الهجومان الأكثر دموية خلال أزمة سوريا: طن متفجرات وفي ساعة الذروة الصباحية
تعرّضت دمشق، ومن خلفها خطة مبعوث الأمم المتحدة والجامعة العربية إلى سوريا كوفي انان، إلى أعنف هجوم دموي امس، يذكّر بهجمات تنظيم «القاعدة» في العراق، حيث فجر انتحاري سيارته، وبعد تجمع الناس وعناصر القوى الأمنية فجر آخر سيارة، ما مزق أجساد 55 شخصا، وأصاب 372.
ويأتي الهجوم الدموي الجديد، وهو الأعنف منذ انطلاق الاحتجاجات قبل 14 شهرا، بعد ساعات من انفجار عبوة لدى مرور موكب للمراقبين الدوليين، بينهم رئيس البعثة الجنرال النروجي روبرت مود، عند مدخل مدينة درعا أسفر عن إصابة عشرة جنود نظاميين.
وقال شهود إن انتحارياً فجر سيارة قرب مركز المخابرات السورية - فرع فلسطين قرب مفرق القزاز في دمشق عند السابعة و56 دقيقة صباحا. وبعد تجمع الناس والقوى الأمنية، فجرّ آخر بفارق دقيقة سيارة أخرى ما أدى إلى مجزرة ذهب ضحيتها 55 قتيلا، وأصيب 372، غالبيتهم من المدنيين.
وقالت وزارة الداخلية السورية، في بيان، «في الساعة 7،56 دقيقة، وفي التوقيت الذي يتوجه فيه السوريون إلى أعمالهم والأطفال إلى مدارسهم وفي مدينة دمشق على طريق المتحلق (الدائري) الجنوبي موقع القزاز المكتظ بالسيارات وعابري الطريق، وبالقرب من مركز لقوات حفظ الأمن والنظام، وفي جريمة جديدة للمجموعات الإرهابية المسلحة المدعومة من أطراف خارجية تتاجر بالدماء السورية وقع انفجاران إرهابيان متتاليان بفارق زمني لا يتجاوز الدقيقة».
وأضافت ان «التفجيرين الإرهابيين حصلا بواسطة سيارتين مفخختين يقودهما انتحاريان محملتين بكميات كبيرة من المواد المتفجرة، والتي تقدر بأكثر من ألف كيلوغرام، ما أحدث حفرتين، الأولى بطول 5،5 أمتار وعرض 3 امتار ونصف المتر وعمق متر واحد، والثانية بقطر 8،5 أمتار وعمق 2،5 متر».
وتابعت وزارة الداخلية ان «الحصيلة الأولية لهذه الأعمال الإرهابية كانت حتى ساعة إعداد هذا البيان 55 شهيداً و372 جريحاً من المدنيين والعسكريين، و15 محفظة لأشلاء مجهولة، وتفحم 21 سيارة وتحطم 105 سيارات بالكامل وإصابة 78 سيارة بأضرار مختلفة، إضافة إلى أضرار مادية كبيرة في الممتلكات العامة والخاصة».
وأكد البيان ان «وزارة الداخلية ستلاحق هؤلاء المجرمين القتلة ومن يمدهم أو يؤويهم في أوكارهم، ولن تتهاون في ملاحقة فلول الإرهاب واستئصال من يعبثون بأمن المجتمع السوري لينالوا جزاءهم العادل». ودعت «المواطنين إلى ممارسة دورهم، بالتعاون مع الجهات المختصة، في الابلاغ عن أي حالة مشبوهة، والإدلاء بأي معلومات لديهم تتعلق بنشاط الإرهابيين وتحركاتهم حفاظا على أمن المواطنين واستقرار الوطن».
وأثناء زيارة الى موقع الانفجارين، أطلق رئيس فريق المراقبين الدوليين في سوريا الجنرال روبرت مود نداء للمساعدة على وقف أعمال العنف. وقال «أدعو الجميع في سوريا وخارجها الى المساعدة على وقف أعمال العنف هذه». وأضاف «هذا مثال آخر على ما يعانيه الشعب السوري من أعمال العنف. لقد شاهدنا هذه الاعمال في دمشق وفي مدن وقرى اخرى في سوريا». وتابع «أود أن أعبر عن تعازي الخالصة الى أولئك الذين فقدوا أعزاء لهم في هذا الحادث المأساوي، والى كل الشعب السوري الذي يعيش حوادث مأساوية مماثلة يوميا منذ أشهر طوال».
وشهدت دمشق في الأشهر الأخيرة عدة انفجارات كان آخرها في 27 نيسان الماضي أودى بحياة 11 شخصا، فيما أسفر انفجار في كانون الاول عن مقتل 44 شخصا.
وبث التلفزيون السوري صوراً من موقع الانفجار تظهر الدمار والجثث والأشلاء، ويسمع فيها أشخاص يقولون «هذه هي الحرية التي يريدونها» في إشارة إلى المعارضين للنظام. وظهر في اللقطات رجل يشير إلى الحطام ويقول «هل هذه هي الحرية؟ هذا عمل السعوديين» مشيراً الى المملكة التي طالبت بتسليح المعارضين الذين يسعون لإسقاطه.
وألقت نادين حداد وهي مرشحة في الانتخابات البرلمانية باللائمة على رئيس الوزراء القطري الشيخ حمد بن جاسم آل ثاني الذي يقول أيضا إنه يجب تسليح المعارضين السوريين.
ووسط دمار هائل بعد الانفجارين اللذين هزا دمشق، يملأ المسعفون أكياسا من النايلون ببقايا جثث متناثرة فيما بدا الذهول على كثيرين لوقع ما شاهدوا من الجثث المتفحمة والمشوهة. وشاهد مصور وكالة «فرانس برس» الموجود في المكان «دماغا صغيرا يعود لطفل ربما غارقا في بقعة من الدم».
وعلى بعد أكثر من خمسين مترا، أصيبت واجهات كل المباني بشظايا الانفجار وبانت الحفر في الطرقات. وفي كل مكان ظهرت سيارات مدمرة وحافلات لم يبق منها سوى هياكلها في حين اقتلعت أشجار من على حافة الطريق التي انتشرت فيها الحفر.
ووسط هذه الساحة التي سادها الدمار والخراب، صرخ رجل «هل هذه هي الحرية التي تريدون؟ طلاب يتوجهون الى مدارسهم وموظفون الى أعمالهم يقتلون»، في إشارة الى حركة الاحتجاج. وقال آخر «انها هدايا (رجب طيب) اردوغان وحمد (بن خليفة آل ثاني)»، أي رئيس الوزراء التركي وأمير قطر. وأضاف «انهم يقتلون الاطفال والعجزة ورجال الدين».
وطالب مجلس الشعب السوري، في بيان، «البرلمانات في أنحاء العالم التحرك سريعا لوقف أعمال العنف والإرهاب الدموي المنظم». وأضاف «لكي لا يكتب التاريخ أن الحكومات العربية انتقلت من دول راعية لمكافحة الإرهاب إلى دول داعية إلى مؤتمرات دعم الإرهاب وتسليحه، فإن مجلس الشعب السوري يدعو جميع البرلمانات العربية والدولية إلى الضغط على الأنظمة التي تدعم المجموعات الإرهابية في سوريا وتمدها بالسلاح والمال وتكنولوجيا الإعلام وإيقاف هدر الدم السوري لكي تستطيع سوريا استعادة الأمن والأمان».
ودان التفجير كل من «المرصد السوري لضحايا العنف والإرهاب» و«الاتحاد العام للفلاحين» ومشيخة عقل طائفة الموحدين الدروز في سوريا والهيئة الشعبية لتحرير الجولان.
المصدر: السفير+ وكالات
إضافة تعليق جديد