يرتبون حياة طارئة
لنزلاء ينعسون في ذكرياتهم اللينة
السكون بديناً بخفّيه الصوفيين يعبر بين الممرات.
كل شيء مصقول
الثلج على القمم
الزمن على أجنحة الطيور
الله مفتّتاً مثل القطن فوق الأشجار.
أتعذّب
أتعذّب أكثر
وأنا أتخيلكِ بيدين متعبتين
تلمّين صوتك
البخار الذي أطلقه فمك
على زجاج الشبّاك
صوتك الذي اختفى
حياتي التي تبخّرت في أسبوع.
رجل يطير
لم تعد الأشياء سوى همهمة
سوى كلمات مثل عجائز
يتحركون ببطء
لم يعد العالم سوى احتمال لا يُفسّر
وحده جسدكِ رائحة زمن
أشمّها
وأبكي.
الرعب أن أصف
أقبض على الغروب في مطبخكِ
لا أفهم البيضة الخشبية بفمها المفتوح
على حافة الشبّاك
لا أفهم دمعي على كتفكِ
لا أفهم طبائع الغياب على نهدكِ الأيسر
لا أفهم الخرائط التي رسمها جدّكِ لمدينة لم تعد موجودة
لا أفهم بروكلين في الصباح.
ليست صورة تحتاجها القصيدة
قدماكِ قشرة سماء.
جسداً حقيقياً
أطير.
رفّة واحدة
وتخلّدني
رائحة الأحصنة والعشب الجاف
والآلهة اليرتعشون
الرائحة التي تنبعث من غرفة نومكِ
رفّة واحدة
وألمس العمق الطافي على سريركِ
دون حزن
وبكثير من الدموع.
فمكِ هائل
في الزمن
عصابة من أطفال الغجر
بقمصان مزهرة
يهجمون على أيامي
التي فرغت للتو.
فمكِ
شرق مفاجئ
ضياع.
الرعب أن أصف
أقبّل طعامكِ
لا آكله
أقبّل جسدكِ
لا أنام معه
أرى حياتي في بيتكِ
لا أعرف من أنا!
تقاسيم
أنتِ لا تنتبهين لهذا الفزع الذي يضيء على وجهكِ
لإشارات الأعماق على فمكِ، إشارات بعيدة وواضحة لمحض أعماق
أنتِ لا تنتبهين لاختلافي عني... لموتي عندما أقبّل فزعكِ
عندما أبحث عن كلمة لن تنقذني.
أنتِ تبكين حياتكِ التي تضجّ بكِ
أنا أبكي أمام الفراغ.
ترين الياطر الأحمر
فأساً في بطن صحراء مفاجئة
أقول إنها مجرد قطعة معدن
على جدار مستودع
تقولين انظر إلى كل هذا الدم
أصدّقكِ
أحزن
وأغار مني وأنا أعانقكِ
ياطرَ زمنٍ متروكاً على شاطئ ما.
في الزاوية نعدّ قبلاتنا
سوداء أرقام الفقد.
في الارتجاف
نتكوّن.
داخل كلمات مثل ظلال ممزقة
يحدث مسقبلنا.
تعودين إليه
وأذهب إليه
الغموض
الذهب الذي يذوب
تحت شمس المسافة
الغموض الذي يركن صغيراً وثقيلاً
بين اليدين.
تمثال الخسارة
الطفل الذي تشتهين
الطفل الذي يقلّب ألعابه... هواجسكِ
أنا أداعب شعركِ في الطريق إلى الغياب.
هذا الحجر الذي وجدناه
في الطريق إلى قمة الجبل
ذاكرةُ غراب
ضعيهِ على الطاولة قرب علبة الميك آب
ستحتاجين إلى قطعة من جلد الريح
مقطع من الأبدية.
كلما عضضتُ على ذاكرتك
رأيتُ نفسي رجلاً آخر ينزف
كلما قلتُ أحبك
ربحتُ حياة لا أعيشها.
يدكِ على قلبي
لها صرير زمن لا يُفتح ولا يُغلق.
عاريةً يستأجركِ الشتاء
قطرات الماء الساخن على نهديكِ
تربك نظراته.
لماذا ماضيكِ
رسالة اتسلمها كل يوم؟
في ليلٍ ما
في طبيعةٍ ما
وعلى سريرٍ من عشب
حيث الجسدان والأشجار جدل ناعم
تحدث حياة
لن يرويها أحد.
فراس سليمان
المصدر: النهار
إضافة تعليق جديد