طرابلس اللبنانية: معلومات عن تخطيط مجموعة متطرفة لاغتيال شخصيات بارزة
بدأت طرابلس أمس استعادة هدوئها، الذي عكرته لبعض الوقت اشتباكات عائلية بـ«بطانة سياسية» في بعض أحيائها، سرعان ما طوقها الجيش الذي انتشر في النقاط الساخنة، على محور جبل محسن – باب التبانة والمناطق المجاورة، بينما واصل الإسلاميون الاعتصام المتقطع في ساحة عبد الحميد كرامي في وسط المدينة احتجاجاً على استمرار توقيف شادي المولوي.
ولئن كان التوتر الميداني قد تراجع، إلا أن الهدوء المستعاد يتسم الى حد كبير بالهشاشة، مع بقاء الجمر تحت الرماد، وعدم معالجة الاسباب الجذرية للوضع المعقد في طرابلس، وسط انتشار السلاح على نطاق واسع وتصاعد لهجة التحريض السياسي والمذهبي، والانعكاس الحاد للأزمة السورية على المدينة، ورغبة الجيش في تجنب أي مواجهة مسلحة تجنباً لإراقة الدماء، وهي عوامل من شأنها ان تبقي البيئة الأمنية لطرابلس غير مستقرة، وقابلة للاهتزاز في أي وقت، ما يدفع الى التساؤل: الى متى سيظل ابناء المدينة رهائن هذا الواقع، ومتى سيتم «تحريرهم»؟
ويبدو أن توقيف المولوي لم يكن سوى رأس جبل الجليد، في ما يتعلق بالمعطيات الموجودة لدى الجهات المختصة حول تحركات بعض الخلايا والمجموعات المتطرفة في لبنان. وفي هذا الإطار، كشفت مراجع واسعة الإطلاع عن تلقيها معلومات موثوقة، على قدر كبير من الخطورة، حول اعتداءات إرهابية كان يجري التخطيط لها.
وقالت المراجع إن هناك دولاً أبلغت الجهات المعنية في بيروت بهذه المعلومات، التي تقاطعت مع معطيات مماثلة تملكها بعض الأجهزة الأمنية اللبنانية، وفحواها أن مجموعة ارهابية تتبع لتنظيم متطرف دخلت مؤخراً الى لبنان للقيام بعمليات تخريبية، من بينها تنفيذ عمليات اغتيال لعدد من الشخصيات اللبنانية البارزة، بناء على لائحة أهداف محددة، تضمّ رئيس مجلس النواب نبيه بري الذي كان قد تلقى في السابق مؤشرات مشابهة.
في هذه الأثناء، تراوح الوضع الأمني في طرابلس أمس بين الهدوء الحذر والتوتر، حيث تمكن الجيش اللبناني من الانتشار في مناطق المواجهة التقليدية في التبانة والقبة وجبل محسن والحارة البرانية والمنكوبين، التي شهدت دوريات راجلة ومؤللة للوحدات العسكرية، ما أدى الى توقف الاشتباكات واستعادة المدينة بعض حيويتها.
لكن، وبينما كانت الأنظار تتابع انتشار الجيش في النقاط الساخنة، دوّى صوت الرصاص والقنابل اليدوية في أسواق المدينة الداخلية بفعل اشتباكات مفاجئة نشبت بين عائلتيّ النشار وهاجر على خلفية سياسية، شاركت فيها عناصر سلفية، وأخرى تابعة لقوى 8 آذار وشملت سوق الصاغة، سوق العطارين، وسوق البازركان وأوقعت جريحين هما أحمد داوود وتوفيق حمود، ما أعاد الأمور الى نقطة الصفر فأقفلت المحلات التجارية أبوابها، وخلت الشوارع سريعاً من السيارات، إلا أن الأمر لم يدم طويلاً، بعدما سارع الجيش، بمؤازرة فهود قوى الأمن الداخلي، الى تطويق الاشتباكات في أعقاب اتصالات مكثفة.
وأكدت قيادة الجيش ان وحدة من الجيش باشرت إزالة «الدشم والمتاريس كافة التي أقيمت مؤخراً في منطقتي جبل محسن والتبانة»، وحذرت «بأنها ستتعامل بكل قوة وحزم مع أي محاولة لإعادة بنائها مجدداً».
من ناحيته، كشف المدير العام للأمن العام اللواء عباس ابراهيم عن انه تم تنسيق ملف القبض على الموقوف شادي المولوي «مع جهاز أمني غربي»، مؤكداً «أن هذا الملف نُسق مع دولة عظمى، ولا أعتقد أنها تنزل به إلى زواريب مذهبية أو طائفية».
وشدد امام وفد من «جمعية مراسلي الصحف العربية» في لبنان، على ان «القضاء أعطاني حقي بالأمس وبرّأني». واشار إلى أن العنوان الأساسي لعملية توقيف المولوي «لا علاقة له بسوريا من قريب أو بعيد»، موضحاً انه توافرت لديه معلومة عن وجود شخص أو أشخاص يمارسون عملاً إرهابياً في البلد «وبالتالي راجعت القضاء وتحركت».
وقال رداً على سؤال حول ما قيل عن خطأ في تنفيذ مهمة القبض على المولوي: نحن كانت لدينا مهمة كبيرة والضابط ميدانياً رأى أن قدسية المهمة أهم من أي شيء آخر، كان توقيفه صعباً لأنه مسلح ولديه مواكبة مسلحة، وحينما اعتقل كان معه مسلحان فرّا فوراً، وبالتالي، فإن الضابط استنسب الطريقة التي توسلها لإلقاء القبض عليه، واشار الى أن المؤسسة التي يرأسها اتخذت تدابيرها المسلكية.
واضاف: نعرف أن في لبنان معارضة سورية، ونحن نعرفهم بالأسماء، وأتحدى أحداً أن يقول إن الأمن العام قد ضيّق على أي منهم أو تعرض لأحد من هؤلاء المعارضين، أما مَن يُخلّ بالأمن فلن نسمح له بذلك.
المصدر: السفير
إضافة تعليق جديد