في سوريا... أسواق بيع الأسلحة الثقيلة وصلت إلى «فايسبوك»
تنتشر على مواقع التواصل وخاصّة «فايسبوك»، أسواق لبيع الأسلحة في المناطق الخارجة عن سيطرة الحكومة في سوريا، سواء في ريف دمشق، أو ريف حمص، أو في الشمال السوري المفتوح على تركيا.
جذبت إحدى صفحات بيع الأسلحة بعنوان «سوق السلاح الأول في ريف إدلب» أكثر من 3500 متابع ومهتم، خلال أيّام على إطلاقها. وعرضت الصفحة أنواعاً كثيرة من الأسلحة للبيع، بينها قواعد لصواريخ ثقيلة مثل صاروخ «تاو» الأميركي المضاد للمدرعات، إضافةً إلى الأسلحة الفردية والمناظير الليلية وغيرها. وأعلن صاحب الصفحة أنّه جاهز لتلقّي طلبات المهتمّين سواء عبر رسائل موجّهة إلى الصفحة أو عبر رقم خاص على «واتسآب».
اتصلنا بالمسؤول عن الصفحة مرتين عبر «واتسآب» حيث ينشط بواسطة رقم عماني وهميّ. في المرّة الأولى، تمّ التواصل بصفة راغب بشراء سلاح، للتثبّت من حقيقة يروّج له عن الإتجار بالأسلحة. وفي المرّة الثانية جرى الاتصال بصفتنا الصحافيّة، حيث وجّهنا له عدّة أسئلة حول طبيعة عمله، وسبب اختياره موقع «فايسبوك» لإتمام صفقاته، ومصدر الأسلحة التي يبيعها. بعد تلقيه الأسئلة، وعد بالرد عليها خلال يومين، إلا أنه عاد واعتذر عن عدم الإجابة، بعدما حذف «فايسبوك» صفحته، إثر حملة تبليغات، وفق ما قال.
قبل حذف الصفحة، كانت التاجر يدير صفحتين لبيع الأسلحة على «فايسبوك»، الأولى تعنى بمحافظة إدلب، والثانية بالشمال السوري عموماً. يحصل على طلب الشراء عبر خدمة «واتسآب»، وبعد الاتفاق على السعر، يحدّد مكان التسليم ضمن الحدود الإداريّة لمحافظة إدلب. علماً أنّه منذ سيطرة الفصائل التكفيريّة عليها، تعجّ إدلب بمئات المحال ومراكز بيع الأسلحة وفق ما يؤكّد عدد من المقيمين فيها باتصالات هاتفيّة.
لا تعتبر ظاهرة بيع الأسلحة على «فايسبوك» جديدة في سوريا، إذ بدأت منذ العام الثاني للحرب، عبر مجموعات مغلقة خاصّة ببيع الأسلحة، كان تديرها، وفق تأكيد «مصدر جهادي»، مجموعة من التجّار بجانب زعماء الفصائل المسلّحة. وكان الهدف من بعض تلك المجموعات جمع التبرعات للفصائل المسلحة في سوريا، من مصادر خليجيّة. لاحقاً، مع امتداد فترة الحرب واتساع رقعتها ونشوء قنوات تواصل مباشرة بين الفصائل و «المتبرّعين»، اقتصر نشاط بعض المجموعات على السمسرة، وبيع الأسلحة فرديا.
الجديد في صفحة «سوق السلاح الأول في ريف إدلب» طريقة البيع وأنواع الأسلحة المعروضة، وبينها أسلحة ثقيلة، مثل قواعد صواريخ «تاو» المعروضة بأسعار تتراوح بين 60 إلى 80 ألف دولار. ويقول خبير بالأسلحة، فضّل عدم الكشف عن اسمه، إنّ سعر تلك الأسلحة يبلغ ضعف ذلك المبلغ، وتباع عادةً للدول، وليس لأفراد أو عصابات. ويضيف أنّ الولايات المتحدة سربت أخباراً عن وضعها شرائح خاصّة لملاحقة صواريخ «تاو»، خشية وقوعها بيد «الفصائل الجهادية». علماً أن تلك الصواريخ وصلت بالفعل إلى يد الفصائل، سواء عن طريق سيطرتها على مستودعات أسلحة، أو عن طريق مدّها بها مباشرة. لكنّ الغريب هو وصولها إلى الأسواق الالكترونية، ما يعني أنّ سوريا لم تعد مجرد مستورد للأسلحة فقط، بل أصبحت الفصائل المقاتلة أيضاً مركزاً لتصدير الأسلحة، وسوق أسلحة وفيرة للعصابات.
ويقدر المصدر الجهادي أن تكون صفحات بيع الأسلحة الناشئة على «فايسبوك»، تابعة لأفراد مرتبطين بـ «جبهة النصرة»، وبـ «حركة أحرار الشام»، لأنّهم ينشطون في مناطق نفوذ الجماعتين. ذلك قد يعني أن تلك الجماعات تعتمد على تجارة الأسلحة كمصدر دخل جديد لها.
في نهاية كانون الأوّل الماضي، أعلن موقع «فايسبوك» عن إغلاقه جميع صفحات بيع الأسلحة، في سياق مرتبط بانتشار الأسلحة الفرديّة في الولايات المتحدة. ذلك القرار لم ينسحب على الصفحات السوريّة، إذ تنتشر في فضاء «فايسبوك» السوري، عشرات مجموعات بيع الأسلحة الناشطة. يعدّ ذلك الحضور «الافتراضي» لتجارة الأسلحة، دليلاً على مدى اتساع الظاهرة وانتشارها إلى حدّ بات بيع أسلحة ثقيلة خاصّة بتسليح الجيوش، متاحاً لعصابات تتحرّك بحريّة، وتحظى بالدعم والتمويل.
علاء حلبي
المصدر: السفير
إضافة تعليق جديد