شركات الأمن الخاصة.. هل تكون الباب الخلفي لـ«الإخوان»؟

13-03-2013

شركات الأمن الخاصة.. هل تكون الباب الخلفي لـ«الإخوان»؟

هل فشل «الإخوان» في السيطرة على الشرطة واستعصت عليهم محاولات «أخونتها»، فقرّروا الاستعانة بقوات شرطة خاصة بهم؟
هذا هو السؤال المرعب في مصر الآن، بعدما توازت مجموعة كبيرة من التسريبات عن تعديلات تتعلق بقانون إنشاء شركات الأمن والحراسة الخاصة، مع تصريحات لقيادي إخواني صابر أبو الفتوح عن نية حزب «الحرية والعدالة» التقدم بمشروع قانون لمجلس الشورى يمنح شركات الحراسة حق الضبطية القضائية (القبض على المتهمين من دون إذن من النيابة) وتقنين استخدام السلاح. وذلك في الوقت الذي خرجت فيه الجماعة الإسلامية تدعو إلى تشكيل شرطة من المواطنين من أصحاب البنية القوية لتحل محل الشرطة المدنية في حالة استمرارها في العصيان.
وروّعت الجماعة الإسلامية مصر في سنوات الثمانينيات والتسعينيات بعدما نفذت العديد من العمليات الإرهابية بحق مسؤولين حكوميين ومفكرين وسائحين، كما أنها متهمة بمشاركة تنظيم الجهاد في تنفيذ عملية اغتيال الرئيس أنور السادات العام 1981.
وإذا كان القيادي الإخواني سرعان ما تراجع عن تصريحاته، بحجة أنها تعبر عن رأيه الشخصي، قائلا  ان «الإخوان» لا تعجبهم رؤيته لأن الشرطة هي الجهة الوحيدة القادرة على حفظ الأمن، إلا أن ما قاله مساعد وزير العدل لشؤون التشريع المستشار عمر الشريف عن قيام الوزارة بعرض مشروع يعدل بنود تنظيم شركات الحراسة الخاصة على مجلس الشورى، بما يمكن هذه الشركات من استخدام السلاح لتأمين المنشآت، يعيد فتح باب القلق بشأن تحول شركات الحراسة الخاصة إلى الباب الخلفي الذي يمكن قيادات «الإخوان» من تشكيل قوات شرطة خاصة بها، يمكنها حمل السلاح قانونيا.
من جهته، حاول مساعد وزير العدل،  تفريغ القانون من أي دلالة سياسية، قائلا إن القانون المذكور قدّمته وزارة الداخلية إلى وزارة العدل في أيلول من العام الماضي، للنظر فيه وإبداء الملاحظات. وأوضح أن القانون سينظّم فقط أعمال شركات الحراسة الخاصة، التي يقوم بعضها الآن بالأساس بتأمين المنشآت الخاصة من شركات ومبان، بالإضافة إلى تأمين سيارات نقل الأموال، لافتاً إلى أن الهدف من القانون الإحاطة بكل الشركات كي لا يعمل أي منها في الظل وبعيداً عن الرقابة.
أما عن تسليح العاملين بهذه الشركات بالذخيرة الحية، وهي النقطة التي أثارت جدلا كبيرا، فردّ الشريف موضحاً أن القانون المعدل يضع ضوابط أكثر على حمل أفراد هذه الشركات السلاح، بألا يحمل أي من العاملين بها هذا السلاح خارج أوقات العمل الرسمية، بل خارج الفترة التي ينبغي أن يحمله داخل أوقات العمل نفسه، على أن يتم تسليم السلاح يوميا إلى إدارة خاصة بذلك داخل الشركة، مشيرا إلى أن ذلك على عكس ما يتصور البعض سيقلل من عدد حاملي السلاح في هذه الشركات.
لكن الأمر لا يبدو مثاليا لهذه الدرجة. وذلك لأن إمكانية فرض رقابة دائمة على الشركات العاملة في مجال خدمات الأمن والحراسة لضمان عدم استخدام السلاح في أمور غير قانونية يبدو مستحيلا. إذ يصل عدد شركات الحراسات الخاصة العاملة في مصر إلى نحو 350 شركة، بالإضافة إلى عدد آخر من الشركات غير المرخصة، والتي تقدم خدمات أمنية عبر واجهة شركات أخرى، غالبا ما تكون شركات تقدم الخدمات دون تحديد طبيعة هذه الخدمات. وهكذا قد لا تكون صدفة أن يمتلك نائب مرشد «الإخوان» خيرت الشاطر شركة تقدم الخدمات تحت اسم «أجياد للخدمات»، وهو أمر بات يحمل دلالات إضافية بعد القبض على الحارس الشخصي للشاطر خلال الاستفتاء على الدستور في كانون الأول من العام الماضي، وهو يحمل سلاحا غير مرخص. وهي القضية المنظورة أمام القضاء الآن.
ويتطلب إنشاء شركة حراسة خاصة في مصر، تأسيس شركة برأسمال لا يقل عن 20 ألف جنيه، نحو ثلاثة آلاف دولار، وأن يكون لها مقر ثابت ومعلوم، ويكون صاحبها عضواً في إحدى الغرف التجارية، ثم يقدّم طلبه للجهات المختصة، وينتظر ما بين ثلاثة إلى ستة أشهر للفوز بالموافقة على تأسيس الشركة بعد إجراء تحريات على شخصه وشركائه إن وجدوا، يقوم بها جهازا الأمن القومي والأمن الوطني. وظهرت أول شركة خاصة تقدم الخدمات الأمنية في مصر العام 1979، وكانت المفارقة أن أول أعمال هذه الشركة كانت المشاركة في تأمين السفارة الأميركية في القاهرة.
ويعدّ أغلبيّة أصحاب شركات الحراسة الخاصة من ضباط الجيش والشرطة المتقاعدين، وإذا كانت هذه حجة يتخذها البعض للحديث عن صعوبة اختراق الإخوان لهذا المجال، فإن الميول الإخوانية لضباط جيش وشرطة أصبحوا يحملون لقب سابقين، ليست خافية على أحد، حتى أن رئيس لجنة الأمن القومي في مجلس الشعب المنحل اللواء عباس مخيمر، هو ضابط جيش سابق خاض الانتخابات على قوائم «الإخوان».
أشرف عبد العزيز، وهو عميد الشرطة السابق وصاحب إحدى شركات الحراسات الخاصة، كشف عن أن تصريح عمل شركات الحراسة الخاصة، يحظر عليها القيام بالحماية الشخصية، وذلك لوجود قسم خاص بالحراسات الخاصة في وزارة الداخلية، هو وحده الجهة الوحيدة المختصة بحماية أي شخصية عامة، وهو ما يعني أن كل الحراس الشخصيين المصاحبين لعدد كبير من الشخصيات العامة في مصر يعملون من دون أي غطاء قانوني. الأمر ذاته ينطبق على السلاح الذي يستخدمه العاملون في هذا المجال. وبحسب عبد العزيز، فإن السلاح الذي تسمح به أولا وزارة الداخلية هو العصا المطاطية، ثم مسدسات الصوت وضغط الهواء، أما إمكانية أن يفوز أحد العاملين بالشركة بمسدس فيه طلقات ذخيرة حية، فإن هذا يستغرق إجراءات معقدة وطويلة، تتضمن عمل تحريات عن التاريخ المهني والعائلي للشخص المراد أن يحصل على سلاح قاتل، لافتا إلى أن عددا من الشركات العاملة في تأمين البنوك والشركات الكبرى هي وحدها فقط التي تفوز بذلك. لكن ربما لا تستغرق هذه الإجراءات كل هذا الوقت والتعقيدات، إذا جاءت توصية من الداخلية أو إلى الداخلية من أهل السلطة لتيسيرها لأشخاص بعينهم.
هكذا يبدو أن لا القانون ولا تعديلاته ولا طبيعة العمل داخل شركات الحراسة الخاصة والرقابة عليها، تغلق الباب أمام قيادات «الإخوان» أو غيرهم من أي تيارات أخرى لها ميراث من العنف بشكل أو بآخر، بل تجعل الباب مواربا مغريا للاقتحام، والاستفادة ممن يسكن وراءه، في ظل أوضاع سياسة وأمنية متوترة ولا تهدأ أبدا. وإذا كان هذا هو ظاهر الأمور، فلعلّ ما خفي منها هو أسوأ وأشد خطورة.

محمد هشام عبيه

المصدر: السفير

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...