«واشنطن بوست»: عاقبوا سوريا ..على الطريقة العراقية

17-05-2014

«واشنطن بوست»: عاقبوا سوريا ..على الطريقة العراقية

عاد الحديث عن «ضرورة شنّ ضربة عسكرية على سوريا» ليتردد في الأوساط السياسية والإعلامية الأميركية، وخصوصاً المتطرفة منها، تزامناً مع التصعيد الإسرائيلي والفرنسي بهذا الشأن، وتجييشهما له. السبب المعلن مجدداً هو «استخدام النظام السوري أسلحة فتّاكة ضد مدنيين». واللافت، مسارعة بعض الإعلام الأميركي للحثّ على هجوم عسكري على سوريا بغية «معاقبتها»!

بعض «المحللين الاستخباريين» عمّموا في الإعلام الأميركي في الأيام الثلاثة الماضية فكرة تقول إن «النظام السوري يخفي جزءاً من ترسانته الكيميائية لم يعلن عنها سابقاً»، وأنه «قادر على إعادة تصنيع السلاح الكيميائي واستخدامه مجدداً». مصادر أخرى حددت أن ما استخدمته دمشق هو مادّة «الكلور» السامّة، التي «لم تندرج في لائحة الأسلحة التي يجب أن يتخلّص منها النظام تحت إشراف دولي».
بعض الصحف الأميركية (مثل «نيويورك تايمز»، «واشنطن بوست» و«وول ستريت جورنال») ذكّرت أيضاً بكلام وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس حول «ندم فرنسا» على تراجع الرئيس باراك أوباما عن الهجمة على سوريا «لأن ذلك كان قد غيّر الكثير من الأمور». وكانت فرنسا قد أعلنت مجدداً امتلاكها «شهادات موثوقة تؤكد استخدام النظام سلاحاً كيميائياً». وزير الدفاع السابق روبرت غيتس أطلّ على «سي بي إس نيوز» ليقول إن «انتباهنا تشتت وفقدنا الرؤية» حيال سوريا، عندما قبلت إدارة أوباما باتفاق التخلّص من الكيميائي. لكن اللافت بين مقالات الإعلام الأميركي المتحمّس للتدخلّ كان افتتاحية «واشنطن بوست» أمس بعنوان «السيّد أوباما يختار أن لا يتصرّف حيال سوريا». الصحيفة غير الراضية عن سياسة رئيس البلاد، استعادت نبرة التجييش للحرب بلغة استقوائية شبيهة بتلك التي سبقت غزو العراق والحرب الأخيرة على ليبيا. وبعد أن عددت كل ما اعتبرته أدلّة كافية لإدانة دمشق باستخدام الكيميائي، طلبت الصحيفة من الرئيس الأميركي أن «يعاقب سوريا» لضمان عدم استخدام الكيميائي مجدداً. وأشارت الى أن «هناك أفعالاً عدّة يمكن أوباما أن يقوم بها ليعاقب سوريا بسبب استخدامها الكيميائي»، مستعيدة لغة «العقاب» لكل من لا يطيع. ومن بين الخطوات التي اقترحتها الصحيفة على الرئيس: «إعادة إحياء مخططات تنفيذ ضربة عسكرية على البنى التحتية المسؤولة عن تلك الهجمات (الكيميائية)». ماذا تقصد الصحيفة بـ«البنى التحتية»؟ أين هي؟ ما الذي يؤكّد وجود مثل تلك الأهداف؟ ما هي التكلفة البشرية التي ستنتج من ذلك؟ هنا، تجاهلت افتتاحية «واشنطن بوست» الرأي الرسمي والشعبي الآخر الذي يطالب بعدم التدخل عسكرياً في المنطقة بأي شكل من الأشكال.
الصحيفة وبعض الإعلام الأميركي السائد، الذي يتماهى غالباً مع الأجواء السياسية الإسرائيلية، يحاولان القفز مجدداً فوق الوقائع للحث على ضربة عسكرية لا يسعى اليها سوى المحافظين المتطرفين وبعض اليمينيين حالياً. مرّة جديدة تعطي «الصحافة الديموقراطية» لنفسها حقّ الدعوة إلى شنّ هجوم عسكري على دولة أخرى.
دروس غزو العراق بحجج كاذبة سوّق لها الإعلام ولم يعتذر عنها قط، لم تكن كافية على ما يبدو. ولغة «معاقبة» الدول والشعوب باتت المفضّلة عند بعض الصحافيين!

صباح أيوب

المصدر: الأخبار

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...