البحرين: مسيرات العودة لدوار اللؤلؤ تُجابَه بالقمع
بلغ التوتر الأمني في الشارع البحريني أمس، مستوى غير مسبوق منذ أشهر عشية الذكرى السنوية الاولى لانطلاق «ثورة 14 فبراير»، حيث بدأ المتظاهرون أولى الخطوات المقررة لاستعادة الحضور في دوار اللؤلؤ الذي دمرته السلطات وأعادت تسميته بـ«تقاطع الفاروق» بعدما انقضت على المحتجين فيه في آذار الماضي، وذلك استعدادا للمرحلة النهائية المقرر تنفيذها اليوم بالتوجه الحاشد إلى منطقة الدوار في المنامة.
واحتشدت جماهير معارضة رغم الأجواء الباردة في «ساحة الحرية» في منطقة المقشع غربي العاصمة المنامة، للمشاركة في مهرجان دعت إليه جمعيات المعارضة وعلى رأسها «الوفاق». وفي منتصف المهرجان وقف الجمهور لإعلاء التكبيرات التي ترتفع بدعوة من قوى المعارضة على أسطح المنازل لمدة 3 أيام للتنديد بالتضييق على التظاهرات ومنعها.
وفي آخر فقرات المهرجان، شدد الأمين العام لجمعية الوفاق الوطني الإسلامية المعارضة الشيخ علي سلمان على أن أي حوار بمنطق العبد والسيد هو حوار مرفوض، مضيفاً أن «أي حوار محكوم بأن يكون الشعب هو صاحب الموافقة عليه من خلال مجلس تأسيسي أو استفتاء تشرف عليه جهة مستقلة».
وأكد أن «حاضر البحرين ومستقبلها هما في أن تكون مملكة عربية ومسلمة مستقلة وهو قرار شعب البحرين وحده وليس للعائلة الحاكمة تفرد في اتخاذه، وأي قرار بغير الارادة الشعبية هو قرار مرفوض وسيواجه بكل حزم».
وحيا سلمان شباب البحرين «الذين أخذوا المبادرة واستلهموا الثورات العربية وأطلقوا ثورة 14 فبراير». كما شكر سلمان «الشعوب والحكومات والمنظمات العربية
والأجنبية التي أنصفت شعب البحرين ومطالبه وقالت الكلمة الحق ولم تخضع لابتزاز البترودولار، ولم تخضع لابتزاز الديكتاتوريين».
وفي سياق آخر، قال الأمين العام لجمعية «الوفاق»: «لا يختلف اثنان على أن في هذا الوطن فسادا وسرقات وحكومة فاسدة وقاصرة عن أداء دورها، رجعية متخلفة. لسنا بأفضل من تونس ومصر وليبيا. أوضاعنا بالرغم من كوننا دولة نفطية مع محدودية مواردها وعدد سكانها. إلا أن حكومتنا فاشلة ولا يختلف اثنان على أنها فاسدة للنخاع».
وأردف: «جاء تحركنا من أجل إصلاح هذا الواقع، ولم نخرج ترفاً ولا فساداً بل لأجل اقتلاع هذا الواقع الفاسد المتجذر من أجل البحرين وكل أبنائها. نطلب العدالة والمساواة والكرامة والحرية والرفاهية لكل المواطنين عبر بناء نظام ديموقراطي وحكم رشيد، يقوم على أنقاض ديكتاتورية لا بد أن تسقط. يقوم على أسس إسلامية وإنسانية عالمية. من قبيل الشعب مصدر السلطات بدل شعار جاهلي أن أسرة واحدة تكون هي مصدر السلطات!».
وأضاف سلمان: «نريد أن يكون في نظامنا السياسي المساواة في الحقوق والواجبات بين المواطنين، ومن اختصه الدستور بوظيفة معينة يتحمل مسؤوليته وفقاً لما هو مقر في دستور العام 1973 أو ميثاق العمل الوطني. وغير ذلك فالجميع سواسية. وكلامي بأن جميع أفراد الأسرة الحاكمة في مستوى الشعب ولا يختلفون ولا بوصة». وعن حركة الشارع قال سلمان: «نعرف ما جرى في هذا البلد، ولكن لا مجال لأن تتحكم فينا مشاعر الغضب والانفعال التي تغلق علينا منافذ الحل الحقيقي والنهوض. ونتحمل ونصبر ولا تتقدم العاطفة على ذلك».
وطالب سلمان بنظام سياسي «يكون للشعب فيه حق اختيار حكومته بدل هذه الحكومة التي تعفنت منذ 40 سنة. ونريد نظاما فيه مجلس تشريعي كامل الصلاحيات ونظام قضائي مستقل بكل ما للكلمة من معنى، وأمن للجميع لا توظف فيه إمكانيات الدولة من أجل حماية قبيلة، نريد نظاما يعمل على قسمة الثروة بكل مساواة».
وتساءل سلمان بعد عام من انطلاق الثورة عما تم إنجازه، مضيفاً «ما تم إنجازه في هذه السنة وبدون مبالغة يعادل عملا سياسيا وشعبيا لمدة عشرات السنوات، فقد قطعت هذه الحركة شوطاً مهماً في طريق بناء الديموقراطية، بالامس التقيت بالفرنسيين والألمان وقبلها بالبريطانيين والأميركيين، العالم كله يعرف أن هناك شعبا متحضرا يطالب بالديموقراطية وأن هناك نظاما ديكتاتوريا يقوده (رئيس الوزراء البحريني) خليفة بن سلمان وأصبحت هذه القضية واضحة».
وأردف: «على الرغم من صعوبة قضيتنا إلا أن العالم بمعظمه يناصر قضيتنا. ورسالتنا للمجتمع الدولي ممزوجة بين شكر وعتاب. شكر لكل من وقف مع شعب البحرين في مطالبه العادلة من شعوب وحكومات ومنظمات. وعتاب على كل من يملك القوة والنفوذ للدفع بالديموقراطية ولكنهم يخذلون هذه المطالبة، ويحاولون الحفاظ على مصالحهم على حساب المثل والقيم التي ينادي بها. وإليهم نقول إن المصلحة الاستراتيجية هي مع الشعوب وليست مع الديكتاتوريات».
ووجه سلمان خطابه إلى الشعب البحريني في الذكرى الاولى للثورة، وقال: «علينا أن نستمر في حراكنا المطلبي حتى تحقيق المطالب العادلة وبناء وطن ديموقراطي حر كريم، ولا تردد في هذه المسيرة ولا توقف ولا تراجع. وأقول إن لم تستجيبوا لهذه المطالب لا يبعد أن يكون مصير هذا النظام كمصير نظام القذافي وأكثر».
وشدد سلمان على التمسك بالسلمية في العمل السياسي والمطالبة، وقال: «علينا أن نتمسك بالسلمية ونبتعد عن الانجرار للعنف، فالسلمية ليست ضعفاً. ولكنها مصدر قوة وحضارة ورفق بهذا الوطن وبأبنائه، وأرى أن طريق السلمية أوضح للوصول لمطالبنا. من طريق الرد على عنف السلطة».
وقال سلمان إن «أي حوار يمكن أن ينطلق، لا بد أن يكون على قاعدة الأكفاء والمتساوين بين المتحاورين، ولن تذهب المعارضة إلى حوار سيد وعبد أو حوار فيه يد عليا ويد سفلى، والشعب هو صاحب اليد العليا. ويجب التوافق على مضمون الحوار وآلياته، ثم أي حوار اليوم وغداً محكوم بأن الشعب هو صاحب الموافقة النهائية أو عدم الموافقة على ما سيتم من خلال مجلس تأسيسي أو استفتاء تشرف عليه جهة مستقلة يشارك فيه شعب البحرين وليس فئة سياسية». وأكد سلمان «أن حاضر البحرين ومستقبلها هما في أن تكون مملكة عربية ومسلمة مستقلة وهو قرار شعب البحرين وحده وليس للعائلة الحاكمة تفرد في اتخاذه. وأي قرار بغير الارادة الشعبية هو قرار مرفوض وسيواجه بكل حزم».
وأفاد شهود عيان بأن آلاف المحتجين حاولوا التوجه الى دوار اللؤلؤ عشية الذكرى الاولى لانطلاق الحركة الاحتجاجية في هذا الدوار، إلا ان قوات الامن تصدت لهم بالغازات المسيلة للدموع والقنابل الصوتية. وحصلت مواجهات بين المتظاهرين وقوات الامن، خصوصا عند دوار القدم على بعد خمسة كيلومترات تقريبا من دوار اللؤلؤ. وتم تسجيل عدد من الإصابات في صفوف المتظاهرين، خصوصا جراء كثافة استخدام الغازات.
وانطلق المتظاهرون من المسيرة المعارضة المرخص لها، كما انطلقوا من عدد من المناطق الأخرى حول البحرين، لمحاولة الوصول إلى دوار اللؤلؤ من اتجاهات عديدة. ورفع المشاركون في المسيرة شعارات منادية بإسقاط الحكومة وإطلاق سراح المعتقلين والتحول نحو الديموقراطية، كما رفعوا أعلام البحرين.
وقال شاهد إن المحتجين تقدموا نحو كيلومترين قبل أن تتمكن قوات الشرطة من وقفهم باستخدام الغاز المسيل للدموع. وتوقفت حركة المرور على الطريق السريع وهو المنفذ الرئيسي إلى العاصمة. وفر المتظاهرون إلى قرى قريبة لإعادة تجميع صفوفهم والعودة مرة أخرى لمواجهة قوات الامن.
من جانبها، قالت وزارة الداخلية البحرينية عبر موقع «تويتر» ان المسيرة المرخصة التي كانت تنظمها المعارضة «خرجت عن سلميتها» متهمة الناشطين بمهاجمة قوات الامن. وقالت رسالة للوزارة على «تويتر» ان «مسيرة الوفاق تخرج عن سلميتها المعلنة، وهناك مشاركون يقذفون رجال الأمن بالمولوتوف والحجارة والشرطة تتعامل معهم بموجب الإجراءات القانونية». كما ذكرت ان «مجموعات من المسيرة المخطر عنها خرجت بشارع البديع الى شارع خليفة بن سلمان، ما أربك المرور، والشرطة تتعامل مع الموقف وفق الضوابط القانونية».
إلى ذلك، قال الخبير الأمني الأميركي جون تيموني الذي استقدمته البحرين، وهو المعروف بـ«شدته»، لـ«إصلاح» جهازها الامني، «هناك تزايد كبير في استخدام المولوتوف (من قبل المتظاهرين). الشرطة ترد على الهجمات التي تجد نفسها معرضة لها». وأضاف «الفتيان يظهرون في مكان ما ويستفزون الشرطة ويرمون المولوتوف والقضبان الحديدية، في الأزقة الداخلية. من الصعب إيجاد أي رسالة سياسية في ذلك. إنه غضب أكثر من أي شيء آخر».
وأشاد تيموني برئيس جهاز الامن المعين مؤخرا طارق الحسن وقال «إنه يفهم أن الإصلاح ضروري، وأنه في أي مؤسسة سيقاوم الناس الإصلاح. نحن في خضم تعزيز عملية التحقيق الداخلي كلياً. إذا كان هناك أي وفاة خلال الاحتجاز من قبل الشرطة، فسيتم التحقيق بها جديا»، مضيفا أنه سيتم تركيب كاميرات تصوير داخل أقسام الشرطة لمراقبة أي انتهاكات محتملة.
المصدر: السفير+ وكالات
إضافة تعليق جديد