بالرحمة على الشهداء من المدنيين والعسكريين أبدأ، فكل قطرة دم تراق في سوريا أغلى من الروح
أذكر جيداً أن تلك العبارة هي ما كان يصطخب فيّ ملء ذلك الليل الربيعي الساجي كوجه البحر القريب، ولم يكن فيه ما ينذر بالرصاص. لكن الرصاص لعلع فجأة، وإذا بشبان وفتيان يتدافعون، يحمل واحدهم العصا أو الساطور أو بندقية البومبكشن، يقطعون هذا الشارع بحاوية الزبالة، وذلك الشارع بخزان للمياه عتيق وفارغ، وذيّاك الشارع بالأصص الكبيرة التي تسوّر مدخل المقهى المجاور. وكان عليّ أن أنتظر غبائي وذهولي، قبل أن أدرك أن أولاء الشبان والفتيان هم أفراد اللجان الشعبية التي تشكلت فجأة، لتكون لكل حي الحماية الذاتية.