الاتحاد الأوروبي يكافئ القمع التركي
سقط 7 قتلى وعشرات الجرحى، ضحية الحلقة الأخيرة من حملات القمع التي تشنها السلطات التركية جنوبي شرقي البلاد، في المناطق ذات الغالبية الكردية، حيث اندلعت اشتباكات بين قوات الأمن ومتظاهرين ضد حظر التجوال الذي تفرضه السلطات بشكل متقطع منذ آب الماضي في 7 أقاليم في المنطقة، ما يعيق الحياة الطبيعية لنحو 1.3 مليون مواطن.
جابت أمس مدرعات الشرطة شوارع مدينة ديار بكر، جنوبي شرقي البلاد، وهي تطلق القنابل المسيلة للدموع ومدافع المياه نحو مئات المشاركين في مسيرة دعا إليها حزب الشعوب الديمقراطي، احتجاجاً على حظر للتجوال مستمر منذ أسبوعين في منطقة «سور». ورشق المتظاهرون الشرطة بالحجارة، وحاول شبان يغطون وجوههم قطع شوارع بأكوام من الحجارة والخشب المحترق، قبل أن تطاردهم الشرطة في شوارع جانبية. وقال مسؤول في مستشفى محلي وشهود إن شخصين قُتلا في اشتباكات بين الشرطة ومحتجين على الحملة الأمنية الأخيرة في ديار بكر. وأفاد مسؤولون أمنيون بأن 5 من المسلحين الأكراد قُتلوا في منطقة في إقليم ماردين الجنوبي، تخضع أيضاً لحظر التجوال.
وفي إقليم شرناق، فرض المحافظ حظراً للتجوال على بلدتي الجزيرة وسيلوبي، على مقربة من الحدود مع سوريا والعراق، ليلة أول من أمس، بعد يوم على انسحاب المعلمين الرسميين من المنطقة، بناءً على توجيهات السلطات التعليمية. ووقف السكان المحليون، الذين توقعوا أن تكون مغادرة المعلمين مرتبطة بقرب فرض حظر تجوال، في طوابير طويلة أمام المخابز والمتاجر. وبحسب شهود، تخضع البلدتان لإجراءات أمنية مشددة، وتتمركز مركبات مدرعة للشرطة في شوارعها الرئيسية. وقال مكتب محافظ شرناق إن «فرض حظر التجوال جاء بهدف إخلاء المكان من عناصر الجماعات الارهابية الانفصالية، وإزالة المتاريس الملغومة، وردم الخنادق وتأمين النظام العام». وفي مدينة نصيبين على الحدود السورية، أعلنت السلطات أيضاً فرض حظر تجوال لاستعادة الأمن، «ورداً على تزايد الحوادث الإرهابية».
اتفق وزراء الخارجية الأوروبيون على بدء محادثات مع أنقرة بشأن القواعد المالية للاتحاد
وفي سياق متصل، أعلن مسؤول في السفارة الأميركية في أنقرة عن تقليص السفارة لخدماتها لمدة يومين، بسبب «تهديد أمني محتمل». وفي الأسبوع الماضي، ألغت القنصلية الأميركية في إسطنبول الخدمات القنصلية ليوم واحد، متحدثة عن تهديد مشابه.
وعلى المستوى السياسي، قال أمس رئيس الوزراء التركي، أحمد داوود أوغلو، إن بلاده قد تجري استفتاءين منفصلين بشأن وضع دستور جديد للبلاد، وتحويل النظام من برلماني إلى رئاسي (بحيث تتركز السلطة التنفيذية في يد الرئيس). وأعلن داوود أوغلو أنه سيبدأ محادثات مع المعارضة الاسبوع المقبل، بشأن الخطوات المنوي تنفيذها، مشيراً إلى أن الحكومة ستهيّئ مناخاً مؤاتياً للمناقشات ذات الصلة. وكان الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، قد طالب مراراً باعتماد نظام للرئاسة التنفيذية، يتيح له صلاحيات أوسع، وهو ما تعارضه أحزاب المعارضة بشدة.
ورغم «القلق» الذي يعبّر عنه أحياناً القادة الأوروبيون، حول ممارسات السلطة و«الديمقراطية» في تركيا، فإنهم، كجزء من الصفقة التي أبرمها الاتحاد الأوروبي مع تركيا حول اللاجئين والمهاجرين، أحيوا أمس مساعي تركيا للانضمام إلى الاتحاد، إذ اتفق وزراء خارجية دول الاتحاد على بدء محادثات مع تركيا بشأن القواعد المالية للاتحاد. وقال نائب رئيس الوزراء التركي، محمد شيمشك، الذي يزور بروكسل لفتح فصل جديد في ملف انضمام بلاده إلى الاتحاد الاوروبي، إنه يتوقع تقدماً سريعاً نحو التزام تركيا بالسياسات الاقتصادية والنقدية للاتحاد الأوروبي، رغم «المخاوف» بشأن استقلالية البنك المركزي التركي. ويأتي ذلك مع تعهد تركيا بالحد من تدفق اللاجئين إلى أوروبا، مقابل مبالغ نقدية وتأشيرات وإحياء المحادثات بشأن انضمامها إلى الاتحاد الاوروبي، والتي أطلقتها أنقرة رسمياً قبل عام.
وفي هذا السياق، قال وزير الشؤون الأوروبية الفرنسي، هارلم ديزير، إنه يتوقع أن يرى «استعداداً لتنفيذ إصلاحات في تركيا، تساهم في تطوير المجتمع والاقتصاد التركيين، بما يواكب العصر».
ورحّب وزير الخارجية والتعاون الدولي الإيطالي، باولو جينتيلوني، باستئناف مفاوضات انضمام تركيا إلى الاتحاد الأوروبي، قائلاً: «لقد أيّدت إيطاليا، على مدى الأعوام الـ15 الماضية، دفع مفاوضات انضمام تركيا إلى الاتحاد الأوروبي... بالنسبة إلينا في إيطاليا، لم يتغير أي شيء في الموقف إزاء تركيا، إذ إننا كنا دائماً بلداً يقف إلى جانب فتح فصول التفاوض معها، وضمّها إلى منظومة التعاون مع الاتحاد الأوروبي، ولكن هذا لم يكن ممكناً في السنوات الأخيرة، بسبب معارضة بعض الدول الأعضاء في الاتحاد»، لم يسمّها. وأعرب جينتيلوني عن أمله بأن يسهم استنئاف المفاوضات مع تركيا في إطلاق «ديناميات أكثر إيجابية» في هذا البلد.
لكن وزير الخارجية النمساوي سيباستيان كيرز أبدى تشكيكه ازاء مثل هذا الاحتمال، وأقر بأن إعادة اطلاق المفاوضات هي "بكل صدق" من أجل "ان تساعدنا تركيا كي لا يأتي اللاجئون الى أوروبا".
ويريد الغربيون أيضاً من تركيا أن تعزز حدودها مع سوريا، التي لا تزال قابلة للاختراق على طول نحو مئة كيلومتر، لمنع عبور عناصر تنظيم "الدولة الاسلامية"- "داعش"، وتجفيف تجارة النفط التي تشكل مورداً مالياً أساسياً لهذا التنظيم المتطرف.
وهذه المواضيع تمت مناقشتها، الاثنين، على غداء عمل مع وزير الخارجية التركي مولود جاوش أوغلو، على هامش الاجتماع الشهري لوزراء الخارجية الاوروبيين الـ28 في بروكسل.
وشدد وزير الخارجية البلجيكي ديدييه ريندرز على "وجوب اعتماد الحزم الشديد مع مجمل الشركاء بخصوص تمويل الارهاب"، الذي "يجري على الارض عبر ابتزاز السكان المحليين، وأيضاً عبر تصدير المنتجات النفطية".
وأضاف "ينبغي اتخاذ اجراءات لمنع نقل المنتجات النفطية الى الخارج. سنبحث ذلك مع زميلنا التركي كما نفعل مع دول أخرى في المنطقة".
وهذه المسألة (التي هي في صلب خلاف حاد بين موسكو وأنقرة بعد حادث جوي حدودي خطير في تشرين الثاني) حساسة للغاية بالنسبة للحكومة التركية.
وكان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين اتهم عائلة الرئيس التركي رجب طيب إردوغان بالضلوع في تهريب النفط ،الذي يقوم به تنظيم "داعش"، خصوصاً عبر صهره بيرات البيرق، الذي قاد لفترة طويلة شركة قابضة متخصصة بالطاقة، وأحد أنجاله، بلال الذي يترأس مجموعة للأشغال العامة والنقل البحري.
ودعا وزير لوكسمبورغ يان اسلبورن، صباح الاثنين، الى "بذل كل المساعي لوقف تدفق الأموال والأسلحة الى داعش".
كما دعا وزير الدولة الفرنسي للشؤون الأوروبية هارلم ديزير، من جهته، أنقرة الى "ضبط الحدود بين سوريا وتركيا لمنع تنظيم الدولة الاسلامية من استقدام مقاتلين اجانب وتدريبهم ثم ارسالهم الى بلدان اخرى".
وأكدت الولايات المتحدة أن جزءاً من الحدود بين البلدين والتي يبلغ طولها 100 كيلومتر، لا يزال غير خاضع لمراقبة مشددة.
المصدر: الأخبار+ وكالات
إضافة تعليق جديد