سلمى حايك تهز هوليود
سلمى حايك لها جاذبية من نوع خاص، وحضور مميز، ليس فقط لأنها تقدم بكل احترافية أدوارها، لكنها من النوع الذي يعمل بثبات وتصميم ممزوجين بالكثير من العاطفة..
كانت آخر مرة ترشحت فيها لجائزة الأوسكار عن دورها في فيلم «فريدا»، الذي شنت فيه حملة قوية على هوليود والسينما الأمريكية، متهمة إياها بالعنصرية بتجاهلها الفنانين المنحدرين من أصول غير أمريكية لترشيحات جائزة الأوسكار، إنها الفنانة سلمى حايك التي أثارت بفيلمها أوساط النقاد كثيراً حتى قبل عرضه جماهيرياً.
وقد تناول الفيلم قصة حياة الرسامة المكسيكية «فريدا كاهلو»، هذه المرأة التي يعتبرها العديد من الناس شخصية أسطورية، إضافة إلى أنها ظاهرة فنية فريدة من نوعها، وقد كان لعب سلمى لشخصية «فريدا» على الشاشة الكبيرة هاجساً مؤرقاً بالنسبة لها، حيث حاربت مدة عشر سنوات قبل أن تتمكن أخيراً من تجسيد حياتها في فيلم سينمائي.
ولدت سلمى حايك النجمة العالمية المكسيكية الأصل، وفتاة هوليوود المدللة، كما يحلو للكثير وصفها، في الثاني من أيلول في عام 1966 من أب لبناني وأم اسبانية، في مدينة كوزاكولاكوس بالمكسيك، حيث تأثرت بشكل كبير بوالدتها التي كانت من أشهر مغنيات الأوبرا، إضافة إلى عملها كمدرسة موسيقى، فعلى الرغم من إصرار والدها على أن تتابع دراستها في العلاقات الدولية على اعتبار أنه رجل أعمال شهير، إلا أنها فضلت عدم تحقيق حلمه واختارت طريق الفن، الذي يبدو واضحاً أنها قد ورثته عن والدتها، خاصة إذا عرفنا أنها التحقت في البداية المبكرة بدار الأوبرا الاسبانية.
وفي طفولة سلمى المبكرة، تولت جدتها لأبيها الاهتمام بشؤونها والإشراف على تنشئتها، حيث كانت الجدة تهتم كثيراً بإبراز جمال حفيدتها، وعندما بلغت سلمى الثانية عشرة من عمرها أرسلها والدها للدراسة في مدرسة داخلية بولاية لويزيانا الأمريكية، وعلى الرغم من تفوقها الدراسي، إلا أن طبيعتها المتمردة وشغبها المتواصل قد ساهما في قطع دراستها في أمريكا، وعودتها إلى منزل أهلها في المكسيك، لتعود ثانية لتعيش مع عمتها في ولاية هيوستن الأمريكية في سن السابعة عشرة.
عادت سلمى مرة أخرى إلى المكسيك، لمتابعة دراستها الجامعية في العلاقات الدولية، استجابة لضغوط والدها، لكن حبها للتمثيل بدأ يظهر، وبدأت تلعب أدواراً مختلفة على مسارح العاصمة مكسيكو سيتي، وبعد أن مثلت بطولة مسرحية (علاء الدين والمصباح السحري).. توجهت إلى التلفزيون لتصبح ممثلة إعلانات تجارية لتقطع علاقتها مع الجامعة نهائياً، ولتتسلق من هذه النافذة إلى عالم النجومية وعمالقة السينما، حيث شاركت بعد محطة الإعلانات في مسلسل تلفزيوني كوميدي.
أما نقطة الانعطاف الحقيقية في حياتها الفنية في المكسيك.. فقد حدثت عندما شاركت في مسلسل تلفزيوني حمل اسم ( تيريزا)، الذي حولها إلى نجمة محلية مشهورة.
وتشير حايك إلى أن طموحها الفني لم يتوقف عند هذه المرحلة، فرغم شهرتها في بلدها المكسيك إلا أن هدفها كان الذهاب إلى هوليود في الولايات المتحدة بحثاً عن فرصتها الذهبية هناك، وبالفعل غادرت إلى هوليود، لكن سنتها الأولى كانت متعثرة، فهي مازالت تذكر لحظات وصولها الأولى إلى لوس أنجلوس عندما عرض عليها العمل كمساعدة مكياج فقط، ومن القصص الطريفة التي حدثت معها في البدايات، والتي لا تزال تذكرها حتى هذه اللحظة، ذهابها إلى وكالة (وليام موريس) للتحدث إلى مالكها الذي لم تكن تعرف أنه كان قد توفي منذ عدة سنوات.
وقد استطاعت حايك أن تتجاوز كل هذه العقبات، وهاهي الآن تقيم في منزلها الرائع المطل على هوليود (عاصمة السينما في العالم)، بل إن النجاح الباهر الذي حققته، تسبب في إنقاذها للسينما الأمريكية من ركودها، خاصة بعد فيلمها المثير (حدث في المكسيك) الذي شاركها البطولة فيه انطونيو بانديراس، وجوني ديب، والذي دارت أحداثه داخل عالم الجاسوسية والمؤامرات، ومن ثم إفشال خطة التآمر على اغتيال الرئيس المكسيكي، حيث استطاع الفيلم أن ينعش سوق السينما الراكد بعد أن حقق في أيام عرضه الأولى دخلاً تجاوز الـ 24 مليون دولار أميركي ليتصدر بهذا الرقم قائمة إيرادات الأفلام في الولايات المتحدة آنذاك.
وقد تسلقت الحايك السلم درجة درجة، وعانت الكثير من الصعاب، ولعبت أهم الأدوار الفنية في بداية مشوارها في عام (1993) عندما أسندت إليها المخرجة أليون أنديرز دوراً ثانوياً في فيلم (ميافيدا لوكا)، ثم تلا ذلك لعبها دور البطولة في فيلم (ديسبارادو) مع أنطونيو بانديراس، وهو الدور الذي استفاد به مخرج الفيلم روبيرت رودريغرز من لكنتها الاسبانية الجميلة، حيث وضعها أداؤها المميز في هذا الفيلم ضمن خارطة السينما في هوليوود، وبعد ذلك بثلاث سنوات، أي في عام 1996 أسند لها المخرج رودريغرز الذي آمن بموهبتها دور البطولة المطلقة في فيلمه (the vempir extravaganza from dusk till down) إلى جانب الممثل جورج كلوي، لكن الحظ خانها في هذا الفيلم الذي فشل جماهيرياً خلافاً للتوقعات، وبقي سوء الطالع ملازماً لها في كافة الأدوار اللاحقة، ولم يتغير ذلك إلا عندما مثلت في فيلم الرعب الشهير (the faculty)، الذي أنتج عام 1998، حيث أدت دور مدرّسة ثانوية، حيث عاد الحظ وابتسم لها من جديد، ولكن النجاح الباهر كان في فيلم (دوغما) الذي أنتج عام 1999 عندما لعبت فيه دوراً مؤثراً أعتُبر محطة بارزة في حياتها الفنية، وفي نفس العام مثلت دور البطولة أيضاً في فيلم (الغرب المتوحش البري)، شاركها البطولة فيه ويل سميث وكيفن كلين، ثم مثلت في عام 2000 دوراً آخر في فيلم (chain of fools).
وقد تأكدت نجومية سلمى حايك من خلال أدائها للعديد من أفلام هوليوود الشهيرة، والتي اشتركت فيها بالبطولة مع عمالقة السينما من أمثال: سيلفستر ستالون - روبرت دي نيرو - كيم ونسلت - ليوناردو دي كابريو- باميلا أندرسون وغيرهم من النجوم اللامعين، ثم كانت خطوتها الأخيرة والذكية لتأكيد دورها القيادي في صناعة السينما ورسم المتغيرات فيها، من خلال تأسيسها شركة إنتاج سينمائية أطلقت عليها اسم (فينتانا روسا).
المصدر: البعث
إضافة تعليق جديد