دير الزور: "البكارة" تبايع "داعش" والأخيرة تكرس الانقسام العشائري

14-05-2014

دير الزور: "البكارة" تبايع "داعش" والأخيرة تكرس الانقسام العشائري

بيعة لتنظيم "الدولة الإسلامية في العراق والشام" (داعش) من عشيرة البكارة، التي يتزعمها المعارض السوري نواف البشير، ومؤشرات على تزايد الانقسام العشائري في دير الزور بسبب الصراع المحتدم، واتجاه هذا الانقسام إلى العسكرة، في الوقت الذي عادت فيه "جبهة النصرة" إلى أسلوب التفجيرات لوقف تقدم خصمها اللدود.
الانقسام العشائري في دير الزور شرق سوريا يترسخ كواقع لا مفرّ منه، على وقع استمرار المعارك الطاحنة بين تحالف "جبهة النصرة" و"الجبهة الإسلامية" من طرف، و"داعش" من طرف ثانٍ. ويتدرج هذا الانقسام في اتخاذ طابع العسكرة، مع انعدام فرص الوقوف على الحياد نظراً لشراسة المعارك وعدم رحمة المتقاتلين في ما بينهم.مسلحون خلال اشتباكات مع الجيش السوري في حي الشيخ نجار في حلب امس (رويترز)
وشهدت الأيام الماضية حملات استنفار وتحريض شملت مختلف أنحاء دير الزور، بريفها ومدينتها، استهدف منها كلا الطرفين تخويف العشائر والأهالي من ويلات سيطرة الطرف الآخر على المحافظة الغنية بالنفط، طالباً منهم الوقوف إلى جانبه، لأنه الطرف الذي يحمي المدينة على حد مزاعم كل منهما. ودخل "الجيش الحر" على خط هذه الحملات، ودعا "أمين سره" النقيب عمار الواوي الى استنفار "كتائب الجيش الحر" في كل من الرقة وحلب، ودير الزور لمنع السيطرة على المدينة، بالتزامن مع تسريب معلومات عن قرب إنشاء غرفة عمليات لـ"الجيش الحر" تستهدف قتال "داعش".
وبينما تبدو خطوة "الجيش الحر" من قبيل ذرّ الرماد في العيون، لأنه أصبح خارج معادلة القوى الفاعلة في دير الزور منذ أن قلّمت "الهيئة الشرعية" أظافره، وأجبرته على العمل ضمن ضوابطها والحدود التي تقررها، تتجه الأنظار إلى كل من "جبهة النصرة" و"الجبهة الإسلامية"، المهيمنتين على "الهيئة الشرعية"، في المنطقة الشرقية، لا سيما أن معركتهما في دير الزور تأخذ طابع الحرب الوجودية، وبناءً على نتيجتها قد يتقرر مصيرهما في مدن ومناطق أخرى مثل حلب.
حشد تحالف "النصرة والإسلامية" عشرات الكتائب في مدينة دير الزور، ووقع الجميع في ما بينهم اتفاقاً لحماية المدينة من هجوم "داعش". ونصّ الاتفاق على "اعتبار المدينة خطاً أحمر، وتجنيبها الصراعات لأنها ساحة قتال مع النظام الكافر وخط تماس أول"، و"منع جميع الفصائل المقاتلة من نقل الصراع إلى داخل المدينة"، و"الفصيل الذي يقتحم المدينة سيكون خصماً لجميع الفصائل الموقعة على الاتفاق"، والتأكيد على أن "الهيئة الشرعية هي الجهة المعترف بها من قبل كل الفصائل والفعاليات" وعلى أي فصيل يريد دخول المدينة أن يخاطب "الهيئة الشرعية" ويأخذ موافقتها المسبقة على ذلك.
ومن أبرز الموقعين على الاتفاق، الذي شمل حوالي 60 فصيلاً، "جيش القادسية" و"لواء المرابطين" و"المهاجرين إلى الله" و"الفاتحون" و"سرايا النصر" و"كتائب محمد" وغيرها. والجدير بالإشارة إلى أن "الهيئة الشرعية" لا تزال تهيمن على أحياء مدينة دير الزور التي تقع تحت سيطرتها، وبالتالي لا تملك الفصائل الموجودة في هذه الأحياء إلا الموافقة على توقيع الاتفاق الذي أتى لتتويج الجهود التي بذلها "المفتي العام للنصرة" أبي ماريا القحطاني بهدف الحشد قدر الإمكان لرد "الزوابرة الجدد" كما يسميهم (تشبيهاً لـ"داعش" بعنتر الزوابري، الذي تولى إمارة الجماعة الإسلامية المسلحة في الجزائر).
ولم يكتف تحالف "النصرة والإسلامية" بهذه الخطوة فقط، حيث وردت معلومات عن حشود للتحالف تستهدف الهجوم على معاقل "داعش" في البادية الجنوبية، بهدف فتح الطريق إلى دير الزور بعد أن أحكم "داعش" حصاره على المدينة من مختلف الجهات.
في المقابل، أعلنت "تنسيقيات" وصفحات مقربة من "داعش" أن الأخير حصل على بيعة من الشيخ أسعد، ابن الشيخ نواف البشير زعيم عشيرة البكارة وعضو "الأمانة العامة لإعلان دمشق" المعارض. وكانت "السفير" قد أشارت في تقرير سابق إلى اجتماع ضمّ قيادات من "داعش" مع ابن البشير عقد في قرية المحيميدة في الريف الغربي من دير الزور قبل أيام.
وفي سياق ترسيخ الانقسام العشائري، أعلنت مجموعة من الكتائب والألوية من عشيرة بكير توحدها تحت مسمّى واحد، هو "جيش زلزال بكير" وذلك "للمساهمة في إرجاع حكم الشريعة الإسلامية". وجاء في البيان المصور، الذي أعلن تأسيس هذا "الجيش"، أن الهدف منه هو "محاربة النظام بالدرجة الأولى، والوقوف صفاً واحداً مع كل مسلم مجاهد صادق يساهم في تحكيم شرع الله".
ورغم أن البيان أكد أن "الجيش" الجديد لا يتبع تنظيمياً لأي فصيل مقاتل على أرض الشام، إلا أن المعطيات المتوفرة تشير إلى أن هذا "الجيش" جرى تشكيله برعاية من تنظيم "الدولة الإسلامية" ليكون بمثابة "الجيش" الرديف له، لا سيما أن عشيرة "بكير" سبق لها أن اتخذت مواقف مؤيدة لـ"داعش" وقاتل العديد من أبنائها معه في "غزوة" البوكمال الأخيرة.
كما جرى تسريب معلومات من مصادر إعلامية أن "داعش" تواصل مع العديد من كتائب "الجيش الحر" داخل مدينة دير الزور، وجرى الاتفاق على التنسيق في ما بينهما عند تحديد ساعة الصفر لاقتحام المدينة.
أما ميدانياً، فلم يسجل أي تقدم جديد على الأرض لطرفي القتال، وبقي "داعش" ممسكاً بالمناطق التي سيطر عليها، لا سيما في الريف الغربي ومدخل المدينة، باستثناء انسحابه من مبنى كلية البيطرة بعد هجوم معاكس شنته "النصرة".
لكن برز أمس لجوء "جبهة النصرة" إلى عمليات التفجير، في محاولة منها على ما يبدو لوقف تقدم خصمها، حيث نفذت عملية انتحارية في منزل "أمير داعش في الصور" شيبون نوري العواد (الأسعد) من دون ورود معلومات عن وقوع إصابات. كما نفذت عملية أخرى بواسطة سيارة مفخخة، في دوار الواحة في قرية الحسينية بالريف الغربي، التي كان "داعش" سيطر عليها قبل يومين.

عبد الله سليمان علي

المصدر: السفير

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...