ريف القصير: يوميات التهجير والعودة الناقصة
كانت المواجهات على أشدها في القصير وريفها حين قرر الشيخان مرهج عجاج رحال وصادق علي محمود أن يخوضا غمار المعركة.
اجتمع إمام بلدة بلوزة السنية وإمام قرية وادي حنا ذات الغالبية الشيعية، وقررا القتال على طريقتهما.
رفض الشيخان الوقوف في «حقل الألغام والتفرج»، كما يقول عنهما أهالي البلدتين، بل جعلا «يحاولان تفكيكها ومنع انفجارها بهما وبأبنائنا وأبناء المحيط». كانت ألسنة اللهب ترتفع من حولهما، و«كان لا بد من محاولة إخمادها، أو على الأقل الحؤول دون تمددها الينا»، يقولان.
بحث الشيخان عما يجمع. اتفقا على العمل بروح الآية القرآنية: «ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم». يفسران الآية ويشرحانها بلغة مبسطة لمن حولهما: «إما الصلح وإما الهلاك»، يقولان، ليؤكدا أنهما اختارا «الصلح».
وحول القرآن الكريم جمع الشيخان فتيات البلدتين وفتيانهما، من عمر الخمس سنوات حتى 15 سنة، وجعلا يدرسانهم في «كتاب الإسلام، الإسلام الجامع، فلا يوجد قرآنان هنا، إذاً لا تفرقة، والدين واحد». بادرا إلى خطوتهما تلك في عز تفاقم التوتر والخلاف المستشري بين أتباع المذهبين.
بدأت الدروس المشتركة في مسجد بلوزة وما زالت. يقول عماد إنه سعيد بالتعرف إلى رفاق جدد خارج وادي حنا. بعد درس الدين، وبعض السياسة الهادفة إلى توحيد الصفوف: «عدونا واحد وهو إسرائيل وأي عدوان يستهدف سوريا الوطن»، يبقى ابن السنوات العشر قرب المسجد يلعب مع رفاقه: «بس ما بتأخر بالليل».
يلاحظ رحال ومحمود أن دروسهما تنفع: «نكرس روح الشراكة وعدم التفرقة بين العائلات، ونرسخ ما كان موجوداً قبلاً»، يقولان وهما يعبّران عن سعادتهما بزيادة عديد «التلامذة» المواظبين على الحضور، ومعها العلاقات بين أهالي القريتين: «عم نعمل الواجب»، يقولان بلسان واحد.
وجدان
يشير ابو فيصل الذي كان يصحب ولديه من وادي حنا إلى بلوزة للمشاركة في اللقاء الدوري، إلى أن عدم حصول مواجهات في شريط القرى المحيطة ببلدته ساهم في نجاح خطوة الشيخين. إذ إن الشريط الملاصق للحدود مع لبنان، والمعروف بـ«اللسان السوري داخل لبنان»، لم يشهد مواجهات مسلحة، ولا تهجيراً لأبناء الطائفتين أو للسكان من لبنانيين أو سوريين. ويتألف «اللسان السوري» من قرى بلوزة ووادي الحوراني واكوم (سنية) ووادي حنا وحاويك وجرماش (شيعية). ويوصف الشريط بـ«اللسان» لأنه يدخل في الأراضي اللبنانية على شكل لسان يحده من الجنوب بلدتا القصر وسهلات المي في البقاع الشمالي بالقرب من الهرمل، وينفتح من الشمال على بلدتي كفرتون وأكروم في جبل أكروم في عكار.
تغيّرت الحياة في ريف القصير. تبدّلت الأمور حتى عن تلك التي سادت المنطقة بعد المواجهات العنيفة التي شهدتها بعض قرى المنطقة ومعركة القصير نفسها. صار التهديد بالضربة الأميركية والعدوان على سوريا خبزاً يومياً على مائدة الحياة هناك.
فرضت الضربة قلقاً يومياً وحياتياً في هذه الظروف، وبالتحديد بعد سيطرة الجيش النظامي عليها.
ينطلق الدكتور كنين محمد (العقربية) من «الكذب الغربي في التعاطي مع المتطرفين ومحاربتهم في العلن ومن ثم مساندتهم في سوريا»، ليقول إن الشعب السوري هو شعب «يهتم بالوجدانيات أكثر من الماديات والوجوديات وهو عاطفي بالدرجة الأولى، ولذا سنجده متكتلاً خلف سوريا الوطن المستهدف». ويرى محمد أن «من يتخلى عن سوريته ووطنيته لمصلحة مآرب شخصية وسياسية لا يمكن تسميته بالمعارض، ولا تنطبق عليه صفة المعارضة». ويرد محمد ما يجري اليوم إلى ما يحصل منذ مئات السنين حيث «كان المجتمع الغربي يختلق الذرائع والمشاكل لاستعمار الشعوب الأخرى»، متمنياً أن «يفهم الشعب الغربي أن هناك شعوباً أخرى على وجه البسيطة تفوقه حضارة وتاريخاً وفكراً وأخلاقاً، وأنه آن الأوان ليتركوا شعوبنا تقرر مصيرها بنفسها».
مشهد الوفاق وعدم التهجير السائد داخل قرى «اللسان السوري»، يختلف في الشريط المتاخم لمنطقة القصير حيث وقعت أشد المواجهات التي انتهت بسيطرة النظام السوري على القصير وريفه، وهجرة أهالي القرى التي شهدت معارك ومواجهات قاسية.
بعض الصورة المختلفة عما يجري في «قرى اللسان السوري» تتوضح مع حمدة، وهي أم لستة أولاد. تطلب حمدة (خمسين عاماً) من طفلها الصغير أن يذهب ليلعب مع أقرانه قبل أن تبدأ برواية حكايتها. ما إن يبتعد ابن الثماني سنوات حتى تنساب دمعتان على وجنتيها الذابلتين. تحكي عن ثلاثة شبان من أبنائها لا تعرف عنهم شيئاً.
قبل ثلاثين عاماً تزوجت حمدة الشيعية من ابن منطقتها السني وأنجبت منه أربعة صبيان وابنتين. دارت الحرب في سوريا لتصيب من منزلها مقتلاً. لم تكن تعرف أن نقاشها مع زوجها في شأن المشاركة في القتال إلى جانب المسلحين سيرسم حياتها لما تبقى لها من عمر. عبّرت حمدة لزوجها عن عدم اقتناعها بالقتال الدائر: «قلت له الناس عم تقتل بعضها، وأن ما يجري لم يعد ثورة». أضافت، وهي تناقضه بمودة، كما تقول: «بعدين هؤلاء أهلي وجيراني كيف بدي انقلب عليهم، كيف بدك تقاتلهم؟ كيف أولادي بدهم يقاتلوا أخوالهم».
يومها، لم يعلق ابو محمد على كلام زوجته ليأتيها الجواب بعد ثلاثة أيام. أخبرها الجيران أن زوجها التحق بالمسلحين مع أولادها الشبان الثلاثة. ترك لها الصغير والصبيتين ورحل في اتجاه القصير. بعد أسبوع واحد على رحيله جاء مسلحون يطلبون منها ترك البلدة. تقول إنها علمت بتدمير منزلها بعد رحيلها.
لا ترغب حمدة في التعريف بنفسها. تقول إن هناك نحو عشر نساء على الأقل مثلها «هودي يلي بعرفهن، في كتير ما حدا بيعرف عنهن شي، ومن الضفتين، الحرب اصابت العائلات المختلطة ضمن الدين الواحد بكوارث».
عادت حمدة إلى أهلها المهجّرين أصلاً. اصطحبت من تبقى من ابنائها المحسوبين على «معسكر» آخر. تنظر من حولها وتؤكد أنها لا تعرف من بقي حياً من شبابها: «ما بعرف شي، ما بقدر أعرف شي». حتى أنها لا تعرف إذا كانوا قد ذهبوا طوعاً مع والدهم أم لا. كل ما تعرفه أنها تنتظر من يعيلها مع ثلاثة أولاد شطرت عائلتهم الحرب وبعثرتهم بعيداً من والدهم وبقية إخوتهم، مثلهم مثل أبناء عائلات كثيرة لم تحسب أنها ستصل إلى هذا الدرك المذهبي يوماً.
والسؤال الأصعب على حمدة اليوم هو الذي يطرحه عليها صغيرها يومياً: «وين أبي وإخوتي؟».
مهجورة
يخفي الهدوء الذي تشهده قرى ريف القصير المتاخمة للحدود اللبنانية كثيراً من العوائق والمشاكل التي تمنع استئناف حياة طبيعية للموجودين والعائدين بعد توقف المعارك هناك.
يمتد الشريط من جوسيه على الحدود مع لبنان لجهة مشاريع القاع وخراج عرسال وصولاً إلى الحدود مع الشمال اللبناني لناحية وادي خالد، حيث تنفتح المنطقة هناك على ريف حمص. والأهم أنها الحدود الجغرافية التي أمنت عسكرياً الأوتوستراد الساحلي نحو طرطوس واللاذقية مروراً بقرى البحيرة، بحيرة قطينا التي أقيمت للافادة من مياه نهر العاصي.
المعركة التي جرت في المنطقة والتي منحت بعداً استراتيجياً وعسكرياً بدلالات ميدانية مؤثرة في مجريات الأحداث السورية، فرزت المناطق وفق أساسين واضحين: قسم مع المسلحين، وخصوصاً لناحية الانخراط في المواجهات العسكرية وحمل السلاح، وقسم آخر في قرى ساندت النظام أو نأت بنفسها عما يحصل لأسباب مختلفة، قد يكون تقدير الوضع الميداني والنتائج المتوقعة لأي موقف، أحدها.
وعليه، حافظ الشريط على تنوعه الديموغرافي - الطائفي، وإن بالحد الأدنى، لكن إلى درجة قد توحي بأن الفرز الحاصل جاء على أساس سياسي وعسكري أكثر منه طائفياً. هذا لا يخفي أو يتناقض مع حقيقة تهجير كامل لقرى وبلدات سنية كثيرة ومهمة ومنها غالبية القصير، وجوسيه والعاطفية والنزارية (بقي فيها بعض المقيمين) والدوسرية والنهرية وسقرجا والبرهانية وقادش الملاصقة لتل النبي مندو والشومرية والحميدية الواقعتان بالقرب من بحيرة قطينا.
قبل رحيل المسلحين عنهما، لعبت الشومرية والحميدية الدور الأساسي في محاصرة بلدة الغسانية التي ينتمي أبناؤها إلى الطائفة المرشدية، ولمدة ثمانية أشهر. يومها بقيت البحيرة المنفذ الوحيد للغسانية نحو التزود بضروريات لقمة العيش، وبتقشف أيضاً.
ويمكن للخط البياني الذي يحدد هويات القرى أن يبرز التنوع الديموغرافي - الطائفي الذي بقي، وإن بشكل شبه صوري، في شريط القصير وريفها.
وإذا بدأنا في ريف القصير من ناحية مشاريع القاع وخراج عرسال، نجد تهجيراً كاملاً في جوسيه وجوسيه الخراب والدوسرية والعاطفية، وجزئياً في النزارية. في هذا الشريط تبرز ربلة المسيحية مع أقلية علوية مختلفة عن محيطها. ربلة لم تشهد بالأساس تهجيراً كبيراً، بينما عادت معظم العائلات التي رحلت عنها إبان المواجهات.
وفي الجهة الثانية لقرى غرب القصير، تحولت قرى النهرية وبو حوري وسقرجا والخالدية (وهي غير خالدية حمص) وعرجون والبرهانية والرضوانية وقادش، وجميعها قرى سنية، إلى قرى مهجورة معظم منازلها مدمرة ومنهوبة. النهب نفسه طال جميع القرى التي تهجر منها أهلها سواء من الشيعة أم من السنة. لا طائفة أو دين لمستغلي الأوضاع والحروب من الجهتين. نهب يطاول حتى التمديدات الصحية والكهربائية في جميع القرى.
في مقابل تهجير بعض القرى السنية في ريف القصير، نجد قرى أخرى صامدة من اللون الطائفي نفسه. قرى لم يلتحق أهلها أو على الأقل معظم عائلاتها بالمسلحين ونأوا بأنفسهم عن المواجهات الدائرة. ومن هذه القرى بعض العائلات في النزارية، وإن تهجر معظمها، ومعها مزرعة الوفا والمصرية والبجاجية والفاضلية وبلوزة وأكوم والسماقيات الغربية والحوز ومودان (بلدتان مختلطتان من علويين وسنة).
وبغض النظر عن التوزع الطائفي والديموغرافي للمقيمين في ريف القصير اليوم، إلا ان تحديات مختلفة وكثيرة تواجه العائدين من بينهم.
الحرب التي دارت رحاها على مدى نحو عامين، وبدرجات سخونة متفاوتة، قضت على البساتين المثمرة والمواسم الزراعية التي كانت تشكل المردود المعيشي والإنتاجي الرئيسي في المنطقة، إضافة إلى التهريب.
ومن بين العائدين، يشكل اللبنانيون المقيمون في سوريا منذ «سايكس ـــ بيكو» النسبة الأكبر. يقول علي ديب مسرة، من عين الدمامل، إن الدولة اللبنانية لم تتعرف إلى أبنائها لدى تهجيرهم، «وها هي تدير الظهر عنهم بعد عودتهم». تهجّر مسرة مع الشيعة من سكان عين الدمامل خلال المواجهات «دخل غرباء المنطقة وهجّرونا». بعدما سيطر النظام الســـــوري على ريف القـــــصير عاد ســـكان عين الدمامل إليها، «تهجرنا إلى القصر والجنطلية في لبنان».
كان مسرة يشارك في إحياء زفاف شابين من جيرانه في البلدة: «بعدني مسـتأجر بزيتا لأن بيتي وبيت اولادي مدمر هنا». يشير مسرة إلى ان الدولة السورية «أدت قسطها للعلى في دعم اللبنانيين الساكنين على أراضيها منذ عشرات السنين»، ليسأل «أما آن للدولة اللبنانية أن تلتفت إلينا ريثما تستقر الأوضاع ويعود كل شيء إلى طبيعته في سوريا؟».
يذهب رشيد قاسم مسرة الذي كان يحيي حفل زواج ولديه في القرية أبعد من مطالبة الدولة اللبنانية: «ما حدا سائل عنا.. الدولة السورية منشغلة بما يحصل في البلاد، ونحن يتامى بكل معنى الكلمة». يقول إن الحصول على ربطة خبز في قرى العودة «يستوجب الذهاب إلى الهرمل اللبنانية أو حمص السورية».
جنازة
مع الحرب، دُمرت مقومات الزراعة «حتى سواقي الري بحاجة إلى ترميم. وها هي بساتين الأشجار المثمرة ماتت على أمها وباتت الأراضي بحاجة للاستصلاح، فيما بارت المواسم وبقينا من دون مدخول».
يصرف أهالي القـرى من مدخراتهم للعيش. «أنـــــا وإخـــوتي وأهلي لدينا نحو خمسمئة دونم من الأراضي الزراعية، ومع ذلك نحتاج لبيدر مال لاستئناف دورة الإنتاج».
وبرغم الصعوبات، يجد الأهالي أن حياتهم في أرضهم ومنازلهم لا تقدر بثمن «التهجير مذلة وبهدلة، لو أكلنا التراب، الأفضل أن نرجع إلى بيوتنا».
بالقرب من عين الدمامل، صمد أهالي المصرية أمام موجة الأحداث. «لم نقاتل»، يقول عباس سليمان بوجبل. اتفق أهالي البلدة من سوريين ولبنانيين على «النأي بالبلدة عما يحدث من حولها»، يؤكد. مع الانقطاع عن القصير وحمص، قصد الأهالي الهرمل للتسوق والتزود بحاجاتهم. يشير بوجبل إلى ان تقديمات الدولة السورية مستمرة وإن «بنسب أقل». ما زالت توزع عليهم المازوت للتدفئة والري «لكن بكميات أقل لا تسمح بزراعة كل الحقول». حتى أن الدولة تسلمت منهم محصول القمح هذا العام «وأعاننا الثمن على الصمود أيضاً».
يرى الشيخ حسن مهدي النمر من مزرعة الوفا أن ما حــصل من أحداث «لا يشبه المنـــــطقة وعاداتها وعلاقات أهلها». يحمّل المسؤولية لـ«الغريب»، على الطريقــــة اللبنــــانية في تحــــليل الأمور «الغــــرباء هم من أفسدوا حيـــاتنا»، يقول.
يشير النمر إلى ان الأهالي لم يعرفوا التفرقة «كان خمسة يحملون جنازة الميت: سني وشيعي وعلوي ومسيحي ومرشدي». ويرى في التنوع المتبقي في المنطقة «أكبر دليل على أن المواجــــهات ليست على أساس طائفــي صرف»، ليعدد نحو عشر قرى «ما زال أهلها من السنة يعيشون فيها».
في بلوزة، يتحدث مدير المدرسة خضر فارس بالروحية نفسها. يبدو واضحاً انتماء الرجل الحزبي والمؤيد للنظام «بعدها الدولة عم تدعمنا حتى بالمواد الغذائية في ظل هذه الظروف الصعبة»، يقول. ومع ذلك يعترف فارس بأن الدعم «أقل من الحاجة بسبب تدني قيمة الليرة السورية أمام الدولار». وعليه، «لم تعد الرواتب تكفي لتأمين الاحتياجات الرئيسية».
يؤكد فارس أن أهالي بلوزة لم يتعرضوا لأي ضغوط «من لم يحمل السلاح ويلتحق بالمسلحين لم يتعرض للمضايقة، المسألة تتعلق بالموقــــف من الأحداث وليس بالهوية الطائفية». الضائقة المــــالية هي التي ترخي بظلالها على الناس: «أنــــا ربيت من راتبي التعلــــيمي خمسة أبناء تخـــــرّج أربعة منــــهم من الجامعات، وما زال عنــــدي ولد واحد في المدرسة، اليوم لا يكفي الراتب لأبسط شروط الحياة».
وبين القرى، تستغرب الشهرة التي حظي بها تل النبي مندو، ومعركة السيطرة عليه التي تركت تأثيرها على مسار المواجهات في ريف القصير والقرى المحيطة. لا يرتفع التل كثيراً عن محيطه ولكنه مع ذلك يمنح المسيطر عليه القدرة على التحكم بقرى قادش المتصلة به وبالرضوانية وعرجون والبرهانية وسقرجا، ويطل على العقربية وزيتا والسكمانية والفاضلية ومزرعة الوفا. وهو ما يفسر معارك الكر والفر التي شهدها التل حتى سيطر عليه النظام. وبعدها كرت سبحة القرى المحيطة.
مع الفرز الطائفي والتهجير الطويل، يبدو مشهد بساتين الأشجار المثمرة موجعاً في ريف القصير. يجري قطع بساتين كثيرة بعضها يبس بسبب تهجير أصحابها، وبعضها ما زال أخضر، ولكن اخضراره لم يحمه من طمع الإنسان. يبلغ ثمن طن الحطب مئة وسبعين ألف ليرة لبنانية «واصلا إلى البيت»، يقول الرجل الذي كان يهرب «نقلة» أغضان مشمش، ما زال ورقها أخضر. المهربون على الضفتين هم أكثر القافزين فوق «المعسكرات» والفرز السياسي والعسكري والطائفي طبعاً، وسوقهم هي الرائجة في المنطقة هذه الأيام.
سعدى علوه
المصدر: السفير
إضافة تعليق جديد