بداية العالم: قصيدة سومرية من الألف الثالث قبل الميلاد
هذه المقاطع الشعرية التي كشفت عنها الحفريات الاثرية في العراق و المدونة بالكتابة المقطعية المسمارية السومرية القديمة، تقص و على نحو مذهل الجمال كيف نشأ العالم و كيف شارك كل مخلوق في خلق شريكه حتى يكتمل الوجود الطبيعي و الانساني، و تكتمل صورة العالم كما هي عليه منذ زمن بعيد.
و النص يرسم صورة اكتمال الوجود و عناصر الوجود حيث لكي تكتمل صورة الخليقة فكل عنصر يحتاج الى الآخر في محبة نادرة .و كل يصنع الآخر في حب مذهل . و من يتمعن في سطور القصيدة يرى فيها تلميحات لم يصل اليها العلم الا بعد قرون و قرون من الزمن و البحث .فهنا الخلق لا يتم بكلمة إلهية /كن فيكون/ بل نتيجة تدرج طبيعي كيميائي هو أصل العالم .و العالم يتكون شئيا فشئيا كما يتكون الجنين في رحم الام و لا يولد شخصا تاما و فورا . ثم كل عنصر يكتشف توأمه ليكتمل به و يكتمل الوجود.
............................................
ما ان تكونت السماء
حتى قامت فخلقت الارض.
فلما وجدت الارض نفسها بلا ماء ابتدعت السواقي و الانهار
فقامت السواقي فصنعت الطمى بدورها
فقام الطمى( الطين ) ووضع في رحمه دودة العلق.
فُخلق بها ماخلق.
ثم اتى المحراث فقال:
هانذا اصنع شقوق تربة الحقول
فقالت شقوق تربة الحقول :
و هانذا احتوي في رحمي البذور
فجاءت البذرة و ابتدعت صورة النبتة
فقامت النبتة فحبلت بالسنبلة.
و السنبلة تزينت و تباهت بحبة الحنطة.
هكذا راحت نعم الحياة تتدفق على ضفتي نهر الفرات.
--------------------------------
تقديم وترجمة: فايز مقدسي ـ باريس
إضافة تعليق جديد