إشادة أولمرت بسياسة بوش العراقية تغضب اليهود والديمقراطيين
بخلاف الزيارة السابقة لرئيس الحكومة الإسرائيلية إيهود أولمرت إلى واشنطن، ولقائه الرئيس جورج بوش، لم تثر هذه الزيارة أي آمال عريضة. وأكثرت وسائل الإعلام الإسرائيلية من استخدام تعابير مثل الإوزة العرجاء والأعمى والأعرج في وصف الرجلين اللذين عقدا هذه القمة.
وبرغم الصخب الذي حاول أولمرت عبره الإيحاء بأن الوضع الراهن والدور الإيراني فيه، بالنسبة لليهود، يشبه الوضع الذي سبق صعود النازية، فإن الكثيرين، في أميركا وإسرائيل، لم يولوا لذلك أهمية خاصة.
ومع ذلك فإن أولمرت، أثار، وفق صحيفة هآرتس، غضب الكثيرين، بين اليهود وفي صفوف الحزب الديموقراطي الاميركي بإفراطه في الإشادة بالحرب الأميركية على العراق. ونقلت الصحيفة عن أحد زعماء يهود أميركا قوله ان أولمرت اقترف خطأ جسيما عندما قرر الوقوف بهذا الوضوح في جانب واحد من السجال الداخلي الأميركي.
وبعد لقاء أولمرت وبوش، على انفراد، الذي استغرق نحو 45 دقيقة أبدى رئيس الحكومة الإسرائيلية رضاه عن موقف بوش من الموضوع الإيراني، حتى أكثر من لقائهما السابق في أيار الماضي. وأشارت يديعوت أحرونوت إلى أنه ليس معروفا ما قاله بوش لأولمرت بالضبط في الموضوع الإيراني، وعندما خرجا إلى الصحافيين كرر بوش موقفه القديم، مهددا إيران بأنه إذا لم تتوقف عن تخصيب اليورانيوم فستكون لذلك عواقب. غير أن الرئيس هدد أمس (الاول) بمسدس غير مشحون. ورأت أن بوش بدد عمليا في الأشهر الأخيرة كل الذخيرة الدبلوماسية التي كانت لديه تجاه طهران، فقد أراد فرض عقوبات عليها ولم ينجح، وسعى إلى تجاوز مجلس الأمن، وفرض عقوبات مستقلة، لكن الخطوة جمدت.
ورأت يديعوت أن بوش عندما وعد أمس (الأول) ببذل كل ما في وسعه لعزل إيران في العالم، فإنه من الصعب الافتراض بأنه هو نفسه يصدق أن هذا ممكن. والآن، عندما يدعوه رجاله أيضا للانتقال من لغة التهديد إلى لغة الحوار، فإن بوش يشيع الارتباك أساسا، فقد بدا تهديده عابثا، فهو على المستوى الدبلوماسي عالق، كما أن الخيار العسكري لم يعد ملك يديه. فبعد أن فقد الأغلبية في الكونغرس بسبب حرب فاشلة في العراق، فإنه لن يحرك مرة أخرى الأدوات في حملة معقدة بضعة أضعاف في إيران.
وأوضحت مراسلة الصحيفة في واشنطن أورلي أزولاي أن أحدا، ممن يعرفون بوش جيدا، قال انه يوجد في مرحلة الهضم، فهو يعرف بان لا خيار له، وسيتعين عليه الحديث مع إيران، مثلما سيضطر في نهاية المطاف للحديث مع دمشق.
وكتب ناحوم بارنيع في يديعوت، تحت عنوان الأعمى والأعرج، أنه لوحظ على الاثنين أنهما يلذ لهما أن يكون أحدهما بين ذراع الآخر. ثمة تآلف. فحقيقة أن نسبة شعبية الرجلين معا لا تصل الآن إلى 50 في المئة لا تبعد أحدهما عن الآخر، وربما العكس، فالأعمى يساعد الأعرج، كما قال آباؤنا. الأعرج في هذا المثل هو بوش، والأعمى راغبا هو أولمرت. ان الرضا البادي على الاثنين يثير البلبلة. ما الذي يرضيهما إلى هذا الحد؟ هل هو الوضع في العراق، هل هو تسلح إيران، هل هو الدعم الذي يتلقاه كل واحد منهما من جمهوره؟.
واعتبر بارنيع أنه إذا لم يكن كل شيء تمثيلا، فليس كل شيء كذبا، يبدو أنهما لا يزالان راضيين لأنهما هنالك، في الغرفة البيضاوية، في المكان الذي يحسم فيه مصير العالم، لا في مكان آخر، أقل إثارة. ليس فيهما شيء من الشعور بالكآبة الذي أغرق في أوضاع صعبة رابين أو شارون أو نيكسون.
وأشارت وسائل الإعلام الإسرائيلية إلى أنه كان من المهم لبوش أن يعلم من أولمرت مدى التقدم الذي يمكن الذهاب إليه مع الفلسطينيين، من دون أن يعرّض للخطر ائتلافه الحكومي، وهل هو على استعداد لتقبل فكرة المؤتمر الدولي التي ينادي بها جيمس بيكر. وقد أبدى أولمرت معارضته للمؤتمر الدولي، ونال ما يشبه الوعد من بوش بعدم السير في هذا الطريق.
وأوضح التلفزيون الإسرائيلي أن أولمرت رسم في محادثاته مع الرئيس الأميركي ووزيرة خارجيته كوندليسا رايس الإطار العام لمفاوضات التفافية عن حركة حماس ينوي إجراءها مع الفلسطينيين. ويشير مراسل التلفزيون إلى أن هذا الإطار يقوم على المبادئ التالية: مفاوضات مباشرة رفض فكرة المؤتمر الدولي إبداء الاستعداد لقمة إقليمية مقلصة شرط أن تعمل الدول العربية المعتدلة على دفع الفلسطينيين نحو التفاوض وأخيرا الإصرار على شروط الحد الأدنى، وهي الاعتراف بإسرائيل ونبذ الإرهاب.
وكما يبدو، فإن بوش وأولمرت اتفقا على ما تسميه محافل إسرائيلية المقايضة الكبرى، المتمثلة بالمرونة مع الفلسطينيين مقابل التشدد مع إيران. وبحسب بعض المصادر الإسرائيلية فإن بوش أبلغ أولمرت أنه، برغم خسارة الجمهوريين، فإنه لا يزال بوسعه كرئيس الإصرار على المبدأ الذي أعلنه، وهو عدم السماح لإيران بالتحول إلى دولة نووية. ورفض أولمرت أن يفصح لأي من مرافقيه عما دار حول الموضوع الإيراني، أو نوايا بوش بهذا الشأن.
وقد تعرض أولمرت للعديد من الانتقادات في الوسط اليساري اليهودي الأميركي جراء الجمود السياسي. وأعربت منظمات، مثل السلام الآن أميركا وتحالف العدالة والسلام، عن خيبة أملها من زيارة أولمرت لواشنطن. وقالت حركة السلام الآن، في بيان، إن لقاء بوش مع أولمرت لم يسفر عن إصدار بيان علني حول حدوث تغيير نحو الأفضل، وتحسين العلاقات الإسرائيلية الفلسطينية، أو حول استئناف المفاوضات السلمية.
وقالت رئيسة منظمة تحالف العدالة والسلام مارشا فريدمان، من جهتها، إن الرئيسين تصرفا كأن شيئا لم يحدث في الشهور الأخيرة يمكنه أن يغير نظرتهما رغم أن الإسرائيليين ما زالوا متأثرين من نتائج السياسة العسكرية الفاشلة في لبنان، وأن الناخب الأميركي رفض بشكل حاسم سياسة بوش في الشرق الأوسط.
المصدر: السفير
إضافة تعليق جديد