الوساطة الأفريقية تنقذ مفاوضات دولتي السودان
أنقذ الوسطاء الأفارقة أمس المحادثات بين دولتي السودان وجنوب السودان الجارية منذ تسعة أيام في أديس أبابا من الانهيار، بعدما طرحوا ورقة توفيقية في شأن تحديد منطقة منزوعة السلاح بين البلدين وافق عليها الوفد السوداني. وطلبت الخرطوم رسمياً نقل قمة الاتحاد الأفريقي المقبلة من مالاوي إلى إثيوبيا لرفض الأولى استقبال الرئيس عمر البشير الملاحق من المحكمة الجنائية الدولية بارتكاب إبادة جماعية وجرائم حرب في دارفور.
وعقدت الوساطة الأفريقية لقاءين منفصلين أمس مع وفد السودان الذي رحب بالورقة التوفيقية في شأن تحديد منطقة منزوعة السلاح بعمق 10 كيلومترات على جانبي حدود البلدين، عقب فشل الاجتماعات الأمنية برئاسة وزيري الدفاع في الدولتين بسبب خلاف بينهما في شأن خريطة للحدود طرحها وفد الجنوب واعتبرها الوفد السوداني مخالفة للخريطة الدولية وتضم مناطق مختلف عليها.
وأعلن الناطق باسم الوفد السوداني المفاوض عمر دهب ترحيبه بـ «الورقة التوفيقية المدمجة» التي طرحتها لجنة الوساطة الأفريقية وتتضمن نقاط الاتفاق في رأي الطرفين المتفاوضين في شأن موقفيهما من المنطقة الحدودية العازلة والحدود المشتركة. وقال في تصريحات للصحافيين إن الورقة تشمل تحديداً ومراجعة للمسائل التي يطرحها كل طرف في ورقة واحدة بهدف المساعدة فنياً في تحديد مناطق الالتقاء ومناطق التباين من أجل التحرك قدماً والتوافق.
وأوضح أن هذه الورقة «طرحت من أجل مساعدة الطرفين في تحديد الخطوات المستقبلية»، مشيراً إلى أن لجنة الوساطة الأفريقية التي يرأسها ثابو مبيكي عقدت اجتماعين منفصلين مع طرفي التفاوض بهدف الاطلاع على آراء كل جانب. وأضاف أن رئيس الوفد السوداني وزير الدفاع عبدالرحيم حسين أكد ترحيب السودان بالورقة ووصفها بأنها «خطوة مهمة»، وإن أبدى بعض الملاحظات عليها.
من جهته، قال مبعوث الأمم المتحدة إلى دولتي السودان هايلي منقريوس إن «عملية التفاوض تسير ببطء وفي شكل غير جيد، لكن مع ذلك لا يمكننا أن نقول إنها سيئة لأنها ماضية إلى الأمام». وقلل من تأثير عقبات الملف الأمني على ما تبقى من ملفات، ورأى أن أي اختراق يحدث في أحد الملفات ستكون نتائجه جيدة على سير المفاوضات، «لكن التعثر لا يدفعنا إلى القول إنها ستنهار... لا يزال هناك وقت».
إلى ذلك، قالت وزارة الخارجية السودانية أمس إن السودان طلب رسمياً من مفوضية الاتحاد الأفريقي نقل القمة المقررة في العاصمة المالاوية ليلونغوي الشهر المقبل لتعقد في مقر الاتحاد في أديس أبابا. وأوضح وكيل الوزارة عمر صديق في بيان تلاه أمام صحافيين أمس في الخرطوم أن السودان استند في طلبه إلى «عدم التزام مالاوي بالنظم والقواعد المنظمة لعمل الاتحاد والمتمثلة في إعلانها عدم ترحيبها بمشاركة الرئيس عمر البشير في القمة بدعوى الالتزام بقرارات المحكمة الجنائية الدولية».
وأشار إلى أن حكومته ترى أن مالاوي «تخالف لائحة الإجراءات الداخلية لمؤتمر الاتحاد الأفريقي التي تلزم الدول الأعضاء التي تستضيف قمم الاتحاد بتوفير المعايير التي تحددها القمة الأفريقية، وكذلك توفير المناخ الملائم لانعقاد القمة، إضافة إلى مخالفتها اتفاق استضافة القمة مع مفوضية الاتحاد الأفريقي». ورأى أن «القمة ستناقش قضايا مهمة للسودان منها نزاعه مع جنوب السودان واختيار رئيس جديد لمفوضية الاتحاد الأفريقي، ما يتطلب مشاركة السودان».
واتهم مالاوي بأنها تسعى من إعلانها رفض استقبال البشير «تحقيق مكاسب اقتصادية من الولايات المتحدة». وكانت رئيسة مالاوي جويس باندا قالت الجمعة الماضي إنها لا تريد أن يشارك الرئيس السوداني في القمة التي ستستضيفها بلادها لتجنب تدهور العلاقات مع المانحين الرئيسيين. وأضافت أن «مالاوي تعاني مشاكل اقتصادية غير مسبوقة، ولن تكون من الحكمة المخاطرة بالسماح لشخص أن يأتي ويحضر القمة على رغم المعارضة الشديدة من الشركاء والمانحين المتعاونين».
من جهة أخرى، كشفت تقارير في الخرطوم أمس أن القيادة السودانية تتجه إلى تقليص عدد مقاعد مجلس الوزراء وحكومات الولايات بما يصل إلى 30 في المئة ضمن خطة تقشف لمواجهة الأزمة المالية بسبب فقدها عائدات النفط عقب انفصال الجنوب.
وتسعى الخرطوم إلى تبني خطة تقشف قبل إعلان قرارها رفع الدعم عن المحروقات، خشية تظاهرات مناهضة لإطاحة نظام الحكم هددت بها المعارضة. وأكدت التقارير أن التقليص سيطاول مجلس الوزراء والبرلمان القومي وحكومات الولايات ومجالسها التشريعية، مشيرة إلى أن القرار سيتخذ بإعلان حكومة أزمة قبل تنفيذ سياسة رفع الدعم عن المحروقات الذي يتوقع أن يدفع السودانيين إلى الشارع لسوء الأوضاع الاقتصادية. وقلل مساعد الرئيس نافع علي نافع من تهديد المعارضة بتحريك الشارع ضد حكومته، وقال إن ذلك لن يرهبهم ولن يجعلهم يتراجعون عن أي خطوة يعتزمون إعلانها.
النور أحمد النور
المصدر: الحياة
إضافة تعليق جديد